الجمعة  15 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

تحليل "الحدث": حرب جبهات أم شاشات؟

2014-08-22 10:26:56 AM
تحليل
صورة ارشيفية

 
خاص "الحدث"- جميل عليان
 
تشير شاشات الكترونية لرادارات رصد حركة الطائرات في الشبكة العنكبوتية مخصصة لمشاهدة مسارات الحركة في أجواء العالم، إلى حركة طبيعية فوق مطار بن غوريون الإسرائيلي.
 
وبعد ساعات من خطاب المتحدث العسكري لحركة حماس المعروف بـ"أبو عبيدة"، الذي هددت حركته بحظر حركة الإسرائيليين الجوية والبرية، استدعى المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر مرة ١٠ آلاف من جنود الاحتياط فيما يبدو أن جولة جديدة من الحرب العنيفة على غزة، بعد فشل لآخر جولة مفاوضات حول التهدئة.
 
وإن كان الخطاب، وهو الأخير في سلسلة خطابات قصيرة، بثتها الحركة خلال أسابيع واحدة من أقصى الحروب التي تشن على القطاع، قد أدى إلى تخلخل في البورصة، وتعطيل بعض الأنشطة في جنوب إسرائيلي، إلا أنه يظهر أيضا أن الحرب لم تعد تستخدم ذات الأدوات التقليدية التي استخدمت سابقا في كل حروب إسرائيل، رغم استدعاء وحدات كبيرة من الجيش، فأي صاروخ نحو مطار بن غوريون سيؤدي فورا إلى خلو شاشة الرادار من كثير من الطيارات القادمة والمغادرة.
 
بالنسبة للدكتور نظام صلاحات، وهو مدير المركز الفلسطيني لدراسات القطاع الأمني في جامعة الاستقلال، فإن "الحرب التقليدية بين الجيوش ربما انتهت"، لأن هناك النظرية التي تستند على فكرة وجود أسباب للحروب السابقة قد انتهت".
 
"ما يجري الآن في غزة، ليست حربا بين دولة ودولة. هناك نوع جديد من الحروب. بمعنى أنك لم تعد تهاجم كي تنهار جبهة الآخر". قال د. صلاحات في مقابلة خاصة مع جريدة "الحدث"، موضحا أن" كل التحليل العسكري المبني على فهم الحرب التقليدية لا يستطيع أن يقدم إجابات على كل الاسئلة المتعلقة بهذا النوع من الحروب.
 
واعتمدت الحرب الأخيرة، على وسائل الاتصال بشكل كبير، ولعبت الصورة والصوت فيها دورا متقدما.
 
وقبل ساعات من استدعاء هذا العدد الكبير من أفراد الجيش الإسرائيلي، تمكن أي حامل جهاز خليوي ذكي، في أي بقعة في العالم، من خلال برنامج خاص يعمل بمثابة إطلاق صفارة انذار فردية الاستماع إلى ضجيج صفارات الإنذار التي دوت منذ ساعات الفجر خلال يوم حافل بقصف من مجموعات المقاومة على المواقع الإسرائيلية في محيط غزة.
 
وحتى عند توقف حركة الطيران فوق مطار تل ابيب وتخلي عدد كبير من شركات الطيران عن رحلاتها الجوية، بسبب الخوف من سقوط الصواريخ في محيط المطار، تمكن أي ساكن في الأراضي الفلسطينية والإسرائيلية ملاحظة خلو الأجواء من الطائرات.
 
وقال صلاحات، وهو مؤلف كتاب "العسكرية والهوية في اسرائيل" الصادر عن دار سكولرز برس  في ألمانيا قبل أشهر: "لم يعد هناك قدرة عند طرف احتكار أدوات الحرب النفسية والإعلامية للحرب(...) هذا لم يعد موجوداً."
 
وقال محللون إن حجم المجازر التي ارتكبتها اسرائيل خلال الاسابيع الماضية، والتي قتل فيها عدد كبير من الاطفال والنساء والمدنيين، دفعت حتى وسائل اعلام معروفة بخضوعها للتأثير الإسرائيلي إلى تغطية مباشرة لما يجرى في ساحة الحرب.
 
