زعمت تقارير إسرائيلية أنّ روسيا تمكنت من السيطرة الكاملة على “المجال الالكتروني” للشرق الأوسط وإسرائيل، وقالت إنّ المسافة بين القاعدة الجوية في اللاذقية (قاعدة حميميم)، حيث تقبع القيادة الروسية في سوريا، وتشكل منطلقاً لثلاثين مقاتلة وقاذفة روسية، فضلاً عن قاعدة (التقدم) الجوية العراقية، الواقعة على مسافة 74 كيومتراً غربي بغداد، أضف إلى ذلك المسافة بين قاعدة اللاذقية التي تبعد عن شمال إسرائيل 288 كيلومتراً، صارت تحت السيطرة الالكترونية الروسية.
ولفتت المصادر إلى أنّ التواجد الروسي العسكري في القاعدتين العراقية والسورية يضمن سيطرة روسية كاملة على أجزاء واسعة للغاية من الشرق الأوسط، وأنه لو وضع في الاعتبار نظم الحرب الالكترونية المتقدمة للغاية التي جلبتها موسكو إلى سوريا والعراق، فإن الأمر يعني سيطرة روسية على المجال الالكتروني للمنطقة، وأنه بدون تنسيق كامل معها “لن تستطيع أي قوة جوية أو برية أمريكية أو إسرائيلية العمل من الآن فصاعداً في هذا النطاق بحرّية”.
ويشير مراقبون إسرائيليون إلى أنّ روسيا كانت قد أرسلت في أيلول/ سبتمبر الماضي إلى اللاذقية طائرتي تجسس متطورتين من طراز (إليوشن 20)، والتي تستخدم في مهام الاستخبارات، وتعمل على مسافات بعيدة للغاية، ويمكنها البقاء في الجو 12 ساعة متواصلة، وتعتبر قاعدة استخباراتية طائرة بمعنى الكلمة، حيث تضم عشرات الأجهزة الالكترونية الحديثة التي تستخدم في التجسس ورصد وسائل الاتصالات كافة وتشويشها.
وبحسب المراقبين، تحلق تلك الطائرات على مقربة من إسرائيل، ما يعني أنها ترسل للقيادة الروسية تقييم حالة بشأن ما يحدث ليس فقط في سوريا والجولان، ولكنها تلتقط ما يحدث بالقدس وداخل هيئة الأركان العامة الإسرائيلية في تل أبيب، وفي قواعد سلاح الجو الإسرائيلي في الجنوب، وكذلك مفاعل ديمونا، حيث أن تلك الطائرات قادرة على اعتراض أي نوع من الاتصالات والإشارات.
ويقول موقع التحليلات العسكرية والاستخباراتية الإسرائيلي (ديبكا) أنّ طائرات التجسس الروسية ظهرت في الأيام الأخيرة في قاعدة (التقدم) الجوية العراقية، مضيفاً أنّ موسكو أرسلت مطلع الشهر الجاري على الأقل تسعة حاملات مركبات مدرعة وناقلات جند من طراز (إم تي إل بي)، والتي تستكمل حلقات الحرب الالكترونية الأكثر تقدماً في العالم.
ويذهب الموقع إلى أنّ ناقلات الجند الروسية نشرت على قمة (النبي يونس) على ارتفاع 1562 فوق سطح البحر، ما منح نظم الحرب الالكترونية الروسية نقطة سيطرة كاملة من ناحية موجات التردد (RF)، مضيفاً أنّ هذا الموقع وهذا التكامل بين الطائرات الروسية ونقطة السيطرة في قمة (النبي يونس) لا يسهم فقط في مساعدة سلاح الجو الرّوسي، ومنحه حرية العمل الكاملة في سماء الشرق الأوسط، ولكنه صار قادراً على تحييد القوات المعارضة لنظام الأسد، أو أي قوة تحاول العمل البري في سوريا.
ويقول خبراء الموقع إنّ الجيش الروسي يستخدم منظومة حرب الكترونية تسمى (Borisoglebsk 2)، ملحقة بالمركبات المدرّعة وناقلات الجند، والتي تحمل أجهزة استقبال في غاية الحساسية لموجات التردد في مجالات عمل مختلفة وواسعة طبقاً للطيف الكهرومغناطيسي، ويمكنها أن تشوش وتعترض أي بث إذاعي وموجات التردد العسكرية أو المدنية.
ويشير خبراء الموقع أنّ نظام (Borisoglebsk 2) الروسي هو نظام جديد تماماً، تم ابتكاره في الخمس سنوات الماضية، ودخل مجال العمل للمرّة الأولى عام 2015 خلال الحرب الدائرة في أوكرانيا، لافتين إلى أنّ قرب النظم الالكترونية الروسية من إسرائيل يضع منظومة الاستخبارات والاتصالات الإسرائيلية المنصوبة في هضبة الجولان، ومواقع الإشارة والاستخبارات الأخرى على امتداد شمال الجليل الأعلى والجليل الغربي في خطر حقيقي.
كما يضيف الخبراء أنّ قدرات إسرائيل على تشغيل طائرات من دون طيار، وبخاصة التي تعمل ذاتياً بعد برمجتها، لتمد الوحدات الخاصة على الأرض بشبكة للاتصال، فضلاً عن النظم الجوية والبحرية في الحدود الشمالية لإسرائيل، كل ذلك يقف أمام خطر التعرض للتشويش والعطب من قبل النظم الروسية التي نشرت في سوريا والعراق.