الجمعة  20 أيلول 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

وإن أفتاك الناسُ

2014-02-18 00:00:00
وإن أفتاك الناسُ
صورة ارشيفية
افتتاحية العدد
 
قواعد العشق الأربعون؛ تبدأ أولاها بأن الحقيقة في القلب وليست في الرأس، وتنتهي أربعينُها بأن الانقسامات لا تؤدي إلا لمزيد من الانقسامات. وما بين الأولى والأربعين قواعد أساسُها الأرضُ والماء والريح والنار، الثابتُ والمتغير والمتحرك والمدمرُ. وبين هذه القواعد تبدأُ رحلةُ العشق في مسارب الحياة، والعشق المقصودُ أرفع مما بين المعشوق ومعشوقه، ليصل أسمى ما يكون حين لا تكون الـ «أنا»، أنا؛ بل تصيرُ الـ «أنا»، «أنت»، و»أنت» هنا كل شيء مخلوقٌ حتى يتَّحِد في الخالق. فلا يبقى الثابتُ ثابتاً ولا المتغيرُ متغيراً ولا المتحركُ متحركاً ولا المدمرُ مدمراً، بل يصيرُ الجزُءُ كلاً بالتحام البعض بالبعض، فنسمو.
 ولو أن تنفيذ باطن هذا الأمر سهلٌ ككتابته، لارتاحت البشرية. فعقلُنا في قيد الروح وطبعُنا في قيد الخبز، والعقول في خمار، والأيدي في عجين؛ كما يقول جلال الدين الرومي في أشعاره، فتضيعُ الحقيقة. والحقيقةُ حقيقةٌ حقيقيةٌ. إن بحثنا عنها في زمن الانقسامات والنزاعات والصراعات، لالتبس علينا الأمر، وانخدعنا بأن لا حقيقة واضحة، فالإعلام خادع، والمسؤولون الرسميون نادراً ما يصدقون، والأدلة مزيفة، والقرائن مضللة. لذلك، تتوه الحقيقة، وتتوه وسائلها ووسائل الوصول إليها. لكنها موجودة بكل الأحوال تحت رماد كل التضليل، فأسهل طريق للوصول إلى الحقيقة هي أن تستفت قلبكَ إليها، وإن أفتاك الناسُ وأفتوك.