الخميس  19 أيلول 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

القطاع الخاص: خصخصة معابر غزة اقتراح يستحيل تحقيقه ما لم يتم إنهاء الانقسام

2014-03-04 00:00:00
القطاع الخاص: خصخصة معابر غزة اقتراح يستحيل تحقيقه ما لم يتم إنهاء الانقسام
صورة ارشيفية

الحدث - غزة- حامد جاد 

أثار إقتراح خصخصة معابر قطاع غزة الذي طرحه مؤخرا مسؤولون في الحكومة المقالة التي تديرها حركة حماس في غزة ردود فعل متباينة في أوساط القطاع الخاص الذي رأى أحد رجالاته أن هذا الاقتراح يعبر عن طبيعة الأزمة التي تمر بها حكومة حماس منذ أن قامت مصر في حزيران الماضي بإغلاق وتدمير الأنفاق الممتدة في جوف الأراضي الحدودية الفاصلة بين جنوب قطاع غزة والأراضي المصرية وما ترتب على هذا الأمر من تراجع حاد وغير مسبوق في الوضع المالي لحكومة حماس التي تعاني موازنتها للعام الحالي عجزاً مالياً بلغ نحو %75 .

وفي الوقت الذي أعربت فيه حكومة حماس عن موافقتها وجاهزيتها لتولي القطاع الخاص مهمة ادارة المعابر رأى آخرون من القطاع الخاص أنه رغم أهمية الموقف المذكور إلا أنه يظل فكرة من المستحيل تحقيقها وأن طرح قضية خصخصة المعابر في ظل عدم تحقيق المصالحة وعدم تشكيل حكومة وحدة وطنية يعد بمثابة تسطيح للواقع المأزوم الذي يعيشه قطاع غزة في ظل الحصار المفرض والانقسام.

وفي أحاديث منفصلة أجرتها “الـحدث” مع ذوي العلاقة من القطاعين العام والخاص اعتبر رجل الأعمال والخبير الاقتصادي مأمون أبو شهلا اقتراح خصخصة معابر القطاع اقتراحاً قديماً جديداً ويفترض ألا يتم  طرحه بهذه البساطة فالحديث عن إنهاء الحصار وخصخصة معبر رفح لا تتم إلا بموجب قرار سياسي يفترض اتخاذه من قبل حكومتي رام الله وغزة والجانب المصري وليس عبر تسطيح الأمور بهذه السرعة.

ورأى أبو شهلا إنه كان يتوجب على نائب رئيس وزراء حكومة حماس زياد الظاظا قبل أن يطرح فكرة خصخصة المعابر أن يبحث أولاً  في أسباب إغلاق المعبر ثم في متطلبات إعادة ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني وليس أن يدغدغ مشاعر الناس بالحديث عن خصخصة المعابر التي هي بالأساس قضية سياسية.

وقال أبو شهلا: «لن يكون هناك إمكانية لإعادة فتح معبر رفح أو خصخصته بدون حل القضايا السياسية حتى ولو أتينا بإدارة أمريكية  لإدارة المعبر وكذلك الأمر بالنسبة لمعبر كرم أبو سالم، فالقطاع الخاص لن يستطيع إدخال مواد البناء حيث أن منع هذه المواد جاء بموجب قرار إسرائيل القاضي بفرض الحصار وبالتالي إنهاء الحصار يتطلب من الجانب الفلسطيني إنهاء الانقسام وتشكيل حكومة وحدة وطنية تحظى بقبول المجتمع الدولي ومن ثم من الممكن الحديث عن الخصخصة». ويرى أبو شهلا أن كل ما أثير بشأن خصخصة المعابر أو الحديث عن موافقة مصرية لتزويد القطاع الخاص في غزة بمواد البناء اعتباراً من شهر آذار الحالي هو مجرد تكهنات وتوقعات جاءت نتيجة لتحرك تقليدي معتاد من خلال بعض الوسطاء بين حكومتي رام الله وغزة والجانب المصري.

وأضاف «ما يطرح من اقتراحات ومبادرات من خلال المسؤولين في حكومة غزة يعبر عن الازمة التي تعانيها هذه الحكومة في ظل الحصار المفروض فكان الله في عون حكومة غزة فهذه الازمات ليست أول أزمة تواجهها حكومة حماس ولن تكون الاخيرة ما لم يتم الالتفات إلى الحل الجذري لمعالجة أزمات غزة عبر إنهاء الانقسام وتشكيل حكومة وحدة وطنية كخطوة اولى لرفع الحصار». 

