رولا سرحان
"ما في الجُبَّة أحد"، مطلع قصيدة للشاعر الأردني طاهر رياض بعنوان «حلاّج الوقت» غناها السوري بشار زرقان، والإحالة في القصيدة والأغنية إلى مقولة الحسين بن منصور الحلاّج «ما في الجُبّة إلا الله»؛ الحلاّج الذي قُتل شرَّ قتلة نتيجة لمواقفه من مذهب «الحلول» فسر مذهبه بأن قال: إن قطرة الماء إذا ما سقطت في البحر انحلّت فيه، وقالت: «أنا البحر»، وهو بالتالي قال: «أنا الله» بعد حلوله في الذات الإلهية. موقف الحلاج هذا جلب له المصيبة والويل فأعدم، منذ ذلك الحين تحول عند البعض إلى المثقف ضحية مواقفه، وعند البعض الآخر رمزاً للخروج عن الملّة.
أما إحالتي إلى القصيدة والأغنية والحلاج، إنما لأن أجوبتي لم تأت مقنعةً لكل من سألني قبل صدور الصحيفة عن مصادر تمويلنا، وعن الداعم «السياسي» لها؛ بأن أحدا لا يقفُ وراءها، وأحدا لا يدعمها سياسياً أو اقتصادياً، فالتجربة يُراد لها أن تكون مستقلة، في بلد غير مستقل عن وفي أي شيء، وحسبها أن تنجح فنقولَ نجحنا، وحسبها أن تفشلَ فنقولَ حاولنا!
العاملون في هذه الصحيفة تعاهدوا أن يُحافظوا على مهنيتهم وصدقيتهم ووعيهم بحرية قلمهم واستقلاليته، حتى وإن لم يكُ لهم قسمٌ كقسم أطباء «أبقراط»، إلاّ أني لا أجزمُ بل أضع ظني في محلّه، حين أقول إنهم التزموا أمام أنفسهم باحترام القارئ وعقله ورأيه وذوقه، فوضعوا بين أيديكم هذه الوريقات.
وعليه، نقول لكم نحن العاملين في هذه الصحيفة أنَّ ما في الصحيفة إلاّ نحن، نحنُ الصحيفة!