الإثنين  25 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

الحيادية المنحازة ؟! بقـلـم : تيسير الزًبري

2015-12-12 11:23:01 AM
الحيادية المنحازة ؟!   بقـلـم : تيسير الزًبري
تيسير الزبري

من اجل تغطية حقيقة الموقف السياسي للفرد او للسلطة (اي سلطة ) تجاه قضية محددة وذات شأن ؛ يلجأ اصحاب المواقف المتهاوية الى حيادية مزعومة، وللتعمية على حقيقة موقفهم يجري احيانا استخدام تعبير عاجز مثل "النأي بالنفس" وبما يشبه سلوك النعامة التي تخفي رأسها في الرمال حتى لا يراها( العدو المتربص ) والأكثر فظاعة هو تلبيس المصلحة الوطنية العليا هذا المواقف .!

كما تتكشف خيوط اللعبة، والدور الامريكي مع الحليف الاستراتيجي "اسرائيل" ومع الحلفاء الاقليميين فيها ؛ وباستثناء الهبة الجماهيرية في تونس في نهاية 2010 فان كل التحركات الاخرى لم تبتعد كثيرا عن الدور التآمري الامريكي تحت برنامجهم بما يسمى ب "الفوضى الخلاقة "سواء عند محاولة استثمار الحالة الشعبية في مصر وفتح الطريق امام حكم الاخوان المسلمين، وامتصاص حالة الغضب الشعبي المصري من آثار خطايا نظام حسني مبارك، وانتشار الفقر والفساد على نطاق واسع ....؛ كما جرى استثمار ذات الحالة في ليبيا بسبب من حماقة وعجرفة القيادة الليبية آنذاك الامر الذي فتح الباب امام التدخل الخارجي وانتشار عصابات الارهاب تحت شعارات اسلاموية ؛ وهي العصابات التي ما تزال تهدد حاضر ومستقبل ليبيا ،وتشكل تهديدا لدول الجوار في الجزائر وتونس ومصر .

الاكثر ظهوراً ، والأبعد خطراً هو التآمر والتدخل العسكري والدعم المالى والسياسي لكل المجموعات الارهابية والدعم السياسي والمالي لقوي معارضة (جرى ترويضها ) ذات اجندات متعددة ...صحيح ان هناك عناصر محفزة للتدخل الخارجي استثمارا لحالات الاستياء من حكم الفرد والتسلط المخابراتي وحرمان الناس من حقوقهم الديمقراطية ، وكذلك حالة  الذهاب الى معارك عبثية مثل الحرب الايرانية العراقية واجتياح الكويت والويلات التي جرتها تلك الحروب.هذه الاسباب الداخلية جرى ويجري استثمارها للتدخل الخارجي وبالدعم من قوى اقليمية عربية وغير عربية .لقد حولت القوى الاستعمارية الجديدة ومع حلفائها الاقليميين من اسباب الاستياء الشعبي الى حروب تدور الآن رحاها تستهدف تقسيم العراق الى ثلاث دول (دولة سنية طائفية واخرى شيعية والثالثة كردية )ونهب ثرواته ؛ مما يجعل من شعار حماية وحدة العراق وحماية مقدراته الاقتصادية وتاريخه هدفا لكل الشرفاء وانصار الحرية والتقدم :عربا وغير عرب .

ما يدور على ارض سوريا اكثر وضوحا وأكثر خطراً عل عموم المنطقة ومنها – وبشكل خاص على القضية الفلسطينية -،وهنا تتداخل عوامل التآمر الامريكي والإسرائيلي والعداء الاقليمي الخليجي والتركي مع برامج بعض قوى المعارضة والتي يجري استخدامها  "حصان طروادة "من اجل تفتيت سوريا ومنع اي دور لها على صعيد حل الصراع العربي الاسرائيلي (وتأثيرها على لبنان ). المستفيد الاخير من تدمير سوريا او اقامة انظمة طائفية هو الاحتلال الاسرائيلي ،والفتات يترك –كالعادة -للاعوان الثانويين .!

الحياد السياسي والإعلامي تجاه المخاطر التي تمر بها منطقتنا من المغرب العربي وحتى بلدان الشرق تجعل من شعار "النأي بالنفس "شعارا ضارا ومنحازا في النتيجة للقوى المعادية لمصالح شعوب المنطقة ومنها الشعب الفلسطيني الذي يخوض معركة التحرير من احل حق العودة وتقرير المصير.

اخيراً . نضع سؤالا افتراضيا ..ماذا لو تحول العراق الى ثلاث دول طائفية وقومية "مثل الأكراد"، دون ان نغفل عيوننا عن العلاقات العدائية التي يقيمها مسعود برزاني مع إسرائيل والولايات المتحدة وتركيا من وراء ظهر الحكومة العراقية المركزية (حتى ضد ابناء قومه الاكراد في تركيا ) وماذا يمكن ان تقوم به دولة سنية أسستها امريكا وبعض دول الخليج بأقل مما يفعل البرزاني مثلاً ؟ والامر ذاته ماذا لو تم تقسيم سوريا الى دول طائفية وقومية ؟ اليس ذلك مبعث خطر على كل شعوب المنطقة، وبشكل خاص على الشعبين اللبناني والفلسطيني ، ومن سيكون المستفيد الاكبر من وراء ذلك اكثر من اسرائيل ؟!!

عندما نقف مع سوريا والعراق ومع مصر وتونس وليبيا فنحن الفلسطينيون نقف مع قضيتنا العادلة ، وبهذه الحال لا يمكن ان نضع على مصفوفة واحدة من يقف معنا ومن يقف ضدنا على مستوى واحدا تحت ادعاء الحيادية والنأي بالنفس. لا نستطيع وليس من مصلحتنا الوطنية ان نعتبر المساعدات العسكرية والسياسية الروسية والإيرانية ومع حزب الله كما الموقف من اعدائنا ومن يدعمهم واذنابهم من عصابات السرقة والإرهاب ومن اصحاب الجرائم ضد الانسانية وفي كل مكان ...!!!