السبت  23 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

في العدد 53: بدخولها الشهر الثالث.. انتفاضة القدس آخذة بالانحسار في ظل انعدام القيادة ونقص التمويل

2015-12-08 11:20:59 AM
في العدد 53: بدخولها الشهر الثالث.. انتفاضة القدس آخذة بالانحسار في ظل انعدام القيادة ونقص التمويل
(أرشيف)

الاحتلال لن يوقف الانتفاضة عبر العمل العسكري

 

الحدث- محمد غفري

بات من الواضح أن انتفاضة القدس بدخولها الشهر الثالث آخذة بالانحسار التدريجي، ولن تدوم على الحال الذي بدأت عليه مطلع شهر أكتوبر، دون أن نغفل احتمالية استمرار بعض العمليات الفردية بين الحين والآخر، واستمرار المواجهات في بعض المناطق الساخنة كما هو الحال في مدينة الخليل، وأحياء مدينة القدس المحتلة، والتي تأتي كرد فعل طبيعي على استمرار جرائم الاحتلال. 

ويرى خبراء سياسيون في الشأن الفلسطيني والإسرائيلي، أن انتفاضة القدس كما أطلق عليها، كانت تفتقر منذ البداية إلى مقومات الانتفاضة الحقيقية، الأمر الذي جعلها تتجه نحو هذا الانحسار الظاهر، إلا أنها وخلال أكثر من ستين يوماً نجحت إلى حد ما، في التأثير على الجانب الإسرائيلي، ما دفعهم للتخبط بشأن كيفية إيقافها، حيث تراوحت الطروحات الإسرائيلية بين مؤيد لانتهاج سبيل الحلول السياسية، وآخر يميل إلى التصعيد العسكري.

 

انتفاضة محدودة الزمان والمكان

المحلل السياسي عبد الستار قاسم، يرى أن ما يدور من أحداث حالية لا يسمى انتفاضة، لأنها تفتقد إلى مقومات الانتفاضة الحقيقية، وهي محدودة في زمان ومكان معينين، وتعاني من محدودية المشاركة الجماهيرية، بمعنى أننا نرى حراكاً فلسطينياً في مكان الحدث وزمانه، لكنه ليس مستمراً.

ويعتقد قاسم، أن البيئة المتوفرة في الضفة الغربية غير متناسبة مع نشوب انتفاضة، والوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتربوي فيها غير مؤهل لقيام انتفاضة تشارك فيها كافة الجماهير.

لذلك يميل المحاضر في العلوم السياسية في حوار مع "الحدث"، إلى أن المشاركة الجماهيرية سوف تخف وتنحصر تدريجياً، وأن البداية قبل نحو شهرين كانت أفضل من الآن، وبعد شهر سوف تكون أقل، مشيراً إلى أكثر من 500 تجمع سكاني موجود في الضفة الغربية، لكن المتحرك منها فقط 50-60 بؤرة سكانية.

 

استمرار الانتفاضة بحاجة إلى قيادة وتمويل

ويؤكد المحلل السياسي، أن استمرار الانتفاضة واتساعها، يحتاج إلى قيادة وطنية وإلى تمويل لها، وهذه مسؤولية الفصائل الفلسطينية في الخارج، وليس السلطة الفلسطينية في الداخل، لأنها لا تصلح لقيادة الانتفاضة في ظل تعاونها مع إسرائيل، أو ما يستمى بالتنسيق الأمني.

وبالحديث عن دور الفصائل الفلسطينية في الخارج، فيرجح قاسم أن المشكلة في هذه الفصائل، التي تتحمل مسؤولية كبيرة تجاه الشعب الفلسطيني، وليس فقط إصدار بيانات الشجب والاستنكار، واستمرار التحريض عبر وسائلها الإعلامية التي تبث من الخارج، وهي بعد عشرين عاماً على توقيع اتفاقية أوسلو لم تستطع تشكيل مرجعية قيادية للشعب الفلسطيني.

لذلك يقع على عاتق هذه الفصائل، حسب ما أوضح لـ"الحدث"، تشكيل قيادة وطنية وتوفير التمويل للانتفاضة، وإعداد قواعد لها في الداخل تضمن الاستمرار، وهذا ما لم يحصل بعد.

واندلعت انتفاضة القدس، بسبب سياسات الاحتلال التهودية في مدينة القدس المحتلة،  وإصرار مستوطنين يهود على مواصلة اقتحام ساحات المسجد الأقصى المبارك، تحت حراسة أمنية من قوات الاحتلال، ومؤشرات التقسيم المكاني والزماني للمسجد، التي باتت واضحة للعيان.

وتشير بيانات وزارة الصحة الفلسطينية إلى أن حصيلة الشهداء منذ مطلع أكتوبر بلغت 115 شهيداً بينهم 24 طفلاً وطفلة و5 سيدات، إضافة إلى أكثر من 13,500 مصاباً.

وتواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي احتجازها لجثامين 50 شهيداً فلسطينياً، ترفض تسليمهم لعائلاتهم وتشييعهم في جنازات رسمية ودفنهم في المقابر، كما صرح الناطق باسم حملة استعادة جثامين الشهداء المحامي محمود عليان.

وتنفذ  قوات الاحتلال الإسرائيلي حملات اعتقالات شبه يومية واسعة في مناطق الضفة الغربية والقدس منذ بداية الانتفاضة، تجاوزت أكثر من 2080 حالة اعتقال، حسب إحصائيات نادي الأسير الفلسطيني، ومتابعة "الحدث".

ومن خلال المتابعة، يتضح أن عدد الشهداء الفلسطينيين انخفض في الشهر الثاني للانتفاضة (نوفمبر) إلى النصف عن الشهر الأول (أكتوبر) من 72 شهيداً إلى 36 شهيداً، وهو ما ينطبق على انخفاض عدد حالات الاعتقال من 1500 حالة في الشهر الأول إلى 500 حالة تقريباً في الشهر الثاني للانتفاضة، مما يؤكد على فرضية أن الأمور تتجه نحو الهدوء.

 

 

 

هل من نتائج لانتفاضة القدس بعد مرور شهرين؟

تختلف تقديرات الخبراء والمتابعين، حول آثار انتفاضة القدس ونتائجها بعد مرور شهرين على اندلاعها، بين من يرى أنها لم تحقق أي آثار كبيرة بحجم ما تتحدث عنه بعض وسائل الإعلام الفلسطينية، وبين آخرين يميلون إلى الإصرار على نتائجها الكبيرة.

الخبير عبد الستار قاسم، يرى أن الانتفاضة لم تغير من الوضع الراهن ولم تؤثر إلى حد كبير، دون أن يستبعد أن الإسرائيليين قد تأثروا بسببها سلباً، ولكن ليس بالدرجة التي نتحدث عنها، فهو يرى أنهم جبناء، لذلك شاع القلق والخوف لديهم، وهذا أمر طبيعي.

وأوضح قاسم وجهة نظره المتمثلة، في أن المجتمع الإسرائيلي لم يصل إلى حد الضغط على حكومته من أجل إعطاء الفلسطينيين شيئاً من حقوقهم، وحتى الآن نحن بعيدون عن هذا الوضع.

واستدرك، أننا في الساحة الفلسطينية يكفينا أن الرئيس أبو مازن صافح نتنياهو على العلن، ودماء الفلسطينيين تسيل، وهذا دليل آخر على أننا لم ننجز شيئاً.

في المقابل تحدث الخبير في الشؤون الإسرائيلية عمر جعارة، عن خمسة نتائج حققتها انتفاضة القدس، وأثرت بشكل كبير على الاحتلال الإسرائيلي، مستنداً على متابعته لوسائل الإعلام العبرية.

فهو يرى أن الانتفاضة أدت إلى انتشار الخوف بشكل جنوني، ووصلت هستيريا الخوف إلى كل أنحاء فلسطين التارخية، مؤكداً أن الخوف من الممكن أن تتم ترجمته بقرارات سياسية.

كذلك أثرت الانتفاضة على الناحية الاقتصادية حسب ما أشار جعارة لـ"الحدث"، وبالذات على قطاع المهن المتوسطة والصغيرة، حيث تأثرت الكثير من المنشآت في القدس وحتى تل أبيب، وخسروا ما نسبته 70% من مدخولاتهم، وهذا أثر اقتصادي بالغ ظهر من خلال الاعتصامات أمام مبنى وزارة الاقتصاد، ومكتب رئيس الوزراء، ومطالبتهم بتعويض كامل عن هذه الخسائر.

أما الأثر الثالث الذي رصده المحاضر في جامعة حيفا، فهو ينعكس على السياحة الإسرائيلية، التي تأثرت بشكل بالغ في هذه الانتفاضة، وكثير من الرحل السياحية ألغيت بسبب الوضع في فلسطين المحتلة من  الجنوب وحتى الشمال، ومن الأدلة على ذلك، أن مدينة أم الرشراش "إيلات" قامت بترخيص كافة أسعار الفنادق للمتنزهين والسواح فيها، من أجل التسويق السياحي وجذب السواح.

الأثر الرابع، أن نظرية الأمن الإسرائيلي فيما يتعلق بوقف هذه الانتفاضة وقفت مكتوفة الأيدي، فهم تارة يقولون إن هذه أعمال فردية قائمة على عمل عائلي أو عشائري، ثم قالوا إن هذه عمليات فردية نتيجة البطالة واليأس وعدم وجود أفق اقتصادي في الضفة الغربية ومستقبل للشباب، وبالتالي لم تستطع كل أجهزة الأمن والمخابرات الإسرائيلية أن تمنع هذه الظاهرة.

