الأحد  24 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

نائب أردني يروي لـ"عربي21" تفاصيل التحاق ابنه بتنظيم الدولة

2015-12-16 09:35:42 AM
نائب أردني يروي لـ

الحدث - مصدر الخبر

 

لم يكن النائب في البرلمان الأردني مازن الضلاعين، يعتقد لوهلة أن نجله محمد (23 عاما)، الذي يدرس الطب في أوكرانيا، سيلتحق بتنظيم الدولة، ويفجر نفسه في الموصل، حسب إصدار للتنظيم حمل اسم " الولاء والبراء" شن فيه الولد هجوما على والده بسبب ما أسماه " التشريع بغير ما أمر به الله".

 
يستذكر النائب أن ابنه شاركه جنبا إلى جنب في مسيرة نددت بقتل الطيار الأردني معاذ الكساسبة العام الماضي بمدينة الكرك، ورفع محمد صورة الطيار الأردني، مستنكرا الحادثة وفكر التنظيم، قائلا إنه "تنظيم إرهابي لا يمت للدين بصلة".

 
لكن ما الذي غير الحال؟ وكيف أصبح محمدا من مناهض لتنظيم الدولة إلى انتحاري في صفوفه؟ وبات يدعى (أبو البراء الأردني)؟

 
صحيفة "عربي21" حاورت النائب الضلاعين، الذي أصبح ناشطا في محاربة "الفكر المتطرف"، من خلال ندوات في الجامعات الأردنية والمساجد تستهدف الشباب الأردنيين.

 
وفيما يلي نص الحوار:
 

دعنا نبدأ من قصة محمد، كيف التحق بالتنظيم؟

لم يكن محمدا متطرفا في البداية، فبعد استشهاد الطيار الأردني معاذ الكساسبة العام الماضي رفع محمد صورة الطيار في مسيرة بمحافظة الكرك، مستنكرا عملية القتل الوحشية، وكان دائما يناقشني ويقول إن هذا التنظيم إرهابي، ولا يمت للدين بصلة.

 
لكن عندما ذهب محمد إلى أوكرانيا، توصلت له "داعش" من خلال زوجته الأجنبية التي أسلمت حديثا، بعد أن قامت جماعة مكونة من أذربيجاني وامرأة شيشانية وتونسي بإقناعها بضرورة الجهاد والهجرة من بلاد الكفر إلى بلاد "الخلافة الإسلامية"، مستغلين جهلها بالإسلام؛ حيث أقنعوها أنها ستجد الجنة، لتقنع هي بدورها زوجها بهذا الفكر، ويصبح فكرهما مشتركا.
 

ليلة سفر محمد وزوجته إلى تركيا ثم سوريا فالموصل، كنت موجودا عندهم في المنزل بمنطقة تدعى خارخوف في أوكرانيا، و لو كان عندي شك واحد في المليون أنه متوجه للالتحاق بداعش كنت قد حجزته في المطار، واتخذت الاحتياطات اللازمة لمنعه من دخول هذا التنظيم المجرم.
 

وأذكر أن نقاشا دار بيني وبين محمد في الليلة ذاتها بشأن داعش، وبعد يومين تفاجأت بدخوله إلى التنظيم، من خلال ذهابه إلى تركيا ثم سوريا فالموصل، وقيامه بعملية التفجير، كما يدعون! وقد يكون كل ادعائهم كاذب؛ لأني بصراحة لا أؤمن بأحاديثهم، قد تكون كلها خدع يستخدمونها، حتى في قضية أنه فجر سيارة مفخخة قد يكون خدعة؛ لأن هذه الجماعات عندما يدخل الأشخاص اليها يكون تحت سيطرتهم تماما، يكونون مسلوبي الإرادة.

 
 فقد استمعت لقصص شباب أردنيين عادوا من بين صفوف التنظيم، قالوا إن عناصر من داعش كانوا يضعون بندقية على راسهم عند الحديث مع ذويهم عبر الهاتف؛ لإجبارهم  على القول إن دولة الخلافة هي دولة الإسلام الحقيقي الصحيح.
 

