الرئة ووقف التدخين
عندما يستنشق مدخني السجائر اكثر من 4,000 مادة خطرة فانها تسبب لاثار سلبية طويلة المدى تؤثرعلى وظيفة الجهاز التنفسي. وعلى الرغم من ان الاعتقاد السائد بان هذه التغيرات هي غير عكسية، ففي كثير من الحالات فان الاقلاع عن التدخين يمكن ان يؤدي بالفعل الى ما يمكن وصفه بـ" تنظيف الرئتين عند المدخنين" والتقليل من تاثير سنوات التدخين الطويلة.
في حين ان تدخين السجائر لا يزال يسبب بعض الضرر الغير عكسي، الا ان الاقلاع عن التدخين يمكنه تحسين حالة الرئة في غضون بضع سنوات فقط، واستعادة حالة الرئتين السليمة نسبيا والطبيعية.
ماذا يسبب التدخين للرئتين؟
تدخين السجائر لسنوات عديدة قد يتسبب بضرر تدريجي وخلل في وظائف الرئة. وقد يتضح الضرر بحدوث تغييرين رئيسيين قد يسببهما التدخين:
1- تضرر الياف الايلاستين وظهور العمليات الالتهابية: هذه التغييرات هي التغييرات الرئيسية التي تؤدي الى تطور مرض الانسداد الرئوي المزمن (Chronic Obstructive Pulmonary Diseases (COPD) وتضرر وظائف الرئة.
2- التغييرات الخبيثة: ففي دخان السجائر العديد من المواد المسرطنة التي تسهم لتطور الامراض الخبيثة. هذه المواد المسببة للسرطان تسبب لتغيرات في الحمض النووي- DNA ولتطور السرطان، وتعتبر السبب الرئيسي لسرطان الرئة.
قياس وظائف الرئة عن طريق قيم FEV1
واحدة من افضل الطرق لقياس وظائف الرئة لدى المدخنين هي من خلال اختبار الزفير (قياس التنفس Spirometry)، الذي يقيم حجم الرئة ووظائف الرئة. اثناء الاختبار، يطلب من الشخص الذي يخضع للفحص ان يستنشق بعمق من خلال انبوب خاص الذي يحتوي على اجهزة استشعار، ثم اخراج الهواء بسرعة. وتشير قيمة FEV1 الى حجم هواء الزفير في الثانية الاولى.
تدخين السجائر يتسبب في انخفاض قيم FEV1 التي يمكن من خلالها تقييم وظائف الرئة وحجم الرئة. لدى مرضى COPD، ويظهر انخفاض تدريجي في قيم FEV1 بسبب تطور المرض، وكلما كانت قيم FEV1 منخفضة اكثر، فان وظائف الرئة تنخفض اكثر، ويعتبر المرض اصعب.
ما هو تاثير الاقلاع عن التدخين على قيم FEV1؟
اظهرت العديد من الدراسات ان التوقف عن التدخين يؤدي الى تقليل الانخفاض في قيم FEV1. اي، حتى بعد سنوات عديدة من التدخين، فعند التوقف عن التدخين فان التراجع في وظائف الرئة يتوقف، ويتم بشكل مشابهة لعامة الناس. فبمجرد التوقف عن التدخين، فان تضرر انسجة الرئة يتوقف، العملية الالتهابية تقل وبذلك نحافظ على وظائف الرئة.
بالنسبة للشباب، حيث يكون لديهم الانخفاض في وظائف الرئة اقل من غيرهم، فان قيم FEV1 تعود لتصبح قريبة جدا من القيم الطبيعية في غضون بضع سنوات. بينما في كبار السن الذين يدخنون لسنوات عديدة، فان مستوى FEV1 يبقى بالفعل منخفض، ولكن الاقلاع عن التدخين يمنع الانخفاض السريع، الوصول الى قيم منخفضة جدا وظهور اعراض مرض الانسداد الرئوي المزمن- COPD.
في نهاية المطاف، فان الاقلاع عن التدخين في سن 40-45 تقريبا يمكنه بنسبة جيدة جدا ضمان حفظ وظيفة الرئة، والا يتدهور الوضع الى حالة ال- COPD. وعندما تبدء اعراض مرض الانسداد الرئوي المزمن في الظهور، فان الاقلاع عن التدخين هو السبيل الوحيد لمنع تفاقم المرض، والسماح للمرضى بالعيش في حياة معقولة، وتقليل تقدم حالة الضرر!
ما هو تاثير الاقلاع عن التدخين على سرطان الرئة؟
عندما نتحدث عن سرطان الرئة، فالاقلاع عن التدخين يساهم فعلا في منع تطور المرض ولكن فرص تطوره ما تزال موجودة. بمجرد التوقف عن التدخين، فان الرئتين تتوقف عن تكديس المواد المسرطنة التي تسبب للتحول السرطاني، مما يقلل من خطر تطور الاورام السرطانية.
في عمليات مختلفة، فان الرئتين تنجح مع السنين في التقليل من تاثير المواد التي تم استنشاقها، وبذلك يقل خطر الاصابة بسرطان الرئة بنسبة تصل الى 50٪ في غضون 10 سنوات.
في حين انه يمكن ان نرى ان الاقلاع عن التدخين يوقف فورا الانخفاض في حجم الرئة الذي يعبر عنه بـ FEV1 ويسبب لمرض الانسداد الرئوي المزمن، بالنسبة لسرطان الرئة فان تاثير الاقلاع عن التدخين هو ابطا، ولكنه يسمح في نهاية المطاف بمنع تطور المرض.
هل من الممكن تنظيف الرئتين عند المدخنين؟
المواد التي يتم استنشاقها عند التدخين تتراكم في انسجة الرئة وتبقى هناك لسنوات عديدة. عند التوقف عن التدخين، يتوقف وصول هذه المواد الى الرئتين، ومع مرور الزمن تتحلل وتتوقف عن التاثير على وظائف الرئة.
المصطلح "تنظيف الرئتين عند المدخنين" على الرغم من عدم دقته من الناحية العلمية، ولكنه يصف عمليا العملية التي تحدث في الرئتين من لحظة الاقلاع عن التدخين، حيث في غضون بضع سنوات فان تاثير المواد المختلفة على وظائفها ينخفض.