 

اقتراح بتشكيل لجنة لمعالجة قضايا غزة

 

ويتفق مع ابو شهلا في تشخيص الوضع المأزوم الذي تمر بها حكومة حماس أحمد أبو عيدة عضو جمعية رجال الأعمال الذي اقترح خلال لقاء موسع عقد مؤخرا بمشاركة لفيف من فعاليات القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني تشكيل لجنة أطلق عليها اسم لجنة إنقاذ غزة حيث اعتبر أبو عيدة أن معالجة أزمات غزة مرتبط بالمصالحة وإنهاء الانقسام.

وأكد ضرورة تشكيل لجنة طوارئ تضم في عضويتها كافة القطاعات الاقتصادية ومؤسسات المجتمع المدني وحقوق الانسان بحيث ينبثق عنها لجان فرعية كل لجنة منها مختصة ببحث المشاكل التي يعاني منها قطاع بعينه موضحاً أن الأزمات التي يعيشها أهالي قطاع غزة متعددة فهناك على سبيل المثال أزمة انقطاع الكهرباء، ومشكلة الركود في السوق المحلية، وأزمة عدم توفر السيولة في الوحدات النقدية الأصغر قيمة مثل مسكوكات النصف شيكل التي تعاني فئة أصحاب محال البقالة والسوبرماركت منها ماحملها على رفض شراء البضائع التي تباع القطعة الواحدة منها بنصف شيكل، وهناك مشكلة عدم توفر الاسمنت ومواد البناء كأصناف رئيسية لتشغيل السوق ومشكلة نقص غاز الطهي لذا فمن الضرورة تشكيل لجان متخصصة بطرح سبل معالجة وحل كل مشكلة من هذه المشاكل على حدة.     

ولفت إلى أن عددا من ممثلي القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني والهيئات غير الحكومية التقوا  خلال الأسابيع الأخيرة بشكل منفرد وجماعي مع العديد من المسؤولين في السلطة في رام الله وحكومة حماس وكذلك مع مسؤولين اسرائيليين لمناقشة جملة الأزمات التي تمر بها غزة والبحث عن حلول عملية لها حيث كانت حصيلة هذه اللقاءات والنتيجية التي توصل لها المشاركون فيها تشير إلى أن الحل الوحيد للتعاطي مع كافة الاقتراحات المطروحة من قبل الحكومة في غزة سواء المقترح المتعلق بالخصخصة أو اقتراح وزير اقتصاد المقالة علاء الرفاتي المتعلق بادخال مواد البناء عبر معبر رفح من خلال القطاع الخاص يقتضي ضرورة تحقيق المصالحة.

وتساءل أبو عيدة «كيف يتسنى لنا خصخصة معابر لا سيطرة لنا عليها فهذا الأمر من المستحيل تحقيقه  في ظل الانقسام فليس هناك جهة من الممكن أن تتعاطى مع هذا الأمر سيما وأن حكومة غزة دورها يقتصر في معبر كرم أبو سالم على فرض الضريبة والاطلاع على البضائع الواردة وفحص صلاحيتها،  وبالتالي ليس هناك رؤية واضحة حول كيفية خصخصة هذه المعابر التي لا تملكها ولا تسيطر عليها حكومة غزة فهي لاتستطيع حتى الوصول إلى المنطقة الفاصلة بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني في المعبر المذكور لذا فهذه الاقتراحات نابعة من أزمة مالية وسياسية تعيشها حكومة غزة التي تبحث من خلال اقتراحاتها الأخيرة عن حلول ومخارج لأزمتها».

وقال «الكل في رام الله وغزة يقول إنه يريد المصالحة ولكن لا أحد منهم يتحرك فعلياً لتحقيق هذا الأمر على أرض الواقع فلا بد من حراك  جماعي منظم من أجل تحقيق المصالحة كي يتم معالجة جملة الازمات الاقتصادية والمعيشية التي يمر بها قطاع غزة». 

وزاد بقوله «الجميع يتفهم الأزمة الحالية لحكومة غزة سياسيا واقتصاديا ونعرف أنها تعمل للخروج منها لتخفيف الأعباء عن كاهل المواطن، ولكن لا نعرف كيف يتم الحديث عن خصخصة المعابر ونحن لسنا أصحاب قرار في ذلك والمعروف أن الخصخصة هي تنازل أو بيع ما تملكه الحكومة إلى القطاع الخاص أو أي جهة تراها مناسبة لتتمكن من تطوير ذلك لما فيه المصلحة العامة والسؤال هنا ماذا نملك نحن الفلسطينيين على المعابر ليتم تخصيصها فمثلا معبر كرم ابو سالم ومعبر بيت حانون (ايرز) وللأسف هما تحت السيادة الاسرائيلية الكاملة اما معبر رفح، فنحن لسنا اصحاب قرار في فتحه أو اغلاقه ومصر هي صاحبة القرار وكما صرح المسؤولون المصريون سابقاً بأنه لن يتم فتح المعبر إلا بإنهاء الانقسام وبموجب اتفاقية المعابر عام 2005».

