الأحد  24 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

أزمة الشرق الأوسط هي أزمة اقتصادية

2014-08-20 09:09:27 AM
أزمة الشرق الأوسط هي أزمة اقتصادية
صورة ارشيفية
الحدث- نيويورك تايمز
 
فاجأ الرئيس الأمريكي باراك أوباما الكثيرين في الآونة الأخيرة، عندما شخّص الأزمة التي تجتاح العراق على أنها أزمة اقتصادية جزئيًّا، مشيرًا إلى أن السنة العراقيين كانوا “منفصلين عن الاقتصاد العالمي”، وبالتالي شعروا بالإحباط في تحقيق تطلعاتهم.

ورغم أن الفوضى في العراق لها العديد من الأسباب، ما يزال أوباما على شيء من الحق، حيث إن الشرق الأوسط بأكمله، لا العراقيين السنة فقط، قد تم فصله عن الاقتصاد العالمي. هذه المنطقة لا يصلها سوى 4 في المئة من الواردات العالمية، وهو أقل مما كان عليه الحال في 1983؛ ألمانيا وحدها تحصل على 6.4 في المئة من الواردات.

ويتضح الركود الاقتصادي في الشرق الأوسط أيضًا من خلال المقارنة مع الاقتصادات الآسيوية الأخرى. وفقًا للبنك الدولي، في عام 1965، كان نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي لمصر 406 دولار، في حين كان نصيب الفرد في الصين 110 دولار فقط.

اليوم، زاد نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي في مصر أربعة أضعاف ليصل إلى 1566 دولار، في حين زاد نصيب الفرد في الصين ثلاثين ضعفًا ليصبح 3583 دولار. وبالمثل، كان لإيران وكوريا الجنوبية تقريبًا نفس الناتج المحلي الإجمالي للفرد الواحد في عام 1965، إلا أن هذا الناتج الآن هو 24000 في كوريا الجنوبية، بمقابل 3000 دولار فقط في إيران.

ولم يتم فصل اقتصادات الشرق الأوسط عن العالم فقط، ولكن عن بعضها البعض أيضًا. لا تزال معظم الصادرات في أمريكا الشمالية وأوروبا وآسيا تأتي من أمريكا الشمالية وأوروبا وآسيا. ثلثا الصادرات إلى أوروبا هي من أوروبا نفسها. بينما في الشرق الأوسط، 16 في المئة فقط من الصادرات إلى المنطقة ككل هي من دول الشرق الأوسط الأخرى.

وفي حين يركز المراقبون الغربيون على القضايا السياسية في الشرق الأوسط، الناس في المنطقة هم أكثر انشغالًا بالمسائل الاقتصادية. وفقًا لاستطلاع حديث للرأي، سكّان قطاع غزة لديهم رغبة ساحقة بتهدئة التوترات مع إسرائيل لكي يصبح لديهم فرصة للبحث عن عمل هناك. وفي استطلاع آخر، اعتبر الإيرانيون أن “توسيع فرص العمل”، هو أولوية سياسية، أهم بكثير من “استمرار برنامج التخصيب النووي”.

ولكن، وفي حين يأمل سكان غزة بإنهاء حصارهم، والإيرانيون بوضع حد للعقوبات، إلّا أن هذه الخطوات لن توفر لهم الحل السحري. التوعك الاقتصادي متوطن في المنطقة، حتى في الأماكن التي لا تعاني من الحصار أو العقوبات، وعلى صانعي السياسة الغربية أن يهتموا بهذا الأمر.

الفصل بين المشاكل الاقتصادية والسياسية غير صحيح. مثل أي مكان، ترتبط السياسة ارتباطًا وثيقًا بالاقتصاد. والتقدم الاقتصادي هو مفتاح تخفيف عدم الاستقرار المزمن الذي يهدد المصالح الأمريكية في المنطقة.

يجب على الولايات المتحدة وحلفائها أن لا يقوموا فقط بتوفير المشورة للتغلب على هذه التحديات الاقتصادية في الشرق الأوسط، بل عليهم أيضًا تحفيز الحكومات الإقليمية للقيام بذلك. وهذا يعني العمل مع الحلفاء الإقليميين الذين يسعون إلى تنويع اقتصاداتهم وتحديثها، وتنسيق المساعدات الاقتصادية وربطها بالتقدم في الإصلاح، بما في ذلك الخطوات السياسية اللازمة لإجراء إصلاحات ناجحة.

يجب أن تقوم أمريكا أيضًا بتشجيع المزيد من التكامل الاقتصادي من خلال التعاون مع منتجي النفط الأثرياء للاستثمار في رخاء جيرانهم الفقراء، وهو ما سيقدم لدول الشرق الأوسط وصولًا أفضل إلى الأسواق الغربية، وخاصةً الاتحاد الأوروبي.

سيكون من السذاجة الاعتقاد بأن النمو الاقتصادي سوف يحلّ جميع المعضلات الشائكة في الشرق الأوسط. ولكن سيكون من السذاجة على حدّ سواء، الاعتقاد بأن هذه المعضلات يمكن حلّها دون ذلك