هذا التنظيم مجرم إرهابي حقيقي، خرج عن أصول شريعتنا الإسلامية والمبادئ المستخدمة لديهم خارج كل الشرائع السماوية.
 

هل شاهدت الفيديو الذي ظهر فيه محمد مؤخرا تحت مسمى الولاء والبراءة؟
 

نعم شاهدته.. هذا المقصود فيه، أنا عندما أعدت فتاة أردنية من مدينة الكرك جندها التنظيم، اعتبروني مناكفا لهم، وفي الحقيقة استطعت إعادة فتاتين وليس واحدة، من خلال ضبطهما في مطار تركيا، هناك فتاة أخرى، وهذه لم يتم الحديث عنها إطلاقا؛ حفاظا على سيرة أهلها.
 

كما أعدت شابا أردنيا من منطقة إربد بعد أن هرب من سوريا إلى تركيا، و نسقت مع السفارة الأردنية في أنقرة.. كل هذا لنحافظ على هذا الجيل حتى لا يغرر فيه بالطريقة التي غرر فيها ابني.
 

وأقول لك التهديدات التي وردت في الفيديو لا تثنيني، هذا الفيديو جاء بعد شهرين وأسبوع من مقتله على شاشات مواقع التنظيم، الرسالة كانت واضحة أنها موجهه لي، ولا يثنيني هذا الكلام، فمن دوري الوطني توعية الشباب، وهذا جزء من مهنتي، كوني في مجلس النواب؛ كي لا يغرر فيهم.

 
ولذلك، قمت بإطلاق مبادرة، وأتمنى أن تستمر في كل الجامعات تتضمن عقد محاضرات لتوعية هذا الجيل الذي قد يغرر فيه من قبل هذا التنظيم الإجرامي، وأعتقد أن رسالتي وصلت إليهم تماما، وأنا تحدثت حتى عبر وسائل الإعلام أيضا، لكن للأسف الإعلام الاردني جاء على نظام الفزعة، يجب أن يكثف إعلامنا دوره في هذه الظروف الصعبة حتى يبعد هذا الجيل عن الفكر المتطرف والإرهابي، كما يجب على خطابنا الديني ألا يبقى كالخطاب السابق، وأن نقوم بإجراءات روتينية بما يخص الحديث عن أمور الصلاة والصوم والزكاة وما إلى ذلك، يجب أن نغير الآن هذه الآفة الاجتماعية او السرطان كما أسميه، يجب أن نغير صيغة الخطاب الديني، وننتقل إلى الميدان، ونضع استراتيجية عندما تحدث مشكلة، كلنا نفزع، يوم أو يومين تنتهي المشكلة.
 

يجب مواجهة هذا الفكر المتطرف الذي قد يغزوا كل بيت من بيوتنا بوجود شبكة التواصل الاجتماعي الموجودة الآن في كل بيت، ولا يوجد أي قيود على هذه الشبكة، أي شخص معرض للدخول إلى هذا التنظيم.
 

 هل شاهدت والدة محمد إصدار البراء والولاء أيضا؟
 

 نعم شاهدته، وكان الله بعونها، هي مجروحة ومتألمة لليوم، ولا زالت ترثيه يوميا بكتاباتها.
 

تحدثت أنك استطعت إعادة فتيات وشباب جندهم التنظيم.. كيف يتم استقطاب الشباب؟
 

مواقع التواصل الاجتماعي هي التي تلعب الدور الأساسي في تجنيد هؤلاء الشباب من خلال دخولهم على مواقع تابعة لتنظيم داعش الإرهابي.
 

