استطلاعات الرأي في أمريكا تقول إن تطوراً إيجابياً لمصلحتنا حدث على صعيد الشعب الأمريكي، وجميعنا يذكر كيف كان التضليل الإسرائيلي أغلق الشارع الأمريكي في وجه الفلسطينيين، ولم يكن أي استطلاع رأي آنذاك يصل إلى واحد بالمائة لمصلحتنا، والباقي لإسرائيل.
وفي أوروبا ودون استطلاعات للرأي بوسعنا استنتاج أن نسبة مئوية عالية تسجل لمصلحة الفلسطينيين، ولو طُرح سؤال حول عقوبات قاسية ضد إسرائيل لكانت النتيجة في مصلحتنا كذلك، وإذا كانت الجمعية العامة للأمم المتحدة تعبر عن آراء ومواقف دول العالم وهي كذلك بالفعل، فلدينا هناك ما يقارب الإجماع المطلق لمصلحتنا على نحو جعل السيدة تسيبي ليفني تقول: "إن وضع إسرائيل دولياً أشبه بجزيرة محاصرة منبوذة".
عداد المواقف الإيجابية يتحرك صاعداً لمصلحتنا في كل مكان، وإذا ما دققنا فيما يحدث داخل إسرائيل فإننا نلمس أن أهم المثقفين وصناع الرأي هناك يزدرون القيادة الرسمية صاحبة القرار ويعتبرونها أقل من مستوى إسرائيل ثقافياً وسياسياً، وكثيرون منهم استهجنوا كيف تصف إسرائيل نفسها بالواحة الحضارية وعلى رأس حكومتها نتنياهو ومن أقطابها بينيت وغيره من الشركاء اليمينيين.
إن كل ما تقدم ينبئ عن أن العالم يتغير لمصلحتنا غير أن ذلك، وللأسف يصطدم بواقعنا الذي يجعل من تأييد العالم عديم القيمة وغير قابل للترجمة على الأرض ذلك أننا كفلسطينيين لم ننجح حتى الآن في امتحان الجدارة الذي هو المدخل البديهي لقيام الدولة، فمن ينظر عن قرب لحالنا لا يرثي لحالنا فقط بل يُصعق من درجة إهمالنا لأنفسنا وعدم استجابتنا للرياح الدولية المواتية لحقوقنا، فالعالم ما زال حائراً حول الانقسام المزمن والمستفحل الذي يتعمق كل يوم رغم قوة الصمود الشعبي الفلسطيني الذي لا ينقصه كي يتقدم إلى الأمام إلا وحدة وطنية يطالب بها صنّاع الصمود ويضن عليهم بها صناع الانقسام، فالشعب الفلسطيني بحاجة إلى مؤسسات تحتوي نضاله وتقود حراكه وتحقق له تطلعاته، وهذا أمر يفتش عليه العالم ولا يجده، ويتعطش له الشعب الفلسطيني ولا يتوفر له قطرة منه تروي ظمأه، ودون أن نعالج هذا الأمر الذي هو الأرض الصلبة التي نقف عليها فسيظل العالم يؤيد إلى أن يمل منا وسنظل نحن على حالنا دون أن نمل من تقصيرنا وانقسامنا وعبثنا، وهنا يكمن بيت القصيد.