الإثنين  25 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

رأيٌ في مقالة د.سلام فياض|بقلم تيسير الزبري

2015-11-10 06:42:23 PM
رأيٌ في مقالة د.سلام فياض|بقلم تيسير الزبري
صورة ارشيفية

 

لم يخضع المقال الذي كتبه د.سلام فياض، رئيس الوزراء الفلسطيني السابق تحت عنوان "وداعاً للبكائيات" إلى قراءة سياسية واسعة، بالرغم من انتشارها بشكل واسع. ربما، وليسمح لي د.فياض، أن تعدد العناوين التي تناولها في المقالة المذكورة، وتشابك وغموض البعض منها وكذلك الاستطرادات الواسعة بين الأفكار والجمل قد أدت إلى عدم النقاش المنشود!

لقد حاولت قراءة الأفكار الواردة في المقال المذكور وقد توصلت إلى الملاحظات التي سوف ترد، دون إنكار إمكانية عدم الفهم الكافي من طرفي لما تمت قراءته.

أولاً: لقد حسم د.فياض الوصف السياسي للهبة الجماهيرية الحالية في وجه الاحتلال، وأطلق عليها صفة انتفاضة شعبية متكاملة، وقد استند في ذلك إلى وضعها في سياق تاريخي للصراع مع الغزو الصهيوني منذ عشرات العقود، وهي إشارة هامة من الزاوية التاريخية تشير إلى أن الشعب الفلسطيني لم يسكت يوماً على الاحتلال، وسوف يستمر في المقاومة إلى أن تتحقق أهدافه في الحرية والاستقلال. من الضرورة الإشارة إلى أنه، وبالرغم من الهدف النبيل والضروري للشعب الفلسطيني، لكل من الثورات التي ذكرها أن لها خصائصها العملية وأهدافها والقوى المحركة لها، وكان لكل منها نتائجها المختلفة، هناك من نجح منها، بشكل نسبي، وهناك من واجه الفشل، بل إن هناك من أُفشل وانقسم  وخضع لمؤثرات داخلية وخارجية، لا مجال لذكرها في هذه المقالة. أما مواصفات هذه الهبة الجماهيرية "الانتفاضة"، فهي حركة وإن كانت دوافعها مواجهة الاحتلال والرد على جرائم المستوطنين، فإن الطابع العام لها هو العفوية والمبادرات الشبابية، كمجموعات، تختار أساليب المقاومة كما ترى وتجتهد، وهي بهذه الطرق وفي ظل الدعوة لتركها دون توجيه وطني مهددة بالفشل. لا بد حتى تنجح في تنظيمها وتوحيد برنامجها، الاستقلال ومقاومة الاستيطان وإنهاء الانقسام الداخلي..." من اكتمال شروط أخرى لنجاحها. إذا ما استمر الوضع دون توجيه وتوحيد للجهود الوطنية فهناك خشية من الاقتصار على تقديم التضحيات دون نتائج سياسية، حتى هذا اليوم لم يجر استخدام السلاح، لكن ذلك ليس مستبعداً إذا ما تُركت الأمور للعفوية والمبادرات الفردية أو انعكاساً لصراعات القوى!

ثانياً: إن الإقرار من شخصية سياسية واقتصادية هامة مثل د.فياض بفشل اتفاق أوسلو هي إشارة هامة، لكن ذلك لا يبررعدم تخصيص جزء من الإشارة إلى اتفاق باريس الاقتصادي، والاتفاقات الأمنية (وهي اتفاقات لصالح الاحتلال )، وهناك شبه إجماع وطني على التخلص منها أو تعديلها في الحد الأدنى.

د.فياض يشير في أكثر من موقع إلى ضرورة تجاوز اتفاق أوسلو من خلال مجموعة من الخطوات العملية التي تؤكد على حقوقنا في إقامة دولة في حدود العام 67. وجهة النظر النقدية تجاه ذلك الموقف تستند إلى أن موازين القوى في الصراع مع الاحتلال وإلى الوضع الداخلي الفلسطيني والتفريط بالقرارات الدولية وعدم متابعتها مثل قرار محكمة لاهاي الدولية بخصوص جدار الفصل والاستيطان الزاحف على أرض الدولة الفلسطينية لا تساعد على التخلص منها. أن الاستعاضة عن معالجة أوضاعنا الداخلية وإعادة فتح ملف كل الاتفاقات مع الاحتلال  بالعمل على تجاوزها، وكأنها لم تكن، إنما تندرج في إطار التمنيات ليس أكثر!

ثالثاً: المهمات المباشرة المستخلصة من مقالة د.فياض تقتضي التنويه لها مثل الدعوة إلى تفعيل القرار الفلسطيني بدور مفترض للإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية، هي دعوة هامة بالرغم من أن د.فياض يُحمّل هذا الإطار مهمات أكثر مما هو مقرر (مهمات الإطار هي بإعادة تطوير البناء الداخلي الفلسطيني وهيئات المجلس الوطني واللجنة التنفيذية...الخ)، كما تطرقت الورقة، المقال، إلى ضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية والتحضير لإجراء انتخابات فلسطينية شاملة (مجلس تشريعي ووطني ورئاسة)، لكن هذه الأهداف النبيلة لا يمكن تحقيقها إلا بتنفيذ الاتفاقات بخصوص إنهاء الانقسام والعمل الجاد بحل المشاكل العالقة... وهو الهدف الذي يطلقه شباب الانتفاضة ويدفعون من أجله أرواحهم الغالية..!

في النهاية (وبحدود هذه المقالة)، فإن الاجتهادات التي خرج بها د.فياض تستحق الاهتمام، خاصة وأن صاحب "وداعاً للبكائيات" صاحب تجربة فردية وليس صاحب تجربة سياسية حزبية (حسب ظني) سابقة لتجربته في موقعه المسؤول في رئاسة الحكومة الفلسطينية، وهو لهذه المساهمة يستحق كل تقدير.