الأحد  24 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

في العدد 51: ترانسفير القدس ينفذ بهدوء..الاحتلال وضع المخططات منذ سنين وحان موعد التنفيذ

2015-11-10 10:22:52 AM
في العدد 51: ترانسفير القدس ينفذ بهدوء..الاحتلال وضع المخططات منذ سنين وحان موعد التنفيذ
صورة ارشيفية

 

الحدث- رام الله

القدس اليوم هي قاب قوسين أو أدنى من تنفيذ سلطات الاحتلال الإسرائيلي نكبة جديدة فيها، أو كما فضل البعض تسميتها مجزرة... ولسان حال كل حي من أحيائها وشوارعها وأزقتها يشكو التهويد والسطو المسلح على ما تبقى من جغرافيتها.

مؤسسُ الصهيونية تيودور هيرتسل قال يوماً: "إذا حصلنا يوماً على مدينة القدس، وكنتُ لا أزالُ حياً وقادراً على القيام بأي عمل، فسوف أزيل كل شيء ليس مقدساً لدى اليهود فيها، وسوف أحرق جميع الآثار الموجودة ولو مرّت عليها قرون".

ومقولة هيرتسل تطبق اليوم على أرض الواقع، والمخططات الصهيونية وحملات التهويد التي نشاهدها تدلل على أن كل ما يحصل في الأراضي الفلسطينية هو مخطط ومدروس، ولعل أخطره ما صرح به رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنه يخطط لسحب بطاقات عشرات آلاف المقدسيين ممن يسكنون خارج جدار الضم والتوسع.

الدكتور جمال عمرو الخبير في شؤون القدس يقول لـ "الحدث" إن قضية إخراج المقدسيين من القدس المحتلة هي واحدة من أهم المخرجات للمخططات الصهيوينة وهي جوهر الصراع، مشيراً في ذات الوقت إلى أن المشروع الصهيوني قام على ثلاث قوائم، وهي: "لا قيمة لإسرائيل بدون أورشليم، ولا قيمة لأورشليم بدون جبل الهيكل"، وجبل الهيكل بالنسبة لهم هو المسجد الأقصى"، وهذا يعني الاستيلاء والسيطرة على المدينة المقدسة والمسجد الأقصى المبارك.

يشير الدكتور عمرو إلى إن مخطط نتنياهو، والقرارت التي يتم بحثها في أروقة المسؤولين الإسرائيلين تدلل على أن المعطيات القادمة لهذه القرارات خطيرة جداً وخاصة فيما يتعلق بتهيجر عشرات آلاف المقدسيين.

ويرى الخبير في شؤون الاستيطان أن الحكومة الإسرائيلة تعد لمحاكمة الفلسطينين والتخلص منهم عن طريق قرارات رعناء وهمجية، مشيراً إلى أن اتهام مفتي القدس الراحل أمين الحسيني وتبرئة هتلر من النازية التي تدعيها الصهيونية لم تأتِ من فراغ.

ويضيف: "نتنياهو اتبع تصريحاته حول الحسيني بضرورة التخلص من المقدسيين ممن هم خارج الجدار، وهذا بالنهاية هدفه واحد، وهو الانفراد بالقدس والمسجد الأقصى وبناء الهيكل المزعوم وبناء المزيد من أحياء المستوطنين فيما يسمونه "جبل الهيكل"".

وفيما أعرب الدكتور جمال عمرو عن اعتقاده أن هذا القرار لن ينفذ بالمطلق، اعتبر مسؤولون ومتابعون أن نتنياهو سينفذ مجزرة بحق المقدسيين، وهو لن يتوانى عن ذلك وينتظر اللحظة المناسبة، ويضيف عمرو: "أن نتنياهو مفلس سياسياً على المستويين المحلي والعالمي، وقراراته همجية ولم يعد يرغبها الغرب، وخاصة الحليف الاستراتيجي له وهو الولايات المتحدة الأمريكية".

وفيما لو نفذ هذا القرار يقول الدكتور جمال عمرو: "لا نتوقع أن يتم التخلص من السكان المقدسيين، ولو تم ذلك فهو كارثة حقيقية، سينفرد اليهود بالقدس وتحديداً بالأقصى وينفذون مخططاتهم".

