الحدث- القدس
أفادت مصادر إعلامية إسرائيلية أن ثمة حالة من التوافق بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، بشأن بقاء الرئيس السوري بشار الأسد في السلطة، مضيفة أن واشنطن وحلفاءها توقفوا عن طرح مسألة بقاء الأسد في الحكم من عدمه، منذ أواخر الشهر الماضي، فيما جدد وزير الخارجية الأمريكي جون كيري تأكيده على هذه الحقيقة يوم أمس الثلاثاء، خلال اجتماعه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ووزير الخارجية سيرجي لافروف في موسكو.
ووجهت المصادر انتقادات حادة للمؤسسات السياسية والعسكرية والاستخباراتية في إسرائيل، وقالت إنه “من الغريب رؤية المسؤولين الإسرائيليين في هذه المؤسسات بينما يهرعون لتبني الموقف الأمريكي”، مدللة على ذلك بالأصوات التي تعالت في الأيام الأخيرة في تل أبيب، والتي تزعم أن “بقاء الأسد في السلطة هو أفضل خيارات إسرائيل، وأنه ينبغي على إسرائيل أن تساهم في ذلك، وألا تعمل على عرقلته”.
واعتبرت المصادر أن تلك الخطوة، التي انضمت إليها تل أبيب، تعني خضوع واشنطن والرئيس باراك أوباما، لمواقف الرئيس الروسي بوتين بشأن سوريا، وليس ذلك فقط، فقد فسرت ذلك بأنه خضوع لمواقف القيادة الإيرانية في طهران، وللرئيس السوري نفسه.
ويشير موقع التحليلات العسكرية والاستخباراتية الإسرائيلي ديبكا، إلى أن الموقف الذي ظهر عليه كيري معبرا عن الموقف ذاته الذي يتبناه الرئيس الأمريكي باراك أوباما، ومن خلفه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، والذي استقر على أنه “على الشعب السوري أن يقرر مصيره”، لم يعد يغير شيئا، وعلى النقيض، يعد تسليما بالتواجد العسكري الروسي في سوريا، والدور الذي تقوم به منظمة حزب الله اللبنانية والمليشيات الإيرانية، والتي لا يعنيها في الأساس أي موقف تتبناه واشنطن.
وينظر محللو الموقع إلى الموقف الأمريكي والإسرائيلي على أنه تنازل كبير للغاية فيما يتعلق بالملف السوري، يتيح استمرار موسكو في المضي بتعزيز تواجدها العسكري، زاعمين أن التنازل الأمريكي – الإسرائيلي يتزامن مع قرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والذي ينص على غلق ملف التحقيق بشأن الأنشطة النووية العسكرية في إيران، معتبرين أن الموقف الأمريكي والإسرائيلي متطابق مع موقف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فيما يتعلق بـ”غلق ملفات الماضي والتركيز على المستقبل”.
ويشير المحللون إلى أنه مثلما مُنحت إيران شهادة الشرعية الدولية بشأن برنامجها النووي، في أعقاب الاتفاق الذي تم التوقيع عليه في تموز/ يوليو الماضي، فإن نظام الأسد يحصل بدوره على شهادة أمريكية بشرعيته، على الرغم من “قتله قرابة النصف مليون شخص”، على حد قولهم.
ويحذر محللو الموقع الإسرائيلي من وجهة نظرهم من “انعكاسات خطيرة للموقف الأمريكي الجديد إزاء الأسد”، ويقولون إن الانعكاس الأول يتعلق بـ “التأكيد على شرعية الخطوات العسكرية الروسية في منطقة الشرق الأوسط، وعملها على الإبقاء على نظام بشار الأسد، فيما يتعلق الانعكاس الثاني بترسيخ هذا التواجد، وتوجيه صفعة للسياسات الأمريكية التي كانت تؤكد أن التدخل الروسي سيفشل لا محالة”.
وتابع المحللون أن الرئيس أوباما الآن، وبعد هذه الخطوات “يؤيد علنا الموقف الإيراني في سوريا، وهو ما يحمل تداعيات بعيدة المدى، أولها تأييد أوباما المبطن لتشكيل محور إيران – سوريا – حزب الله، الذي سيعتمد على جسر بري، يمتد من إيران وصولا إلى ساحل البحر المتوسط، وهو المحور الذي سيكون مدعوما من موسكو عسكريا وسياسيا، على حد زعمهم.
وفيما يتعلق بموقف الحكومة الإسرائيلية، يرى محللو الموقع أن هذا التناقض، الذي يأتي بعد سنوات من تبني موقف آخر تماما، “إنما يدل على عمى استراتيجي واضح”.