يحاول التنظيم استغلال النقص في حاجات اجتماعية، سواء فقر أو بطالة، ويقنعون الشباب بأنهم حريصون على تأمين كل مناحي الحياة لهم من مسكن و نقود، ويستهدفون خاصة الشباب ذوي الميول الدينية نوعا ما، ويحاولون أن يبثوا لهم أفلاما جهادية، ويقنعوهم بأنهم سيدخلون الجنة، وأن أعمالهم تتوافق مع شرع الله، ومن خلال العمليات الجهادية التي ستقومون بها ستحصلون  على الحور العين وما شابه ذلك، وهذا الإقناع لا يأتي في يوم وليلة، ويحتاج إلى أشهر طويلة، قد تستمر لأربع أو خمس شهور، وربما سنة أحيانا، حسب هذا الشخص ومدى ميوله وقبوله للفكر المطروح عبر وسائل الاتصال الاجتماعي.

 
من الحالات التي قابلتني قصة شاب يبلغ من العمر 24 سنة، ويدرس دكتوراة في المحاماة في جامعة العلوم الإسلامية، وهو شاب مثقف.. أصبح التنظيم يستهدف أصحاب العقول النيرة المتعلمين مثل الأطباء المهندسين والمحامين، ويبحث عن هذه الفئة حتى يثبت للعالم عكس النظرة التي ينظر فيها العالم لهم بأنهم جماعات عاطلة عن العمل جماعات خارجة عن القانون.

 
هل يوجد خلايا نائمة للتنظيم تقوم بالتجنيد في الأردن؟
 

هذا التنظيم ليس فقط في الأردن، هنالك خلايا نائمة في جميع أنحاء العالم في سوريا والعراق وتركيا ومصر وليبيا، يقومون بالتجنيد من خلال سماسرة، قد يكونون أشخاصا منظمين من داخل الأردن مستخدمين أسماء وهمية عبر شبكة تواصل اجتماعي، وهذا ما حدث مع الفتاة التي جندوها في مدينة الكرك، فبعد فترة من دخولهم عبر قنوات التواصل تحصل بينهم مبايعة للخليفة، وهذه المرحلة تعني الكثير بأن يلتزم معهم، ووجب عليهم تنفيذ الأوامر حتى أنهم ينفرونهم من أهلهم، وأحيانا يطلبون قتل أحد أفراد عائلته.
 

ما هي الصورة التي ينقلها العائدون من بين صفوف التنظيم؟
 

استمعت لرواية الفتاة التي عادت من تركيا، ونقلت صورة عكسية عمّا يدعيه التنظيم تماما، بدأوا حسب قولها غير مهتمين بالدين على نقيض الطريقة التي كانوا يرسلون فيها الأفلام الجهادية.
 

وفي حال إدخالهم الرقة، يصبح الشباب في حل من أهلهم، ويتحكم التنظيم في مناحي الحياة كاملة، يراقبون تحركات الشباب ويلحقونهم بدروس في الشريعة، مثلما يريدون (غسل دماغ)، والذي يرفض في ذلك يرسلونه إلى عمليات انتحارية حسب ما نقلته الفتاة.
 

وأيضا هناك رواية أهل شاب من مدينة السلط ذهب إلى الرقة وكشف أن هذه المجموعة غير صحيحة وبعيدة عن الإسلام، وحاول الرجوع، لكنهم كشفوا أمره، وكانوا يريدون إعدامه، وألبسوه اللباس البرتقالي، إلا أنه توسل للحراس الموجودين بالسجن كونه وحيد أهله، ودفع لهم رشوى 3 آلاف دولار، وفر إلى تركيا، ثم عاد إلى الأردن، والآن سجن بعد عودته.
 

هل تملك معلومات حول أعداد الأردنيين في صفوف داعش؟
 

إحصائيات رسمية لا يوجد، لكن، هنالك أرقام لمختصين في هذا المجال تشير إلى وجود حوالى 3 آلاف أردني داخل التنظيم والجماعات المتشددة، قتل منهم حوالي 420 شخصا، ومن محافظة الكرك هناك ما يقارب 10 أشخاص قتلوا، بينما يتجاوز عدد الأردنيين الملتحقين بالتنظيم من مدينة الكرك 50، أغلبهم في سوريا.