عيسى: خطط موضوعة مسبقاً والحكوات الإسرائيلية تطبقها

من جهته، الدكتور حنا عيسى أمين عام الهيئة الإسلامية المسيحية يقول إن رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو والحكومات الإسرائيلية السابقة شرعت منذ عشرات السنين بطرد المقدسيين من المدينة المحتلة، مشيراً إلى أنه ومنذ عام 1967 سحبت هويات 14087 هوية مقدسية، مبيناً أن السلطات الإسرائيلية ترفض تسجيل نحو 20 ألف طفل بهويات أمهاتهم أو آبائهم.

ويؤكد عيسى أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي لم تتوقف عند هذه الإجراءات فقط بل قامت ببناء الجدار العازل وفصلت 125 ألف مواطن فلسطيني يحملون الهويات المقدسية وهي في سباق مع الزمن في سحب الهويات وخاصة من خلال القرارات الأخيرة فيما يتعلق بسحب هويات ذوي منفذي العمليات وهي سياسة مبرمجة.

ويشير أمين عام الهيئة الإسلامية المسيحية إلى أن هذه القرارات والخطط ليست وليدة اللحظة، وإنما هناك خطط مدروسة وموضوعة وهي قيد التنفيذ، مشيراً في هذا الإطار إلى أن هناك خطة إسرائيلية تقضي بألا يزيد عدد الفلسطينيين في سنة 2020 عن 12%، فيما الغالبية العظمى من السكان هم من المستوطنين. ويقول إن إسرائيل تستند إلى قانون دخول إسرائيل عام 1952 والتعديلات التي أجريت عليه عام 1974 والتي تعطي الحق لوزير الداخلية الإسرائيلي بسحب الهويات من المقدسيين ضمن 3 شروط.

من جانبه يقول الدكتور عكرمة سعيد صبري خطيب المسجد الأقصى المبارك ورئيس الهيئة الإسلامية العليا إن سياسة الاحتلال في القدس المحتلة تصب في حرب ديموغرافية سكانية ضد مدينة القدس.

ويضيف لـ "الحدث": "الاحتلال يحارب الزيادة المضطردة للمواطنين المقدسيين، وعليه فإن ما يطرحه رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو هو تقليل عد سكان القدس وضرب المصالح الاقتصادية التجارية وإضعاف التواجد العربي والإسلامي والمسيحي في هذه المدينة، وبالتالي يريد محاصرة المسجد الأقصى المبارك".

كما استبعد الشيخ صبري أن تقوم سلطات الاحتلال الإسرائيلي بتنفيذ هذا المخطط للصعوبات التي تعترض التنفيذ، مشيراً إلى أن 120 ألف مقدسي سيقفون سداً منيعاً أمام هذا المخطط لأنه يستهدفهم.

وأوضح الشيخ صبري أن مدينة القدس لا تزال تحت الاحتلال ولا يجوز لرئيس وزراء الاحتلال أن يشرعن أي قانون يمس الوضع الراهن في مدينة القدس المحتلة.

ومنذ احتلال "إسرائيل" للأراضي الفلسطينية عام 1967 "الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة" قامت باتباع سياسة بناء المستوطنات ومصادرة الأراضي الخاصة والعامة وكذلك اتباع سياسة التهجير والإبعاد وخلق وقائع جديدة تجري في صورة تغييرات جغرافية وسكانية "ديموغرافية" وخاصة في القدس، لتنتقل بعد ذلك إلى تقسيم المسجد الأقصى المبارك زمانياً ومكانياً.

من جانبه، يقول مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية زياد الحموري: "إنه بالنسبة للإسرائيليين فإن المعيق لديهم هو الوجود الفلسطيني أو ما يسمونه الموضوع الديموغرافي".

ويضيف الحموري: "الإسرائيليون يؤرقهم الموضوع الديموغرافي وهم يشنون حرباً ضده، وتحديداً في القدس المحتلة لإفراغها من ساكنيها، وهم يتبعون طرقاً عديدة من أجل تحقيق ذلك من ضمنها الحصار الاقتصادي".

ويشير مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية زياد الحموري إلى أن الملف الديموغرافي بالنسبة للإسرائيلين ليس بجديد وأن إخراج آلاف المقدسيين مرتبط بأفكار سابقة كان صرح بها وزير الجيش السابق أيهود أولمرت إبان حكومة أرئيل شارون حينما تكلم عن تسليم مناطق مثل الطور وصور باهر والعيسوية للسلطة الفلسطينية ما يعني أن هناك مخططاً ويمكن أن ينفذ في أي دقيقة.

