عتبرت صحيفة "ميدل أيست مونيتور" البريطانية أن قضية التعويضات التي سوف تدفعها مصر لإسرائيل والتي تبلغ 1.7 مليار دولار بعد انهيار اتفاقية الغاز بين الجانبين في 2012، تجعل المصالح بين الدولتين على المحك، مؤكدة أن الغرامة سوف يتاثر بها المواطن الفقير، وتؤخذ من جيوبهم بشكل أو بأخر.
وقالت الصحيفة في تقرير نشر اليوم السبت بعنوان "إلى أي مدى يمكن أن يذهب الخلاف المصري الإسرائيلي حول الغاز"، في الأسبوع الماضي، أعلنت دولة الاحتلال أنها سوف تحصل على تعويضات من مصر بقيمة 1.7 مليار دولار بعد انهيار اتفاق تصدير الغاز في 2012، حيث كانت القاهرة تصدر الغاز لتل أبيب بأسعار أرخص من قيمتها السوقية، مما تسبب في خسائر فادحة للاقتصاد المصري.
وبعد ثورة يناير في 2011، تعرض الخط الناقل للغاز لتفجيرات كثيرة مما دفع الهيئة العامة للبترول (جاسكو) في النهاية لوقف الغاز.
وبعد سقوط مبارك تغيرت سياسة تصدير الغاز، فبدلا من بيع الغاز لدولة الاحتلال بسعر منخفض، توقفت الصادرات، وبدأ الاسرائيليون يواجهون خسائر فادحة، وهو ما شكل ضربة كبيرة لتل أبيب، التي منذ انتصارها في حرب عام 1967 تحصل على إمدادات مصرية من الغاز .
وحتى أوائل 2012، كانت 45 % من احتياجات دولة الاحتلال من الغاز الطبيعي تأتي من مصر، وعندما توقفت تلك الإمدادات كانت ضربة هائلة لشركات الطاقة الإسرائيلية، ولكنها لم تؤثر على العلاقات السياسية بين الجانبين.
وجاءت قضية التعويضات في وقت يتجه الاقتصاد المصري نحو أزمة كبيرة، فإيرادات قناة السويس تشهد تراجعا للشهر الرابع على التوالي، بحسب تصريحات للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والتي كان من المفترض أن تكون دفعة قوية للاقتصاد المصري.
وتشير أحدث الاحصاءات أن الاقتصاد في حالة سيئة، فـ 49 % من الشعب المصري يعيشون في فقر نسبي، و28 % يعيشون في فقر مدقع، حتى السياحة التي كانت تعتبر أحد أركان الاقتصاد، تعيش أسوأ فتراتها منذ سقوط الطائرة الروسية في سيناء.
تكاليف المعيشة في مصر أصبحت أكثر صعوبة يوما بعد يوم، ففي الشهر الماضي سجلت أسعار الخضروات زيادة بلغت 43.5 %، والاقتصاد غير المستقر يعني أن السوق يخضع لزيادات كبيرة في أوقات الذروة، وفي وقت سابق من العام الجاري خلال شهر رمضان، ارتفعت أسعار اللحوم بنسبة 30 %، ويؤدي ارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل سريع لإرتفاع نسبة التضخم ليصل إلى 11.8 %، وهو أعلى نسبة منذ ستة أشهر.
وأوضحت الصحيفة أن زيادة الأسعار يشعر بها المواطن الأكثر فقرا، وعلى هذا فأن الغرامة الإسرائيلية سوف تؤخذ من جيوب الفقراء بشكل أو أخر.
القاهرة ردت على قضية التعويضات، بتجميد المفاوضات بشأن إستيراد الغاز الإسرائيلي، وقال مسئول مصر رفيع المستوى: "إن مصر تقف على أرض صلبة في هذه القضية، لأنه يعتقد أن مصر هي الطريق الوحيد لغاز دولة الاحتلال للعالم الخارجي"، ورغم أنه هذا غير دقيق حيث يمكن لدولة الاحتلال تصدير الغاز عن طريق الأردن، لا يزال هناك توتر بين القاهرة وتل أبيب بشأن هذه المسألة، حيث كلا الجانبين يعتقد أنه على حق.
فكلا الجانبين يعرف أنه رغم الخلافات فهم بحاجة لبعضهما البعض، فهناك الكثير من المصالح المتبادلة بين الدولتين على المحك.