الإثنين  25 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

تسويق نظريات توراتية/بقلم: سامي سرحان

2015-12-08 10:44:18 AM
تسويق نظريات توراتية/بقلم: سامي سرحان

تعتقد وزارة الخارجية الإسرائيلية أن دراسة قانونية حول وضع الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 كفيلة أن تشرع الاستيطان وتسوقه في العالم على أنه بناء في أراض إسرائيلية، ولا يمكن لدولة من دول العالم أن تعترض عليه، أو تتخذ إجراء ضد منتجات المستوطنات، التي تسوق في أسواق أوروبا معفاة من الضرائب، كحال منتجات دولة الاحتلال ما قبل عام 1967.

وزير الخارجية الإسرائيلية الذي لا أعرف اسمه، يعد دراسة قانونية يدعو إليها عددا من فقهاء القانون في العالم، وبالتأكيد من ذووي الميول الصهيونية المنتشرين في بعض الجامعات المرموقة في العالم، كي يعطي صدقية قانونية زائفة للطروحات التي ستتضمنها الدراسة التي يريد أن تترجم إلى كل لغات الدنيا، وتقوم سفارات الكيان الإسرائيلي بتسويقها باعتبارها الحقيقة المطلقة حول الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي الأزلي.

ومحاور الدراسة التي تشرعن الاستيطان تقوم على فرضيات عفى عليها الزمن ولفظها المجتمع الدولي الذي لم يعد يؤمن بالرواية الإسرائيلية من أساسها حول الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي.

أولى هذذه الفرضيات، أن الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967، ليست أرضاً محتلة، فهي لم تكن تحت سيادة أية دولة من الدول قبل هذا التاريخ، حتى السيادة الأردنية، مسقطة في الوقت ذاته ارتباط السيادة بالشعب الفلسطيني الذي يعيش بشكل متواصل على هذه الأرض منذ آلاف السنين ولم ينقطع تواجده فوقها منذ خمسة آلاف عام. وادعاءات إسرائيل بإقامة دولة لهم أو دولتين، عمرتا أقل من قرن، لا ترقى إلى حقيقة وجود الشعب الفلسطيني على هذه الأرض قبل ظهور اليهودية بألفي سنة على أقل تقدير.

الفرضية الإسرائيلية الثانية، أن اليهود تعلقوا عقديا بهذه الأرض وأن الأرض منحهم إياها، وهذه الفرضية لا تمت للقانون الدولي بصلة، فأرض فلسطين بالمقابل، ووفق الرواية الإسلامية هي الإسراء والمعراج، وأرض الأقصى أولى القبلتين، والأرض التي باركنا حولها، وأرض الرباط، وصبغت بالصبغة الإسلامية منذ أكثر من 1400 سنة، فأين يقف القانون الدولي بين الروايتين الإسلامية واليهودية؟ وهل أصبح البناء الاستيطاني في الضفة والقدس والقطاع شرعيا يتم في أرض تعود للتاريخ اليهودي؟

لقد كان وضع وسم على منتجات المستوطنات التي تباع في الأسواق الأوروبية وراء هذه الدراسة التي تنسف الآمال في إيجاد تسوية للصراع الممتد لأجيال بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وهي تعيد الصراع إلى بداياته، فمنظمة التحرير الفلسطينية في ضوء الوقائع والواقع المرير تدرس إمكانية سحب الاعتراف بدولة إسرائيل من أصلها، وستعود للمطالبة برحيل كل اليهود عن كل شبر من فلسطين التاريخية، التي هي حق ثابت بالقانون الدولي وأوراق الطابو للشعب الفلسطين، الذي يجب أن يمارس سيادته عليها كاملة، ويتمتع بالحرية والاستقلال وحق العودة، إلى كامل أرضه التي احتلت عام 1948.

هكذا ينسف وزير خارجية إسرائيل جهود عشرات السنين نحو تسوية الصراع، فالمهم عنده رفاه المستوطنين وتسمين المستوطنات، وليس مستقبل السلام للإسرائيليين والفلسطينيين طالما بذلت جهود لتحقيقه.

وبوجود حكومة المستوطنين وعلى رأسها بنيامين نتنياهو، فإن حل الدولتين يختفي في لهيب حرب تعم المنطقة، وستصل نارها إلى إسرائيل عاجلاً أم آجلاً بسبب قلة إدراك القيادة الفلسطينية الحاكمة.

ولطالما ذكرنا أن الصراع في المنطقة، والعنف، تذكيه مأساة الشعب الفلسطيني وعدم حل القضية الفلسطينية، مخالفين بذلك ما ذهبت إليه السيدة هيلاري كلينتون المرشحة الديموقراطية الأوفر حظا في السباق للبيت الأبيض بعد عام من اليوم، فالسيدة كلينتون ولكسب أصوات اليهود الأمريكيين، تقول إن حل الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي لا ينهي أزمات الشرق الأوسط، متبنية في ذلك، الرواية الإسرائيلية التي تروج إلى تحالفات عربية- إسرائيلية لمحاربة "الإرهاب"، الذي بات مقتصرا على المسلمين.

ولم يعد قتل الأطفال الفلسطينيين وإحراقهم وإعدامهم ميدانياً والزج بهم في السجون والمعتقلات ونسف بيوت ذويهم إرهاباً في عرف أمريكا، وإنما دفاعاً عن النفس.