الأحد  24 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

"نافارين" / إبر اهيم رحمة

أبجدية ضوء..

2015-11-17 10:02:08 AM
صورة ارشيفية

 

المكان "نافارين"، تلك البقعة من خليجٍ يونانيٍّ يحمل اسمها، على الساحل الغربي لشبه جزيرة البيلوبونيز في البحر الأيوني.

الزمان، سنة 1827 للميلاد في العشرين من شهر أكتوبر يعني أنه مرت أيام قليلة على هذه الذكرى ولا من يتذكّرها، حيث بداية سقوط سادة البحر الأبيض المتوسط وقتها، إذْ كان أسطول الجزائر حامي البحر، لا أقول القراصنة فهذا وصف المؤرخين أعداء أمتنا، أولئك الذين يقولون عن أسطول الجزائر قراصنة بينما يقولون عن الأسطول السادس الأمريكي حامي الحمى وباني الديمقراطية.

لا أدخل هنا في تفاصيل الفخ الذي تمَّ نَصْبُه من طرف دول أوروبية بتواطؤ جهات عربية ضد هذا الأسطول، وللمفارقة التواطؤ العربي ما يزال مستمرا إلى غاية يومنا هذا دون كلل ولا ملل وكأن الغدر والخيانة من شمات العرب.

كما أنني لا أعود على الجرح التاريخي الغائر الذي خلّفه هذا التواطؤ، والذي لم يكن ضحيته ملايين الشهداء فقط بل ضحيته مستقبل شعوب برمتها، وهذه الأثمان من التضحيات ليست في الجزائر وحدها بل في ربوع العالم العربي ككل وحتى مجموع العالم الإسلامي وحتى أعماق إفريقيا والتي بسبب احتلال الجزائر تم احتلالها ولم تستقل أعماق إفريقيا هذه إلا كثمن لاستقلال الجزائر، وكأن الجزائر لا ترضى أن تترك استعمارا بسبهها وراء ظهرها دون أن تطرده.

قلت لا أدخل في التفاصيل ولا أعود على الجرح الغائر، فهذا ليس هدف المقالة، بل هدف المقالة هو أخذ الدرس من معركة "نافارين" الشهيرة والتي كان فيها نهاية الجزائر التي سارعت إلى نجدة العثمانيين ولم تشعر بالفخ الذي تمّ نَصْبُه لها، الدرس الذي يجب أخْذُه من هذه المعركة، هو من التقاء ثلاثة قوى عظمى وقتها لتدمير قوّتنا المهيمنة، هذه القوى العظمى لم تكن إلا "إنجلترا" و"فرنسا" وأيضا "روسيا"، وأقول أيضا، لأن كثيرين من العربان يرون في هذا الدب الأبيض نصيرا لهم إلى أيامنا هذه، كما يرى آخرون النصير في إنجلترا أو في فرنسا، وفي غيرها من "الأعداء الطبيعيين"، أقول "الطبيعيين" لأنه لا يلتقي الماء والنار..

مع كل الأسف، العنصر العربي لم يفهم الدرس بعد، رغم التكرارية العنيدة والمملة في أحيان كثيرة، لم يفهم الدرس الذي يقول أن العدوَّ عدوٌّ ولن يرضى عنه مهما باع أو خان أو تنازل، حتى أن كتابهم السماوي الذي هو كتاب غالبيتهم العظمى (العنصر العربي)، يذكر هذا المعنى ويتبنّاه. إلا أنّ العنصر العربي يصر على الانحياز إلى الآخر على حسابه، ويقتل بعضه مجتهدا في الأساليب.

المفارقة العجيبة، أن عرب الجاهلية ورغم أربابهم التي تجاوز عددها الثلاثمائة والستين صنما أو وثنا، كانوا يحترمون قداسة هاته الأرباب فيحترمون الأشهر الحرم، تلك الأربعة أشهر التي تضع فيها الحرب أوزارها، فلا يتقاتلون فيها ويأمن فيها الناس، هل يمكننا القول أن عرب الجاهلية مع وثنيتهم أكثر رجولة وأكثر التزاما ديني واجتماعي وسياسي من عرب الإسلام الذين يعلنون في كل مَـجْمَعٍ، أنّ ربهم واحد وكتابهم محفوظ واحد، وأن الأخوّة والسّماحة أسمى معاني دينهم.

نكرر الأسف، من أن "روسيا" تاريخيا هي عدو للعنصر العربي، سواء قبل معركة "نافارين" أو بعدها، غير أن هناك من يراهن عليها، كما أن هناك من يراهن على غيرها، لكن الأكيد أنه لا يوجد في العنصر العربي من يراهن على نفسه، رغم مجموع الأسلحة وأنواعها التي في حوزة هذا العنصر.

 

                                                                             

 بسكرة في 24 أكتوبر 2015.

([email protected]