 

وقف الانتفاضة لن يتم إلا بالحل السياسي

وقال جعارة، إن كافة الإسرائيليين وبخاصة المهتمين بالشؤون الأمنية والتحليلات العسكرية، أقروا أن هذه الظاهرة (العمليات الفردية)، لا تستيطع القضاء عليها من خلال عمل عسكري، وإنما يجب أن نقضي عليها بالعمل السياسي، وهو ما يعتبر أثر خامساً بالغ الأهمية، حسب جعارة، لذلك طالبت الأجهزة الاستخباراتية بمنح أجهزة السلطة الفلسطينية معدادت جديدة وأسلحة خفيفية، ورفضت حظر الحركة الإسلامية في الداخل، قبل أن ترضخ لمطالبات نتنياهو.

وبالحديث حول مساعي الاحتلال بوقف الانتفاضة بالعمل السياسي، أوضح جعارة أن الجانب الإسرائيلي يرى أن هذه الانتفاضة قائمة بالأساس على العمليات الفردية، ولا تستطيع المخابرات وأجهزة الأمن أن تدخل في عقل وقلب كل فرد يريد أن يدهس أو يطعن.

لذلك يدرك الإسرائليون أن وقف الانتفاضة لا يتم إلا من خلال العمل السياسي، كما حصل في الانتفاضتين الأولى والثانية، ومن الممكن أن يحصل في الانتفاضة الحالية، عبر التوصل إلى تفاهمات سياسية.

وأكد الخبير في الشؤون الإسرائيلية، أن إسرائيل معنية بدرجة كبيرة بعودة الهدوء إلى مواطنيها، كما قال نتنياهو ذلك مراراً وتكراراً، واجتمع مع كيري مرتان من أجل وقف الانتفاضة، وعودة الأمن والسلام إلى المواطن الإسرائيلي وهو مستعد لعمل إي شيء لهذه الغاية.

 

تصريحات غير "مترجمة" واقعياً من قبل الفصائل لا تضمن استمرار الانتفاضة

رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، خالد مشعل دعا قيادة السلطة الفلسطينية إلى المشاركة في الانتفاضة الشعبية ضد الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية ومدينة القدس المحتلة وأخذ زمام المبادرة.
وأكد مشعل في لقاء مع قناة "الجزيرة" القطرية، مساء الأحد الماضي، إن "الانتفاضة تحتاج إلى قرار من القيادة الفلسطينية للانخراط فيها، وأخذ زمام المبادرة".

وقال مشعل إن الانتفاضة "فرصة استثنائية.. على قيادة السلطة الفلسطينية استغلالها"، مضيفا أن "مسيرة مفاوضات التسوية لم تحقق أي شيء للشعب الفلسطيني، رغم أنها أعطيت كل الفرص. بالتالي، لا يعقل تكرار المنتج نفسه الفاشل في ظل المكاسب الاستراتيجية للمقاومة وبرنامجها".

وأضاف: "التخلي عن خيار المقاومة والدفاع عن القدس هو ما ينهي المشروع الوطني الفلسطيني، (...) لهذا نقول لحركة فتح، وللأجهزة الأمنية في الضفة، وكافة الفصائل الفلسطينية، تعالوا جميعا للانخراط في انتفاضة القدس، فحركة حماس ستمضي في هذه الانتفاضة حتى النهاية".

وخلال أخر اجتماعها مساء الأحد، أكدت اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، على دعمها الكامل لتحديد العلاقات مع سلطة الاحتلال الإسرائيلي في كافة المجالات وتحديداً العلاقات الأمنية والسياسية والاقتصادية.

وتدارست اللجنة، الآليات والجداول الزمنية لتنفيذ قرارات المجلس المركزي الفلسطيني في آذار 2015 لتحديد العلاقات الأمنية والسياسية والاقتصادية مع سلطة الاحتلال (إسرائيل)، وذلك على ضوء استمرار تنكر الحكومة الإسرائيلية لما ترتب عليها من التزامات نتيجة الاتفاقيات الموقعة، وتصعيد اعتداءاتها الخطيرة على أبناء الشعب الفلسطيني، وبما يشمل الإعدامات الميدانية وهدم البيوت وانتهاك المقدسات ومصادرة الأراضي والتطهير العرقي، والحصار والإغلاق، وحجز جثامين الشهداء وتكثيف وتسريع النشاطات الاستيطانية وفرض الحقائق على الأرض، وكل هذه الممارسات التي ارتقت الى جرائم حرب بهدف تدمير خيار الدولتين واستبداله بخيار الحكومة الإسرائيلية بدولة واحدة بنظامين ( الأبرتايد) وبإبقاء الأوضاع على ما هي عليه.

وتوجهت اللجنة المركزية الى أبناء الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده للتعاضد والتلاحم وإزالة أسباب الخلافات والانتصار لهبة شعبنا الهادفة لتحقيق الاستقلال وإقامة دولة فلسطين المستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967 بعاصمتها القدس الشرقية.

* كافة الأرقام الواردة في التقرير، حتى الساعة 12:00 ظهرا يوم الاثنين 7 كانون الأول/ ديسمبر.