الحدث: هل فعلت غزة ما لم يفعله الآخرون؟
وهل ترى غزة ما لم يره الآخرون؟
كل شيء في غزة شاهد إثبات وإدانة، والمدانون كثر، والمتاجرون كثر والمزايدون أكثر، والمؤمنون بغزة على خجل يتلعثمون مزملين بخوفهم من مواجهة الحقائق!
المشهد في غزة التقاط أنفاس وتهيؤ متحفز لمواصلة الحياة، ومواجهة الأقدار والمصائر لحياة باتت موقوفة بين الموت أو انتظار الموت، لكن غزة تمارس دورها الطليعي في زمن الالتباس، تدرك أنها أول الحلم وآخره، راضية بدفع الثمن.
غزة تدرك أن على هذه الأرض ما يستحق المقاومة وما يستحق الصمود، وبعد طول تجربة وعناء تراقب المفاوضات بألم، تسجل ذاكرة الحرب، وتختزن المشهد بكل تداعياته وتترك تجارة الإعلام تفتح سوقاً رائجة.
لكن غزة تظل في صدارة المشهد حاضرة، تلملم الجراح وتلعق الدموع على من غابوا وأصيبوا، ومن لجأوا من غزة إلى غزة في المدارس والجوامع والحارات والساحات وبيوت الأقارب والأصدقاء، ليضيفوا نمطاً جديداً من الصمود، يؤكد أن غزة ما زالت تقاوم، وأن غزة طليعة الوطن، وأنها لن تقع يوماً رهينة لأحد، وأنها تقدم دروسها دون مواربة في دروس الحرب والسياسة، لا يطوِّعها غير مصلحة الوطن، كل الوطن، وهذا سر غزة التي أدركه الجميع، وفي مقدمتهم المستوى السياسي الفلسطيني، فقد أجبرته غزة أن يفيء إلى موقف فلسطيني موحد، بمرجعية واحدة، ورأس واحدة، ونبذ الخلاف، فالكل عند الموت واحد، والحرب لم تنتهِ بعد، والحرب معارك، غزة تطرح أسئلتها بكل مسؤولية ودون مزايدة:
ماذا بعد المعركة؟
وما هي الحلول العاجلة والآجلة؟ وكيف تعود الحياة بالحد الأدنى؟ وكيف يعود التلاميذ إلى المدارس؟ وهل سيتحول الناس في غزة إلى لاجئين في غزة ينتظرون صدقات الآخرين والأنوروا؟ وكيف سيتم التعامل مع الآثار الاقتصادية والاجتماعية والنفسية لكتلة بشرية تعيش في أقسى الظروف؟
أسئلة تضع المستوى السياسي أمام أسئلة ملحة وعاجلة، ولا تترك مجالاً لسجالات الغرف الوثيرة،
لا وقت للمراوغة، ولا مجال لوقف المقاومة، ولا وقت لترحيل الأزمات، من حق كل الأطياف أن تساجل، ومن حق الشعب عليها أن يعيش تحت راية واحدة.
غزة تدرك أن العدو مراوغ، وتدرك أنها انتصرت عليه في المعركة، وكبدته الخسائر، وأنه يلعق جراحه، ويغير أساليبه ويمارس القتل والتدمير الجماعي دون تمييز، وينقل المعركة إلى مربع آخر.
فهل نقف عند نشوة النصر ونتغنى؟
أم نبحث في ابتكار وسائلنا المدهشة في الجولات القادمة؟
كل شيء مطلوب ومشروع وبخطة متفق عليها، وتوزيع الأدوار بحكمة وبعد نظر، للاستفادة من جميع الإمكانيات المتاحة، دونما ضجيج .
فهل تكتمل معجزة غزة بتحقيق وحدة فلسطينية ودون ألغام مؤقتة؟!
فهل هذا كثير وقد علمتنا الأيام وتجارب الشعوب، أن من لا يستلهم روح شعبه، يفقد طاقته بالتدريج، ويعيش في الظل حكاية منسية ودمعة ندم متحجرة؟