المشكلة تكمن في أن الطائفية غالبا ما تقود إلى التطرف. وبينما قد يبدو أن التحالف العسكري الجديد يستهدف الإرهاب، فإنه لا يُستبعد ألا يكون سوى امتداد للتحالف الذي تقوده السعودية الآن في اليمن- في الحرب التي تلخص المستنقع الطائفي الذي يغرق منطقة الشرق الأوسط حاليا.
هذا ما خلص إليه الكاتب الصحفي "أدم تيلور" في مقالة له بصحيفة " واشنطن بوست" الأمريكية والذي سلط فيها الضوء على التحالف العسكري الإسلامي الذي أعلنت عنه المملكة العربية السعودية مؤخرا لمكافحة الإرهاب العالمي والغموض الذي يكتنفه حتى الآن.
وإلى نص المقالة:
أعلنت السعودية هذا الأسبوع أنها بصدد تشكيل " تحالف عسكري إسلامي" جديد لمحاربة الإرهاب العالمي. وانبثقت الفكرة من " حرص العالم الإسلامي على مكافحة هذا المرض اللعين الذي أضر بالعالم الإسلامي أولا قبل المجتمع الدولي ككل،" وفقا لما صرح به الأمير محمد بن سلمان نائب ولي العهد السعودي ووزير الدفاع السعودي في مؤتمر صحفي.
ويستهدف هذا التحالف في جوانب عديدة منه تهدئة حدة الانتقادات الغربية التي طالما اشتكت من صمت العالم الإسلامي ووقوفه موقف المتفرج من قضية مكافحة الإرهاب والتطرف العالميين. ومع ذلك، تظل التفاصيل المتعلقة بالتحالف المذكور مبهمة بعض الشيء لدرجة حارت فيها عقول بعض المحللين السياسيين الذين لم يتأكدوا بعد من الأطراف المشاركة في هذا التحالف والهدف الرئيسي منه.
لقد سعت الرياض مؤخرا لإقناع الغرب أنها تتقدم الصفوف في مواجهة مشكلتي التطرف والإرهاب. لكن ليس من المبالغة القول إن ثمة أمور محيرة تتعلق بهذا التحالف الجديد.
المأخذ الأول: بعض الدول الإسلامية في التحالف تزعم أنها لم تسمع به من الأساس
بالرغم من أن 34 دولة أعلنت أعضاء في هذا التحالف، خرجت علينا بعض منها لتنفي موافقتها على أي شيء في هذا الخصوص.
فقد أكد مسؤول بارز في وزارة الخارجية الباكستانية لصحيفة " اكسبريس تريبيون" عقب هذا الإعلان : "عرفنا بهذا الأمر ( التحالف ) من خلال التقارير الإخبارية، " مضيفا: " لقد طلبنا من سفيرنا لدى االسعودية الحصول على تفاصيل حول ذلك .
ولم تكن باكستان الدولة الوحيدة التي تفاجأت بأنها ضمن قائمة الدول المشاركة في التحالف العسكري الإسلامي، إذ تبعتها حكومتا ماليزيا ولبنان اللتان أكدتا أنه لا توجد لديهما سوى القليل من المعلومات عن ذلك التحالف.
المأخذ الثاني:الدول الأخرى التي تضمنها التحالف لا تمتلك الأغلبيات المسلمة
على الرغم من أن السعودية أشارت إلى أن أعضاء التحالف ينتمون لـ " دول من كل أنحاء العالم الإسلامي”، فإن عددا من البلدان المذكورة كأعضاء لا تملك أغلبية مسلمة. فثمة، على سبيل المثال ، أكثر من 80 % من سكان أوغندا مسيحيون ، بينما تصل تلك النسبة إلى 75 % في الجابون .
وفي بنين، تعتبر الكاثوليكية أكبر ديانة في هذا البلد، علاوة على نسبة كبيرة من السكان تعتنق معتقدات دينية محلية .
في غضون ذلك، تمتلك تلك الدول أيضا أقليات مسلمة كبيرة فضلا عن أنها ترتبط بعلاقات قوية مع العالم الإسلامي، بما في ذلك العضوية في منظمة التعاون الإسلامي . ومع ذلك ، فإن مشاركتها في التحالف مثار استغراب، ولاسيما عند النظر إلى الدول التي لا يتضمنها التحالف.
المأخذ الثالث: عدد من الدول الإسلامية لم يرد اسمها في التحالف
لكن الأمر الأكثر غرابة فعلا هو أن عددا من الدول الإسلامية ذات بالأهمية الكبرى في العالم ليست جزءا من التحالف العسكري المزعوم ، بما في ذلك إيران والعراق وأفغانستان وإندونيسيا . وربما يبدو استبعاد مشاركة دول مثل العراق وإيران أمرا منطقيا بالنظر إلى أن كلتا الدولتين ذات أغلبية شيعية. لكن استبعاد الدول الشيعية من هذا التحالف الذي يمثل العالم الإسلامي ، قد يغذي في نفس الوقت الاعتقاد بأن التحالف قد تحركه دوافع التنافس الطائفي مع إيران وليس محاربة الإرهاب فحسب. غير أن مسؤولين سعوديين ينفون مثل هذا الأمر بشدة ، حيث أكد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في مؤتمر صحفي في باريس أن " هذا التحالف ليس سنيا أو شيعيا . "
في غضون ذلك، طُلب من أفغانستان الانضمام إلى التحالف العسكري الإسلامي، لكن لم تتخذ كابول قرارا بعد في هذا الصدد، في حين لم يتبين إذا كان قد طُلب من اندونيسيا الانضمام إليه حتى الآن .
المأخذ الرابع: هدف التحالف غير واضح
لعل أكثر الانتقادات التي يواجهها التحالف الجديد هو الغموض الذي يكتنف المهمة أو الهدف الرئيسي الذي من المخطط إنجازه. فقد أكد الجبير أنه : "لا شيء محدد مطروح على الطاولة " عندما يتعلق الأمر بالتحالف، والذي لن يكون لديه العنصر العسكري فحسب، ولكن معني أيضا بمواجهة قضايا أخرى تتعلق بتمويل الإرهاب والأيديولوجيات المتطرفة.
إلى ذلك، فقد ذهبت السعودية أيضا إلى ما هو أبعد من ذلك عندما كشفت عن أن التحالف لن تقتصر مهامه على محاولات محاربة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام " داعش"، ولكنه سيركز على الإرهاب بشكل عام. وذكر البعض، ومن بينهم المحلل بريان وايتيكر أن تعريف السعودية لمفهوم الإرهاب فضفاض إلى حد كبير .
وأضاف وايتيكر:” بموجب القانون الذي أدخلته الرياض العام الماضي، فإن أي انتقاد للنظام السياسي في المملكة أو حتى تفسيرها للإسلام يعد إرهابا.”
واستطرد بقوله:” هل ينطبق هذا الآن على الدول الأخرى في التحالف، أيضا.”