الحدث - وكالات
يتضح من التقارير الإسرائيلية أن جيش الاحتلال يستعد لمواجهة 'انتفاضة متواصلة' في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس المحتلة، وذلك من خلال استعداداته لتجنيد عشرات الآلاف من جنود الاحتياط في مطلع العام 2016.
كما يتضح أن جيش الاحتلال أرسل أوامر تجنيد، وصلت هذا الأسبوع، إلى الجنود في 4 كتائب احتياط، بدءا من مطلع كانون الثاني/ يناير، بهدف القيام بنشاط عملاني في الضفة الغربية، الأمر الذي اعتبره المحلل العسكري لصحيفة 'هآرتس'، عاموس هرئيل، على أنه مجرد البداية، وأنه رغم أن "إسرائيل" الرسمية تدعي أن الحديث عن 'تصعيد متواصل' أو 'تفجر محدود' إلا أن الجيش يستعد لـ'انتفاضة' ثالثة، وينوي تجنيد المزيد من الاحتياط.
وتشير تقديرات إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يستعد لتفعيل نحو 70 كتيبة احتياط في العام 2016 في الضفة الغربية، في نشاط عملاني لم يخطط له مسبقا، وبتكلفة تقدر بـ300 مليون شيكل.
يشار في هذا السياق إلى أن وثيقة الشاباك التي نشرت، هذا الأسبوع، والتي تحاول تحليل نماذج منفذي العمليات، بدون القول إن الاحتلال هو السبب، ادعت أن 'المحفزات نابعة من إحساس بالإضطهاد القومي والاقتصادي والشخصي، ومن مشاكل شخصية ونفسية'.
وتنضاف وثيقة الشاباك هذه إلى أقوال رئيس شعبة الاستخبارات في الجيش، هرتسي هليفي، في جلسة الحكومة والتي قال فيها إن 'أحد أسباب الإرهاب الحالي هو الإحساس بالغضب والإحباط في وسط الفلسطينيين، وخاصة الأجيال الشابة الذين يشعرون أنه ليس لديهم ما يخسرونه'.
ويشير هرئيل، في هذا السياق، إلى أن هذه التحليلات تتناقض مع ادعاءات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، بأن 'الإرهاب ينبع من الرغبة في القضاء على "إسرائيل"، وليس من الإحباط نتيجة عدم التقدم في العملية السياسية'.
وبرأي الكاتب فإن إحدى الصعوبات في مواجهة الانتفاضة الحالية، لا تتصل بـ'هزيمة الإرهاب'، وإنما بمركبيها التقليديين، في عقيدة "الأمن" "الإسرائيلية"، حسبما صاغها دافيد بن غوريون: الإنذار والردع، وذلك لأن غالبية منفذي العمليات، بحسب تحليلات الاستخبارات العسكرية والشاباك ومكتب منسق عمليات الحكومة الإسرائيلية في الأراضي المحتلة عام 67، هم شبان صغار يعملون لوحدهم وغير منظمين في صفوف أي تنظيم، وليس لديهم أي ماض أمني، ما يعني أن أساليب إحباط العمليات التقليدية ليست ذات صلة.
وضمن الاقتراحات التي تعرض لمواجهة الانتفاضة الحالية، هو نشر شبكة أخرى من كاميرات الرصد، وخاصة في الشوارع والمحاور المركزية في الضفة الغربية، بما فيها القدس المحتلة، والتي قد تتيح المعاينة المسبقة لمحاولات تنفيذ عمليات.
كما يعرض مركب آخر ذو صلة وهو متابعة الإنترنت، بادعاء أن جزءا أساسيا من "التحريض" يتم عن طريق شبكة الإنترنت، ما يتيح تراكم "إشارات مسبقة" لنوايا شبان صغار تنفيذ عمليات.
وينضاف إلى ذلك متابعة أفضل لشبكات التواصل الاجتماعي الفلسطينية.
أما بالنسبة لعامل الردع، بحسب هرئيل، فيبدو أن "إسرائيل" تواجه مشكلة في بلورة موقف، إذ أنه بعد 10 سنوات من معارضة هدم منازل منفذي العمليات، فإن أجهزة الأمن غيرت رأيها في السنة الأخيرة، وتقدم اليوم توصياتها بهدم المنازل كخطوة رادعة.
أما الخطوة الثانية التي اتخذت بناء على تعليمات المجلس الوزاري المصغر فهي عدم تسليم جثث منفذي العمليات، رغم أن الغالبية ذات الصلة بهذه القضية تعارض ذلك، بمن فيهم وزير الأمن موشي يعالون، باعتبار أن الحديث عن إجراء غير مجد، وإنما العكس، حيث أن الغضب، وخاصة في الخليل، ينبع من عدم تسليم جثث الشهداء. ويتضح أن نتنياهو يجد صعوبة في التراجع عن القرار، ليتجنب الضغط السياسي من قبل اليمين.
ويقول هرئيل، إنه بالنظر إلى الجانب الفلسطيني، فإن "إسرائيل" قلقة من ظاهرتين: الأولى أن "وتيرة العلميات الحالية وشدتها مريحة جدا للسلطة الفلسطينية لكونها تجبي ثمنا يوميا من "إسرائيل" دون أن تشكل أي خطر على استمرار نفوذ السلطة في المدن الفلسطينية، وبالتالي فإن السلطة الفلسطينية ليس لديها مصلحة حقيقية في العمل بشكل حازم في وقف العنف".
أما الظاهرة الثانية فهي أنه "يبدو أن حركة حماس تبحث عن عملية درامية، مثل عملية إطلاق نار على نطاق واسع، أو عملية انتحارية يكون مصدرها الضفة الغربية، بحيث تكون قادرة على دهور الأوضاع أكثر وبشكل ملموس".
ويخلص هرئيل إلى نتيجة أن "مدة وعدد ووتيرة العمليات تزيد عن الموجات السابقة في الضفة والقدس قبل سنة وقبل سنتين. هي انتفاضة منفذين أفراد، ينطلق كثيرون منهم بدافع اليأس، وبناء على قرار اتخذ خلال فترة زمنية قصيرة، وغير مرتبط بالضرورة بالوضع الاقتصادي لعائلاتهم".
ويعتبر أن استخدام مصطلحات مثل "موجة إرهاب" و"تصعيد" ينطوي على درجة من التضليل، حيث أن الوضع الجديد مماثل لـ انتفاضة أكثر من أي تعريف آخر.
وبالمقارنة مع انتفاضات سابقة، يقول هرئيل إن أجهزة "الأمن" "الإسرائيلية" مستعدة ومنظمة أكثر لمواجهة هذا التهديد مقارنة مع "المفاجآت" التي أصيبت بها في الماضي. كما أن السلطة الفلسطينية وأجهزة أمنها لا تزال تعمل بشكل جزئي، وتحافظ على درجة من التنسيق الأمني مع "إسرائيل".
ويضيف أنه "ربما يكون الأهم هو أنه بسبب الذبح المتبادل في سورية والعراق واليوم، والذي يستمر على نطاق واسع، فإن درجة التفات العالم العربي والمجتمع الدولي إلى ما يحصل هنا لا تزال منخفضة".
المصدر : عرب 48