أما وكيل وزارة الاقتصاد لدى الحكومة المقالة حاتم عويضة فكشف عن استعداد وجاهزية حكومته لأن تدير شركة خاصة شؤون معابر القطاع دون أي تدخل من قبلها مبيناً أن فكرة خصخصة المعابر فكرة قديمة طرحت منذ ما قبل تولي حكومة حماس شؤون إدارة قطاع غزة. 

وقال «إذا كان المانع وجود حكومة حماس فالأخيرة لديها الموافقة على أن تدير شركة خاصة المعبر حيث تواصلت حكومة حماس مؤخراً مع رجال اعمال كي يسوقوا هذه الفكرة  لدى حكومة رام الله ولدى الجانب الاسرائيلي وحكومة غزة لا مانع لديها فهي حاولت منذ بداية الحصار العمل على فتح أفق لادخال المواد الانشائية لانها تشكل رافعة للاقتصاد الفلسطيني فتواصلت مع القطاع الخاص من أجل ادخال الاسمنت الاسرائيلي وكذلك الاسمنت المصري وبالتالي كانت النتيجة بالنسبة للاسرائيلي أن الاخير سمح الشهر الماضي بادخال الف طن من الاسمنت لاعادة تاهيل المنازل المدمرة اثر المنخفض الجوي الاخير» . 

ولفت عويضة إلى أن الرئيس المصري المعزول محمد مرسي وحكومته تجاوبت بشكل إيجابي مع مطالب حكومة حماس المتعلقة بتخفيف الحصار عبر تزويد غزة باحتياجاتها من السلع المختلفة وفي مقدمتها مواد البناء فالزيارات واللقاءات مع حكومة مرسي وخاصة زيارة رئيس وزراء حكومة حماس اسماعيل هنية أثمرت عن نتائج ايجابية في حينه منوهاً إلى انه عقب عزل مرسي استأنفت الاتصالات من قبل القطاع الخاص الذي تلقى وعوداً من نظيره المصري وجهات أمنية مصرية بادخال الاسمنت وهناك من أبرم فعلياً من القطاع الخاص تعاقدات مع موردي الاسمنت المصريين وقد حصل البعض منهم على تصاريح لادخال الاسمنت ومواد البناء الى غزة عبر معبر رفح ولكن لم تنفذ بعد هذه الموافقات المصرية لذا توقع الرفاتي تنفيذها الشهر الحالي. 

 

فكرة نظرية رائعة 

 

من جهته اكتفى رئيس جمعية رجال الاعمال في غزة علي الحايك بوصف اقتراح خصخصة المعابر بفكرة نظرية رائعة ولكن تطبيقها لايتم دون تحقيق المصالحة مسترسلاً بقوله “كل اللقاءات التي عقدها القطاع الخاص مع المصريين كانت تنتهي بعبارة واحدة ( تحدثوا مع ابو مازن في هذا الامر) فالجميع يعلم ان حكومة غزة محاصرة ولايمكن لهذه الفكرة أن ترى النور وتتوج بنجاح مع المجتمع الدولي والاسرائيلي الامن خلال موافقة ودعم الرئيس ابو مازن  وانهاء الانقسام”.

وطالب الحايك الرئيس محمود عباس بتفعيل اقتراح عرضه قبل  سنتين بتشكيل لجنة لمتابعة قضايا معابر غزة وحل مشاكل المواطنيين والعمل على متابعة هذا الامر مع الجانب المصري لحل المشاكل القائمة في معبر رفح الذي يعمل لبضعة أيام من كل شهر.

وشدد الحايك على عدم قدرة القطاع الخاص الفلسطيني الاستجابة لما طرحته حكومة حماس بشأن الخصخصة حيث لايستطيع القطاع الخاص ادارة المعابر في ظل الانقسام والاوضاع السيئة التي يمر بها قطاع غزة اضافة الى أنه لايستطيع تجاوز اتفاقية المعابر الموقعة في عام  2005.

وكان زياد الظاظا نائب رئيس وزراء الحكومة المقالة بغزة أعلن مؤخراً أن حركة حماس اقترحت نقل السيطرة على المعابر الى القطاع الخاص وأن رجال الأعمال يدرسون هذا الاقتراح وقال «قلنا لهم اذهبوا وأجروا مناقشاتكم مع إسرائيل ومصر»لافتاً الى أن حماس منفتحة أيضا على خصخصة توزيع الكهرباء في القطاع، وأنها على اتصال بقيادات من رجال الأعمال فيما أكد أيضاً الرفاتي أن وزارته والحكومة المقالة منحتا القطاع الخاص الضوء الأخضر للتواصل مع مصر فيما يتعلق بتبادل العلاقات التجارية وذلك في إطار المصالح المشتركة، بعيدا عن الأوضاع السياسية