الحدث- فرح المصري
{احرقوا حتى بنيهم وبناتهم بالنار} (سفر التثنية 12: 31).
ذلك هو أحد النصوص الواردة في التوارة المحرفة، والتي تحث اليهود على احراق وقتل كل من يعترض طريقهم. لذلك، ليس مستغرباً أن يلجأ حاخامات دولة الاحتلال إلى إصدار فتاوى تبرر جرائم ترتكب في حق أبناء شعبنا ليزيدوا تنكيلا ًبنا وليبرروا لمتطرفيهم أعمالهم وجرائمهم.
فقد أصدر حاخامات فى دولة الاحتلال الإسرائيلي فتوىً جديدة اعتبروا فيها إحراق عائلة الرضيع علي دوابشة فريضة دينية وليست إرهابا، لأنها تأتي - بحسب ادعائهم- تنفيذا لنصوص مقدسة وردت في التوارة المحرفة، والتي تجيز لهم قتل وحرق "الكنعانيين" الذين هم الفلسطينيون.
والحكم الصادر يوم أمس بحق اثنين من مرتكبي هذه الجريمة، والمتمثل في إطلاق سراحهما وفرض الحبس المنزلي عليهما والذي سيتراوح ما بين 5- 10 أيام، جاء متزامناً مع تلك الفتاوى الحاخامية التي باتت تلعب دوراً مهما في تشكيل السياسة الإسرائيلية وفي تحريك المتطرفين الإسرائيليين.
ويضرب الباحث في الشؤون الإسرائيلية عمر جعارة لـ "الحدث" مثالا من سفر يوشع بن نون عندما دخل مدينة أريحا، فقال: "قتل وضرب بحد السيف كل كبير وصغير وكل امرأة وكل شيخ وكل طفل وكل رضيع حتى البقر والحمير ثم أحرق المدينة بالنار."
ومن الأمثلة الأخرى من سفر يوشع: "تُجَازَى السَّامِرَةُ لأَنَّهَا قَدْ تَمَرَّدَتْ عَلَى إِلَهِهَا. بِالسَّيْفِ يَسْقُطُونَ. تُحَطَّمُ أَطْفَالُهُمْ وَالْحَوَامِلُ تُشَقُّ."
إيمان عقائدي بمفهوم إبادة الشعب الفلسطيني
إن تزايد معدلات التطرف في المجتمع الإسرائيلي، والنزعة الإسرائيلية نحو اليمين المتطرف، تشكل بما لا شك فيه بيئة خصبة لارتكاب مزيد من الجرائم المستندة إلى مبررات دينية تجد من يروج لها في "إسرائيل".
وبحسب جعارة فإن كلمة الإبادة ذكرت 18 مرة في العهد القديم. ومن الأمثلة عليها ما جاء في سفر يشوع (10:40-42)، حيث نجد ذكرا واضحا للإبادة التي قام بها يشوع "فضرب يشوع كل أرض الجبل والجنوب والسهل والسفوح وكل ملوكها، لم يبقِ شاردا بل حرم كل نسمة كما أمر الرب إله "إسرائيل"، فضربهم يشوع من قادش يدنبع إلى غزة وجميع أرض جوشن إلى جبعون، وأخذ يشوع جميع أولئك الملوك أرضهم دفعة واحدة لأن الرب إله "إسرائيل" حارب عن "إسرائيل"".
وفي السفر ذاته (11:10-12) تقول التوراة " ثم رجع يشوع في ذلك الوقت وأخذ صور وضرب ملكها بالسيف، لأن صور كانت قبلا رأس جميع تلك الممالك، وضربوا كل نفس بحد السيف حرموهم ولم تبق نسمة وأحرق صور بالنار، فأخذ يشوع كل مدن أولئك الملوك وجميع ملوكهم وضربهم بحد السيف، حرمهم كما أمر موسى عبد الرب".
وتتشابه النصوص الدينية التوراتية، ليكون مصطلح "غيريم"، مبرراً إجرامياً آخر لعلميات القتل والتصفية الإسرائيلية لخدمة الغرض الديني، ليصبح الفعل الإجرامي طقساً دينياً آخر يتقرب به "العبد اليهودي" إلى ربه حسب الديانة اليهودية "المحرفة".
وأوضح النعامي أن الدفاع عن الجريمة انتقل للائتلاف الحاكم، فالنائب بتسلال سموطريتش، الذي ينتمي لحزب "البيت اليهودي" المشارك في الائتلاف كتب مقالاً عدد فيه المسوغات التي تنزع عن جريمة الحرق صفة "الإرهاب"، فهي ليست عملا إرهابيا وفق فهمهم للتوراة المحرفة.
هذا وأقدم مستوطنون فجر اليوم الثلاثاء على إلقاء قنبلتي غاز داخل منزل أسرة في قرية بيتللو قرب رام الله، فيما كان في المنزل رضيع (٩ شهور) ووالديه، وعثر على كتابات على جدران المنزل بالعبرية “انتقام، تحية من معتقلي تسيون”، في إشارة إلى المعتقلين إداريا في قضية حرق عائلة الدوابشة في قرية دوما قبل شهور.