هنا نلتقي
دفنت أطفالي وفق وصيّتهم
في قلبِ غيمتهم
كانت تمر مذعورةً فوق بيتهم
دفنتهم، كأنني أبذر قمحاً في حقولهم
أو أطيّر الفراشات في سماواتهم
وقلتُ قد تغسلهم،
إن أتاها المخاض أو ترسلهم
إلى إلهٍ يرشدهم
إلى أسرّة نومهم
منذ ولادتهم لم يدخلوا أحلامهم
ظلّوا مرابطين على ضفافه
وضفافهم،
دفنتهم في تراب نجومهم
عدت إلى حجارتهم
اتكأت على ركامهم
وقلت لقلبي: نَمْ..
هي فرصة لتنام
لا صوتَ في دارهم
لا شجارَ.. لا أناشيدَ لا صداع
ولا أسئلةً عن حصارهم.
.....
قلت لقلبي: "لا تقلق، نمْ،
فكل هذا الدمار افتراضيٌّ
غدا، أو بعد ساعة أو دقيقتين،
حين تصحو من موتهم
يكون الشياطين قد قصفوا
أبناء جارهم،
تصبح الحرب تفاعلية
فتمضي مرة ثانية إلى قبورهم
تنصح جاركَ يدفنهم في بحورهم
ليغسلهم، أو يرسلهم نحو إلههم
يرشدهم إلى أسرة نومهم،
تنصح جارك بالعودة:
"اتكئ يا صاحبي- مثلما فعلتُ أنا-
على ركامهم"،
ستكتب في صفحة ساحلهم
بألوان أقلامهم، رغم قراصنةٍ
يكمنون في هوائهم:
"لم يعد في الأرض حيّز
للفراشات والجميلات
وأحباب الله وأحبابهم"،
وتنتظر انهمار حروفِهم،
ستظهر تعليقات الهائمين
على وجوههم:
"أبدعتَ، سلمتَ، تألقتَ، تفوقت،
تجاوزت نفسك، رائع أيها الميت
الحي في صدورهم"،
ستزدهر الصفحة بالقلوب وبالوجوه
يصير أطفالك ورداً في ورودهم
يشمه العاشقون في مضاجعهم،
وربما يأتي الفضاء بالدعوات
للمسافرين السائحين:
"أطال الله أعمار أطفالي الميتين!"
.......
يأتيني صوت امرأة تموت،
تسأل عن أصواتهم:
"يا صاحبي..أينهم؟"
يناديني الصوت من تحت ركامهم:
"ياااااااا صااااااااحـ بـ ي"..يا صاحبهم..
....
أستيقظُت بعد لحظةٍ..
وبعد لحظة ونصف
دفنت صاحبتي في غيمة ثانية
تحت نجمة عاشرة
كانت تمر مذعورةً ببيتها
وقلت: ليغسلا بعضَهما
إن أتاهما المخاض،
وقد يرسل الله واحدة
إلى سريرها لتنام
فمنذ انفجار رحمها
وهي مرابطة عند أرحامهم
وقلت للقلب: "نَمْ
هي فرصة لتنام عند أقدامها
وأقدامهم" ....
اتكأتُ على صوتها
وأصواتهم،
أسندتُ رأسي على حجرٍ
همست له:
"متى يُنطقكَ اللهُ يا صاحبي
متى، أنظّف الحائط من بكائهم؟"..