#الحدث- محمد مصطفى
مع حلول أوائل شهر تشرين ثاني من كل عام، تزداد حركة الطيور المهاجرة وتتسارع، وتصل أسراب جديدة منها إلى السواحل الشرقية للبجر الأبيض المتوسط، خاصة العصافير المغردة، مثل الحسون والنعار والخضري وغيرها.
ويستغل هواة تربية مثل هذه الأنواع النادرة من الطيور فرصة هجرتها، وقضائها وقت قصير في فلسطين، فيبدؤون بنشر شباكهم الأرضية، واستخدام كل الحيل الممكنة، من أجل الإيقاع بها في شباكهم، وصيد أكبر عدد ممكن منها، إما بهدف تربيتها في أقفاص والاستمتاع بجمالها وأصواتها العذبة، أو لبيعها لمواطنين يهوون تربيتها.
طيور ملاحقة
وفي الكثبان الرملية والمناطق السهلية المنتشرة غرب محافظتي خان يونس ورفح، أقصى جنوب قطاع غزة، ينتشر الصيادون الهواة، بعد أن نصبوا شباكاً أرضية، يتم ربطها بحبال طويلة، وشدها حين تقف العصافير في وسطها، لتطبق عليها وبالتالي الإمساك بها.
واللافت أن الصيادين وهم كثر، باتوا يستخدمون تقنيات صيد حديثة، مثل الهواتف الذكية، أو أجهزة الموسيقي "M.P.3"، محفوظ عليها أصوات للطيور، إلى جانب وضع أقفاص بها طيور مغردة.
ويقول أحمد أبو عايش، أحد هؤلاء الشبان، بمجرد أن نرى أو نستمع إلى صوت عصفور أو مجموعة من العصافير في الهواء، ونحدد نوعها، نقوم بتشغيل تسجيل صوتي لعصفور من نفس النوع، ويساعدنا العصفور المغرد في القفص في المناداة عليها، ومع وجود أكثر من صوت في نفس الوقت، تأتي الطيور تجاه الشبكة، وحين تقترب، نقوم بشد خيط موصول في نهايته عصا عليها عصفور مربوط بإحكام، ومدرب على القيام بحركات تشبه هبوط الطيور على الطعام، حينها تهرع العصافير فتهبط إلى جانبه، فنقوم بشد الحبال وصيدها.
طيور مغردة
أما الصياد عبد الكريم حسنين، فأكد أن فترة هجرة العصافير المغادرة قصيرة، ولا تتجاوز الثلاث أو أربعة أسابيع، لذلك فهو يحرص على استغلالها، ويخرج في رحلات صيد شبه يومية برفقة عدد من أصدقائه مبكراً، ويقصدون إما البساتين التي تقع بجوارها أراضي مفتوحة شرق القطاع، أو السهول القريبة من شاطئ البحر.
ونوه حسنين، إلى أن هدف كل صياد هو عصفور الحسون المغرد، ذو الرأس الحمراء والجناحان الذهبيان، فهو عصفور مميز في شكله وصوته، وثمنه مرتفع.
وبين حسنين أن الحسون لم يعد مستوطناً في بلادنا، وانقرض من قطاع غزة منذ أكثر من عقدين، وصيده يتم فقط في موسم الهجرة، مبينا أن الصياد الذي يحالفه الحظ ويقع في شبكته حسون أو أكثر يكون محظوظ، ويتهافت زملائه لتهنئته، ومشاهدة صيده، والاستمتاع بمنظرها الخلاب.
ولفت إلى أنه وإلى جانب الحسون، يتم صيد النعار والخضري والبسبس، وجميعها طيور مغردة وجميلة، لكنها تقع في درجة أقل من الحسون.
إما الشاب إياد حمزة، فأكد أنه كان يهوى الصيد، لكن نظراً لانشغالاته لم يعد يخرج في رحلات سوى نادراً، ورغم ذلك فهو يتوجه لصيادين وملاك محال طيور زينة، ويبحث عن بعض أنواع العصافير لشرائها.
ولفت حمزة إلى أنه يجمع الطيور المهاجرة الجميلة، ويضعها في قفص كبير إلى جانب طائر الكناري المغرد، ليستمتع بمشاهدتها ويستمع إلى صوتها الجميل، معرباً عن قلقله من اتساع عمليات صيدها على نحو واسع، لما لذلك من مخاطر مستقبلية، قد تتسبب في انقراض بعض الأنواع منها كما حدث مع الحسون.
يذكر أن هناك عمليات صيد جائرة وغير مراقبة للطيور المهاجرة في قطاع غزة، التي تبدأ بالوصول إلى سواحل القطاع في شهر أيلول، ويتواصل تدفقها حتى نهاية تشرين ثاني من كل عام.