#الحدث- سلام السعدي
يعتبر تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" الوحيد تقريباً الذي يقوم في المناطق التي يسيطر عليها بتقديم الخدمات العامة للسكان، فيعيد تمديد شبكات الكهرباء والماء، ويعبد الطرقات، وينير الشوارع الرئيسية، ويرمم مؤسسات تعليمية وجامعات وإدارات خدمية عامة (بمواصفات التنظيم المتطرف). الأهم من كل ذلك أنه يصب ملايين الدولارات شهرياً على عملياته العسكرية. ومن المعلوم على نطاق واسع أن المقاتل مع التنظيم يتمتع بأعلى راتب شهري، فمن أين له هذا؟
تجارة النفط
بحسب تقرير صادر عن المنتدى الاقتصادي السوري، يعتمد تنظيم "داعش" بصورة رئيسية على تجارة النفط من أجل تمويل نشاطاته العسكرية والمدنية. وفي حين تشير بيانات صادرة عن الحكومة السورية المؤقتة إلى أن التنظيم يسيطر على نحو 80 % من حقول النفط والغاز في سورية. ويوضح تقرير المنتدى الاقتصادي السوري مناطق سيطرة داعش على النحو التالي: "يسيطر على حقول النفط الرئيسة في محافظة دير الزور مثل حقل الورد، التنك، وحقل العمر وهو أحد الحقول الكبيرة وأفضلها من حيث جودة النفط المستخرج. كما يسيطر على حقل التيم، الجفرة، معمل غاز كونيكو".
ولاستخراج النفط من تلك الحقول، يقوم التنظيم باستخدام المعدات الموجودة سابقاً قبل سيطرته، كما يعتمد على "تكرير النفط بطرق بدائية، عبر استخدام أسلوب الحرق". وعن سبل بيع الإنتاج النفطي، يقول مدير المنتدى الاقتصادي السوري تمام البارودي لـ "العربي الجديد": "يقوم التنظيم ببيع النفط إلى تجار النفط الموجودين بالمنطقة الشرقية من سورية بسعر أقلّ كثيراً من السعر العالمي. ومن أجل كسب ولاء بعض العشائر فقد ترك لها التنظيم موارد بعض آبار النفط الصغيرة، كما أنه يقوم ببيع النفط للنظام السوري، وبمحاولة تهريبه نحو الأراضي التركية". ويضيف: "من الصعب تحديد قيمة المداخيل التي تدرها تجارة النفط السوري على التنظيم بشكل دقيق، لكن التقديرات تتحدث عن موارد تتراوح بين 1.2 مليون إلى 5 ملايين دولار يومياً".
لكن النفط هو مجرد مورد واحد من سلسلة موارد تدر أموالاً طائلة على التنظيم الذي استفاد بشدة من انتشار اقتصاد الحرب في سورية، فشرع يجني نسبة كبيرة من إيراداته بالاعتماد على عمليات النهب والسلب ودفع الفدية بعد اختطاف الأجانب على وجه خاص، بالإضافة إلى اقتطاع الإتاوات ليسمح بمرور الأشخاص والبضائع من مناطق سيطرته.
يقول تقرير حديث صادر عن كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية (LSE) إن التنظيم "يعطي الأولوية للسيطرة على الموارد الاستراتيجية في جميع تحركاته العسكرية داخل سورية، ويشمل ذلك السيطرة على الموارد النفطية ومحطات الكهرباء والموارد المائية وكل ما هو مطلوب لتوفير الخبز بما في ذلك المطاحن والمخابز". كما يحصل التنظيم على جزء من تمويله من خلال تقديم "خدمات العبور أو الترانزيت" للحكومة السورية ولغيرها من اللاعبين المحليين. وكمثال على ذلك يقول التقرير إن التنظيم يسمح للحكومة السورية بنقل محصول الحبوب من مناطق سيطرتها في محافظة الحسكة مروراً بمناطقه وصولاً لمناطق أخرى في سورية مقابل الحصول على 25 % من حمولة كل شاحنة تمر في مناطقه، بالإضافة إلى كل ذلك تعتبر تجارة الآثار من مصادر الدخل الأساسية للتنظيم.
ولا تقتصر شبكة داعش الاقتصادية على استغلال الموارد الطبيعية التي يسيطر عليها التنظيم ولا على اقتصاد الحرب بل تمتد للتدخل في سير النشاط الاقتصادي في المدن التي يسيطر عليها. حيث يصل في حالات كثيرة إلى حد "مصادرة منشآت تجارية ومزارع ومؤسسات صناعية وحتى بعض البيوت والممتلكات فضلاً عن فرض غرامات وضرائب على القاطنين" بحسب ما يقول أبو الخير الناشط السوري من مدينة الرقة لـ "العربي الجديد".
وتؤكد ذلك الباحثة سما مهنا في حديث لـ "العربي الجديد" إذ تعتبر أن تنظيم داعش "استفاد من توافر مساحات واسعة من الأراضي القابلة للاستثمار الزراعي في مدينة الرقة، معقل التنظيم في سورية، وتنوع إنتاجها من المحاصيل الاستراتيجية، والمحاصيل التي تعتبر مواد أولية للعديد من الصناعات التحويلية". وتضيف: "يدر الاقتصاد الزراعي والعمليات التجارية أموالا جيدة على التنظيم في المدن التي يسيطر عليها في سورية وكذا في العراق".
المصدر: العربي الجديد