وقال صلاحات، بدا واضحا، أن إيصال المعلومة لقلب كل بيت في المنطقة كان سهلا على جانبي خط القتال.
واضاف إن ادوات حروب اسرائيل السابقة، اختفلت، بسبب اختلاف رد الفعل المقابل.
 
وعمليا اربكت مئات الصواريخ التي وصلت عمق المدن الاسرائيلية المركزية، حياة الاسرائيليين ودفعت بهم إلى المبيت في الملاجئ.
 
وقال صلاحات " هذه حرب الـ لا خيار بالنسبة للمجتمع الاسرائيلي بعد ان وجد نفسه مهددا بالصواريخ. هذه الحرب ليست حرب جبهات".
 
ولان الحرب الحالية، حظيت بتغطية مباشرة، للكثير من جولاتها، من لحظة انطلاق الصاروخ إلى لحظة سقوطه، وتحديد هدفه المباشر، عبر شاشات التلفزة، ومواقع التواصل الاجتماعي، بالإمكان اطلاق وصف "حرب شاشات" عليها.
 
وقال صلاحات: "هنا يأتي حساب نتائج الحرب (...) يستطيع كل طرف ان يدعي انه حقق اهدافه. وعلى ارض الواقع ورغم التفاوت الكبير في اعداد القتلى من الجانبين، الا ان كل الاطراف تقول انها انتصرت في جولات الحرب وحققت أهدافها."
 
لكن إسرائيل صاحبة القوة العسكرية الكبيرة، لا تزال غير قادرة على صد مجموعات صغيرة من المقاومين الذين يطلقون صواريخ من القطاع.
 
وقال صلاحات" لا يوجد هناك وضوح اسرائيلي في تحديد الاهداف العسكرية التي تضعها(..) يغيرون من الاهداف كل يوم بسبب ارتباطات سياسية داخلية. نتنتياهو تراجع اكثر من مرة عن تحديد اهدافة. هناك اخفاق استراتيجي".
 
لكن خلال الحرب التي تقف في جبهات القتال وجهة نظر حول النصر مختلفة بثتها عبر الشاشات، ففي مقابل فشل اسرائيلي خلال اسابيع من القصف المتواصل لصد الهجمات الصاروخية الفلسطيني، ظهرت حسابات فلسطينية استراتيجية حول نصر يعتمد على تحقيق المستطاع في المفاوضات التي جرت في القاهرة.
 
وقال صلاحات" هذه الحرب غير التقليدية التي بثت على مرأى انظار العالم لم تستطع تحقيق انهيار في جبهة "العدو" وهذا مخالف للعقيدة الامنية الاسرائيلية تاريخيا التي كانت تعتمد على النصر الشامل".
 
بالنسبة لصلاحات، فإن المجتمع الإسرائيلي لم يعد" ذلك المجتمع الاسبارطي المقاتل كما كان في الحروب حتى عام ١٩٧٣. اليوم هناك مصالح كثيرة تحكم توجهاته، مثل المصالح الاقتصادية".
 
وبالنسبة للكثير من المراقبين الذي حملوا ايضا جزءا من الشاشات الدولية، مسؤولية اخفاقها في عكس ما يجرى في ساحات الحرب، فان الشاشات ذاتها، كانت من ادوات الاسلحة التي لم تكن ظاهرة خلال الحروب السابقة التي شنتها اسرائيلي ضد الفلسطينيين والعرب.
 
لكن على الجانب الاخر عكس حجم المظاهرات العالمية التي نددت بالحرب الاسرائيلي، اظهرت حجم ما يمكن ان تنقله الشاشات من وسط المعركة الى وسط العواصم المؤثرة الكبيرة في العالم".
وقال د. صلاحات للحدث" هناك اختراق كبيرة حدث. حتى داخل اميركيا هناك اختراق وتحول".