ويعتبر الحموري أن سماح سلطات الاحتلال للبناء العشوائي في المناطق المحيطة بالقدس هي خطة مقصودة ومدروسة ونجحت في إخراج آلاف المواطنين الفلسطينيين من القدس.

ويضيف أن هذه الطريقة استعملت في السابق لبلدة الرام ومن ثم تم إخراجها مرة واحدة من حدود القدس، إضافة إلى أجزاء من رأس العمود قامت سلطات الاحتلال بإعطائهم قروض بلدية، وبعد أن قاموا بالبناء اعتبروها أيضاً خارج حدود القدس، أي أنهم كل فترة يقومون بإخراج مجموعة من المقدسيين.

ويضيف: "بكل سهولة من خلال تعديل قوانينهم وبقرارات حكومية يخرجون المناطق التي يريدونها من حدود القدس، وبالتالي فتح المجال أمام تهجير آلاف المقدسيين".

وحول عدد الفلسطينيين الذين يحملون الهويات المقدسية يشير الحموري أنه، وحسب التقديرات الإسرائيلية، يبلغ 310 آلاف منهم و120 ألفاً خارج حدود البلدية، أي الذين يريد نتنياهو سحب الهويات منهم.

ويضيف الحموري: "أنه لم يكن هناك تواجد لأي يهودي في القدس الشرقية قبل العام 1967 فيما يبلغ الآن عددهم نحو 210 آلاف مستوطن، ومخططهم أن يستجلبوا في العام 2020 نحو 300 ألف مستوطن.

ويشير مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية أن نتنياهو في حال نفذ خطته بسحب الهويات من المقدسيين فإن عدد الذين سيبقون في القدس المحتلة هم  من 80 ألف فلسطيني لخدمة 500 ألف مستوطن.

إسرائيل نفذت مخططاتها بهدوء

"إسرائيل نفذت ترانسفيرا هادئا في القدس، وخلال السنوات الماضية سحبت سلطات الاحتلال الإسرائيلي من 14 ألف عائلة مقدسية هوياتها تحت حجج قوانين الإقامة ومنع البناء وسحب التراخيص"، هذا ما يؤكده مسؤول ملف القدس في الرئاسة المحامي أحمد الرويضي.

ويقول الروريضى لـ "الحدث": "إسرائيل تسعى لتقليص الوجود الفلسطيني في القدس وهو ما تجلى من خلال ضم القدس وتطبيق القرارات على المقدسيين، بدأ من منع البناء العربي والاستيلاء على الأراضي والعقارات ومحاصرتها بالاستيطان".

ويضيف الرويضي: "سلطات الاحتلال الإسرائيلية ومن خلال القوانين التي أقرتها سمحت للفلسطينيين بالبناء على ما مساحته 12% فقط من أراضي القدس الشرقية، فيما سمحت للمستوطنين بالبناء على ما مساحته 42%، مشيراً إلى أن عدد اليهود كان في عام 1967 في القدس الشرقية صفر، فيما عددهم الآن يبلغ نحو 220 ألف مستوطن في القدس الشرقية وحدها".

نتنياهو ينتظر اللحظة السياسية المناسبة لينقض على القدس وقد حانت

ويحذر الرويضي من أن إسرائيل سترتكب مجزرة في القدس، وهي تنتظر لحظة سياسية معينة لإلغاء إقامات عشرات آلاف المقدسين ممن هم خارج ما يسمى حدود البلدية أو الأحياء والبلدات التي تقع خارج حدود الجدار، إضافة إلى تنفيذ عمليات هدم جماعية لأكثر من 20 ألف منزل مهددة بالهدم وعليها قرارات في المحاكم كالمنازل التي تقع في بلدة سلوان.

ويعتبر المحامي أحمد الرويضي أن اللحظة التي ينتظرها رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو جاءت للتخلص من المقدسيين، فهم الذين وقفوا في وجه مخطط التقسيم الزماني، وهم الذين قادوا الهبة الشعبية رفضاً لذلك، فرأى أن اللحظة المناسبة للإعلان عن هذا القرار بسحب إقامات 3 أحياء بالكامل في القدس وهي مخيم شعفاط والسواحرة الشرقيىة وكفر عقب عوضاً عن أحياء أخرى مثل الرام وسميراميس والضاحية وغيرها.

