الإثنين  25 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الثـوابت الراسخة في سياسة الاحتلال الإسرائيلي

2015-11-24 10:38:33 AM

الثـوابت الراسخة في سياسة الاحتلال الإسرائيلي
صورة ارشيفية
 

بقلم: تيسير الزّبري

 
من مراجعة للسياسة الإسرائيلية وتحديداً منذ حزيران 1967 وحتى اليوم، فإن الخلاصات التي يخرج بها أي متتبع للسياسة الإسرائيلية لا بد وأن يصل إلى خلاصات رئيسة بخصوص مرتكزات هذه السياسة؛ وسوف اعتمد في هذه الوقفة السريعة على كتاب "الطعم في المصيدة" الذي ألفه -ومن واقع تجربته الشخصية- منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في السنوات السبع ما بعد احتلال حزيران في المناطق الفلسطينية العميد شلومو غازيت؛ وترجم كتابه الباحث الفلسطيني عليان الهندي.
 
تكمن أهمية الخلاصات، بأنها تؤشر وبشكل واضح على أن موضوع الانسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة في حزيران 67، وتمكين الفلسطينيين من إقامة دولتهم المستقلة لم يكن واردًا لدى أي من الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة؛ سواء من حزب العمل أو حزب الليكود أو بحكومتهم المشتركة في بعض الفترات. في هذا نشير إلى أن وزير (الدفاع) الحرب الإسرائيلي ومن ثم وزير الخارجية موشيه دايان كان صاحب سياسة (مرنة) في ظاهرها تقوم على عدم التدخل في شؤون "السكان الفلسطينيين الداخلية" وعلى إبداء درجة عالية من مراعاة احتياجاتهم الحياتية؛ بما في ذلك اتباع سياسة فتح الأبواب والمعابر مع الأردن، لكن سياسته كانت تقوم على تمكين الفلسطينيين على الحكم الذاتي لشؤونها دون تنازل الاحتلال عن السيطرة على الفلسطينيين من الناحية "الامنية"، بما في ذلك بناء المستوطنات على رؤوس الجبال وفي محاذاة الأغوار الشرقية"، ومن أجل إنجاح خطته فقد حاول استمالة الزعامة الفلسطينية التقليدية؛
وهي زعامة ربطتها علاقات تاريخية سياسية واقتصادية مع الأردن لفترة طويلة من الزمن وقبل أن تتبوأ منظمة التحرير الزعامة السياسية حتى اليوم.
 
أما الثابت الثاني في سياسة إسرائيل ويقوم على التمسك بضم القدس الشرقية "وتوحيدها" مع القدس الغربية واعتبارها عاصمة إسرائيل، فعملية الضم التي قاربت آنذاك الخمسين كيلو متراً مربعاً قد ازدادت اليوم إلى أن وصلت الآن إلى أكثر من 10% من مساحة الضفة الغربية (التي تصل إلى خمسة آلاف كيلو متر مربع). السياسة التي اتبعتها إسرائيل تجاه سكان القدس تقوم على اعتبارهم مواطنين "مقيمين"، يحملون الهوية الزرقاء (الإسرائيلية) وجوازات السفر الأردنية، ويُمنعون من ممارسة الانتخابات الإسرائيلية، بينما يتمتعون بالامتيازات الاجتماعية والصحية. إنها سياسة عنصرية وغريبة في الوقت ذاته. ومن المفيد الإشارة هنا إلى أن موضوع القدس في مفاوضات كامب ديفيد عام 2000 بين الوفدين الفلسطيني والإسرائيلي وتحت الرعاية الأمريكية كان هو الموضوع الذي فجر تلك المباحثات، وفتح الباب أمام الانتفاضة الفلسطينية الثانية، كما هو الحال الدائر حالياً من هبة الشعب الفلسطيني التي قد تفجرت لسبب رئيس يقوم على محاولة المستوطنين بالرعاية الرسمية السيطرة على الأقصى زمنياً أو مكانياً، وبأن تداعيات هذه الهبة تشمل حالياً مناطق الضفة الغربية وغزة كافة، وما زال الصراع مفتوحاً على كل الاحتمالات .
 
الثابت الثالث في سياسة كافة الحكومات الإسرائيلية -حتى الحكومات التي وقعت أو التزمت باتفاق أوسلو عام 1993- هو الموقف الرافض لعودة اللاجئين الفلسطينيين، وملخص هذا الموقف "أن لا عودة للاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم التي هجروا منها عام 1948"، وبأن أقصى ما قدمه المفاوض الإسرائيلي في محادثات كامب ديفيد المذكور هو التزام شفوي بالسماح بعودة بضعة آلاف من اللاجئين الفلسطينيين من الذين غادروا أراضيهم عام 1948 وعلى أساس نظام لم الشمل!!
 
أما الثابت الرابع في السياسة الإسرائيلية، فيتعلق بموضوع الاستيطان والاستيلاء على الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية، وبالرغم من مرور عملية النهب بمراحل عديدة ومنطلقات إسرائيلية متباينة، فإنها كانت ولا تزال الثابت الأبرز في سياسة الحكومات الإسرائيلية حتى اليوم ؛ فهو استيطان بدأ تحت مقولة حفظ الأمن إلى استيطان سياسي (احتلال رؤوس الجبال) لمنع أي تقدم عربي نحو مدن غرب الخط الأخضر! إلى كونه استيطانًا توراتيًا/دينيًا. وإن ما يجري في الضفة الغربية حسب أصحاب هذه الاتجاهات هو تحرير أرض الميعاد، وليس استيطانًا لأراضي الغير. لقد ارتفع عدد المستوطنين منذ بداية الاحتلال من حوالي 10 آلاف مستوطن حتى منتصف السبعينيات إلى أكثر من نصف مليون مستوطن حالياً .
 
السياسة الإسرائيلية تجاه النقاط الرئيسة الواردة أعلاه -بالرغم من الأجواء الفرحة التي أثيرت ما بعد اتفاق أوسلو والاعتراف المتبادل- والخاصة بالحكم الذاتي، فقد كانت جزءًا من بنود  المحادثات المصرية الإسرائيلية ما بعد كامب ديفيد، قبل أوسلو بعقدين من الزمن تقريبًا، وبسبب رفض الإسرائيليين لأي إشارة لاستقلال لاحق للفلسطينيين فقد تفجرت الخلافات المصرية الاسرائيلية، وتوقف المصريون عن متابعة البند الثاني من اتفاق كامب ديفيد!

لقد أضاف الإسرائيليون في اتفاق أوسلو عناصر أخرى، تؤكد شهيتهم التوسعية وإصرارهم على عدم تمكن الفلسطينيين من إقامة دولتهم المستقلة، مثل السيطرة على المعابر والمياه، وعلى تقاسم الأماكن الدينية مثل الحرم الإبراهيمي في الخليل ومحاولة السيطرة على المسجد الأقصى والإصرار على التمسك بالأمن والسيطرة على الأجواء الفلسطينية، وهم بهذا قد أضاعوا كل الأماني بتحقيق سلام عادل ومتوازن، وهذه الخلاصة قد وصلها الشعب الفلسطيني منذ سنوات، كما وصلها -للأسف- قادة ومحللون ورجال مخابرات إسرائيليون سابقون أيضاً مثل شلومو غازيت ... فهل بقي لدى البعض بيننا أية أوهام ؟!