الحدث - محمد مصطفى
أطاح التقدم التكنولوجي بعدد من المهن القديمة، فيما تراجعت مهن أخرى، بينما استغنى مواطنون عن أجهزة عديدة كانوا يستخدمونها، بعد توفر بدائل عنها.
فقد وفر الهاتف النقال "الذكي"، بديل عن عدد من الأجهزة التي كان لا يستغني عنها معظم الناس، خاصة ساعة اليد، والكاميرا، والآلة الحاسبة، والراديو، والمذكرة الورقية، وغيرها.
لكن هذا الجهاز الذي شهد تطوراً كبيراً خلال السنوات الماضية، تسبب في توقف مهن كثيرة، وتضرر شريحة واسعة من المواطنين، الذين كانوا يعتاشون من رواء بيع وتصليح الساعات، وبيع الآلات الحاسبة، وأجهزة الراديو، وكذلك المصورين.
مهن تنتهي
ويقول المواطن إبراهيم الهمص، في نهاية العقد السادس من عمره، إن مهنة بيع وتصليح الساعات تراجعت بصورة كبيرة، وهذا أثر عليه وأمثاله، فبعد عقود من عمله في هذه المهنة، بات يصارع للحفاظ عليها.
وبين الهمص أن الماركات العالمية من الساعات اختفت، وحلت مكانها الساعات الصيني الرخيصة، والإقبال على شرائها تراجع بشكل كبير، وبات المواطنون خاصة الفتيات يشترينها من أجل الزينة، لا لمعرفة الوقت.
وأشار الهمص إلى أن شراء الساعة وارتدائها لم يعد ضرورياً، فما من شاب أو فتاة يسير إلا ومعه هاتف نقال، وكل الهواتف مهما كان نوعها أو درجة حداثتها، تحوي ساعات رقمية عالية الدقة، لذلك من الطبيعي أن يتم الاستغناء عن الساعات.
ونوه الهمص إلى أنه وفي سبيل الحفاظ على المهنة، بات يلجأ لبيع اكسسوارات، وهدايا متنوعة، إضافة إلى جلب ساعات منزلية ذات أشكال جمالية، لجلب المواطنين إليها وشرائها، لكنه ورغم ذلك يعاني من انخفاض مدخولاته، إذا ما قورنت قبل ظهور وانتشار الهواتف النقالة.
مصورون فقدوا مهنتهم
أما المواطن محمود عوض، فأكد أن الهواتف النقالة خاصة الحديثة، قضت على مهنة ظل يمارسها لأكثر من عقدين من الزمن، وهي التصوير، فما من هاتف اليوم إلا ويضم كاميرا رقمية متطورة، تغني مالكه عن اللجوء للأستوديو لالتقاط صوراً تذكارية.
وأكد عوض أنه كان يحمل كاميراته في كل صيف، ويتوجه إلى شاطئ البحر، لالتقاط صوراً تذكارية للمواطنين، كما كان الناس يأتونه إلى الأستوديو لالتقاط الصور، لكن هذا لم يعد متاحاً، ما دفعه لإغلاق محله، والبحث عن مهنة أخرى.
ولفت إلى أن الهاتف بات يحوي كاميرا تصوير فوتوغرافي، وأخرى فيديو، وهو بذلك حل محل كاميرتين، ولم يعد المستخدم بحاجة إلى شراء أفلام، أو أشرطة لتوثيق الصور والمقاطع، فالوسائل المتاحة حالياً تكفلت بذلك وبسهولة ودون تكاليف.
وأوضح عوض أن العدد المحدود لـ"الاستوديوهات"، ومحلات التصوير التي لازالت تعمل، وتعافر من أجل الاستمرار، ينحصر عملها حالياً، إما في تحويل الصور الرقمية إلى كروت ورقية، أو تصوير المواطنين للوثائق والأوراق الرسمية، مثل بطاقة الهوية أو جواز السفر، أو للحصول على تامين صحي، والبعض تخصص في تصوير الحفلات.
مجموعة أجهزة في جهاز
أما المواطن بهاد الدين أحمد، وهو يتابع تطور أجهزة الهواتف النقالة، خاصة الذكية، ويحرص على شراء المتطورة منها، فأكد أن الشركات العالمية تتنافس فيما بينها لصنع أفضل الهواتف، حتى باتت الأخيرة تضم عدد من الأجهزة في جهاز واحد.
ونوه إلى أن الساعة الرقمية والآلة الحاسبة، ومسجل الصوت، لم تعد هي الجديد، فالآن التنافس على قوة ودقة الكاميرا، واحتواء الهاتف على أجهزة وتقنيات كثيرة، مثل الراديو، وتحديد الموقع "G.P.S"، وجهاز لقياس معدل ضربات القلب، وآخر لعد الخطوات اليومية، وأجهزة أخرى لا حصر لها، وهو ما جعل امتلاك الشخص لهاتف متطور يغنيه عن الكثير من الأجهزة.
وتوقع أحمد أن يتواصل تطور الهواتف الذكية، لتضم مزيد من الأجهزة والتقنيات، قد لا نستطيع إدراكها أو استيعابها حالياً.