ويشير الرويضي إلى أن البرنامج السياسي الإسرائيلي منتظم منذ عام 1967 ويطبق تدريجياً، ونتنياهو ينتظر لحظة لارتكاب مجزرة ديموغرافية في القدس بهدم آلاف المنازل وسحب هويات عشرات آلاف المقدسيين، مضيفاً أن سياسات سلطات الاحتلال الإسرائيلي المتبعة في القدس تعطي إشارات واضحة على ذلك مثل الحواجز الموجودة وملاحقة الناس في حياتهم الاقتصادية والاجتماعية وكلها دلالات على قرب الإسرائيليين من تنفيذ مخططاتهم بإزالة أحياء كاملة.

ويرى مسؤول ملف القدس في ديوان الرئاسة أن تصريحات بنيامين نتنياهو حول القدس ليست مجرد تهديد، بل صدرت عن أعلى رأس هرم في دولة الاحتلال، مشيراً في هذا السياق إلى قضية التقسيم الزماني والمكاني للأقصى، والتي كانت تدعي الحكومة الإسرائيلية أن من تطالب به الجماعات الاستيطانية المتطرفة، وبعد ذلك حصل التقسيم المكاني ومن ثم الزماني إلى أن ثبت أن الحكومة الإسرائيلية هي من كانت تدعمه وتقف وراءه.

ويتابع الرويضي: "تصريحات نتنياهو بشأن سحب هويات عشرات آلاف المقدسيين جدية وهي تأتي في إطار سياسة ممنهجة وبرنامج سياسي منظم يهدف إلى طرد الناس من القدس لأغراض تنفيذ المشروع الإسرائيلي وتحويل القدس إلى مدينة يهودية".

ما يحصل هو تنفيذ لمخطط وضع عام 1974

"عندما يقلص الوجود السكاني العربي في القدس يعتبر نتنياهو أن سيطرته تصبح أقوى بالنسبة للسيطرة على الفلسطينيين"، حسبما يقول الرويضي، ويتابع: "نتنياهو يسعى لضم الأراضي التي بها نقص في عدد السكان الفلسطينيين، لذلك وضع يده على المناطق الجنوبية للقدس كمناطق في بيت لحم مثل الولجة وبيت جالا ومرج التلال، وهو يأتي ضمن برنامج جغرافي وديموغرافي وضعوه في العام 1974".

ويشير الرويضي إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يعمل بصورة تصاعدية على تنفيذ هذه الخطة لجعل المقدسيين أقلية لا تتجاوز 15% من سكان القدس، مبيناً أن عددهم الآن هو 38% من حجم السكان في القدس، ونتياهو يخطط لطرد 20% منهم، وبالتالي هو يبحث عن طرد أحياء بالكامل وهو ما يؤثر على الطبيعة الديمغرافية.

التصريحات حول الحسيني ليست من فراغ

ويؤكد مسؤول ملف القدس في الرئاسة أحمد الرويصي أن تصريحات نتنياهو فيما يتعلق بالمفتي
أمين الحسيني ومسؤوليته عما حل باليهود في رواياتهم إبان الحرب العالمية الثانية، لم تكن عبثاً وإنما مقصودة، وهي ضمن المخطط الحالي الذي صرح به نتنياهو لسحب إقامات عشرات آلاف المقدسيين.

ويضيف الرويضي أن تصريحات نتنياهو حول المفتي هدفها واحد من اثنين: الأول تحميل مسؤولية عن ما حصل لليهود للفلسطينين وبالتالي أمام المستوطنين للانتقام منهم وهو ما بات واضحاً ويترجم من خلال القوانين الإسرائيلية الأخيرة من خلال عمليات الإعدام والاعتقالات والانتقام من كل ما هو عربي أو أن يكون لها علاقة بيهودية الدولة وما يحاول نتنياهو أن يثبته في المفاوضات.

ومنذ حرب الخامس من حزيران عام ألف وتسعمئة وسبعة وستين والحركات الصهيونية تعمل جاهدة ليل نهار لتنفيذ مخططها بجعل القدس العاصمة الموحدة ليس لإسرائيل فحسب بل ليهود العالم، ولذا فهي تحظى بمنزلة أفضلية قومية بكل شيء.