الحدث- رام الله
أصدرت دائرة الأبحاث والسياسات النقدية في سلطة النقد الفلسطينية التقرير السنوي لعام 2013.
ويشتمل التقرير، الذي وصل "الحدث" نسخة عنه، على أربعة فصول رئيسة، تستعرض العديد من التطورات في مجال الاقتصاد المحلي والعالمي، وفي مالية الحكومة، والقطاع الخارجي بما في ذلك التجارة الخارجية السلعية وميزان المدفوعات الفلسطيني.
ويخصص التقرير جزءاً كبيراً للحديث عن تطورات القطاع المالي الفلسطيني، وذلك من خلال استعراض المستجدات والتطورات والمنجزات التي حققتها سلطة النقد، ذات الأثر الإيجابي على المؤشرات المالية للقطاع المصرفي والتطورات التي شهدها هذا القطاع. إضافة إلى اشتماله على أهم التطورات والمستجدات التي شهدتها المؤسسات المالية غير المصرفية، ممثلة بمؤسسات الإقراض المتخصصة، ومؤسسات الصيرفة، وبورصة فلسطين، وقطاع التأمين، وقطاع الرهن العقاري والتأجير التمويلي.
وأشار محافظ سلطة النقد جهاد الوزير، إلى أن إصدار هذا التقرير يأتي في فترة شهدت العديد من التطورات الاقتصادية والسياسية، التي أسهمت في استمرار تباطؤ الاقتصاد العالمي. كما تزايدت المخاوف من تفاقم بعض الأزمات السياسية والاقتصادية التي تمر بها العديد من دول العالم، والتي تحد من فعالية بعض السياسات الاقتصادية المستخدمة لتحفيز الاقتصاد، وتهدد بعودة أداء الاقتصاد العالمي الهش مجدداً لحالة الركود الاقتصادي.
فيما يتعلق بالشأن المحلي، قال: رغم أن الاقتصاد الفلسطيني بمنأى نوعاً ما عن الآثار المباشرة للتطورات التي شهدتها الساحتان العالمية والإقليمية خلال العام 2013، إلا أن مشاكله وتحدياته الخاصة لعبت بالمقابل دور المثبط للأداء الاقتصادي، فالقيود والمعيقات التي يضعها الاحتلال وجمود الأفق السياسي من جهة، إضافة إلى ضعف القطاع العام وعدم مقدرة القطاع الخاص على النهوض بالاقتصاد من جهة ثانية، كانت المحرك الرئيس وراء استمرار تباطؤ الأداء الاقتصادي، وزادت من الشكوك حول قدرة الاقتصاد الفلسطيني على تحقيق معدلات نمو مستدامة. فقد تباطأ الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي خلال العام 2013 بشكل ملموس إلى نحو 2.1%، مقارنةً مع 5.9% خلال العام 2012 و12.2% خلال العام 2011. وحافظت الأسعار في فلسطين على مستويات تضخم متدنية نسبياً، إذ بلغت نسبة التضخم 1.7% خلال العام 2013 مقارنة مع 2.8% في العام 2012. كما استمرت معدلات البطالة في فلسطين في الارتفاع خلال العام، حيث ارتفع معدل البطالة إلى 23.4% من إجمالي القوى العاملة مقارنة مع 23.0% في العام 2012، وظلت معدلات النمو المتحققة غير كافية لتوليد فرص عمل بالقدر الذي يخفض من معدلات البطالة أو حتى يحافظ على ثبات مستوياتها.
ورغم أن توقعات سلطة النقد الأولية وفق سيناريو الأساس (والسابقة للعدوان على قطاع غزة) تشير إلى حدوث تحسن طفيف في أداء الاقتصاد الفلسطيني خلال العام 2014 إلى 2.6% مقارنة مع 2.1% خلال العام 2013، إلا أنه من المتوقع أن تسفر نتائج العدوان الإسرائيلي على القطاع وما رافقه من تدمير للبنية التحتية والمنشآت الصناعية والزراعية والخدمية، بالإضافة إلى الإجراءات الإسرائيلية في الضفة الغربية خلال صيف 2014، عن تخفيض واضح في هذه التوقعات.
وعلى صعيد مالية الحكومة، أشار التقرير إلى أن العام 2013 قد شهد ارتفاعاً في عجز الرصيد الكلي (قبل المنح والمساعدات) بنحو 2.2% مقارنة مع العام السابق، متأثراً بدرجة أساسية بالارتفاع الملحوظ في حجم الإرجاعات الضريبية ونفقات الأجور والرواتب. إضافة إلى تراكم مزيد من المتأخرات، والتي ارتفعت بحوالي 30.2% بين عامي 2012 و2013. من جهة أخرى، تراجع الدين العام الحكومي بحوالي 4.3% خلال العام 2013، ليبلغ حجمه 2,376.2 مليون دولار، متأثراً بدرجة أساسية بتراجع الدين الحكومي المحلي، الذي شكل ما نسبته 53.3% من إجمالي الدين الحكومي. وعليه، فقد تراجعت نسبة الدين العام الحكومي من الناتج المحلي الإجمالي من 24.2% عام 2012 إلى 19.9% عام 2013.
أما على صعيد القطاع الخارجي الفلسطيني، فقد سجل الحساب الجاري في ميزان المدفوعات للعام 2013 عجزاً مقداره 1,317.4 مليون دولار، مشكلاً ما نسبته 11.0% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة مع عجزٍ نسبته 27.5% من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام 2012.
وفي سياق آخر، أشار الوزير إلى أن سلطة النقد واصلت مسيرة نجاحاتها وإنجازاتها في شتى المجالات خلال العام 2013، والتي انعكست على أداء المصارف العاملة في فلسطين واستقرارها، في ظل الأزمات السياسية والاقتصادية العالمية والإقليمية، وفي ظل بيئة محلية عالية المخاطر. وفي هذا السياق، عملت سلطة النقد على مزيد من التدعيم للبنية التحتية للنظام المصرفي، والمحافظة على ثقة العملاء بالجهاز المصرفي وذلك من خلال إصدار قانون المؤسسة الفلسطينية لضمان الودائع، والشروع في تنفيذ المرحلة الثانية من مشروع الآيبان (رقم الحساب المصرفي الدولي IBAN)، وإطلاق مشروع تسوية نتائج عمليات التداول في السوق المالي من خلال نظام براق، وإنشاء وحدة للإشراف على نظم الدفع الهامة في فلسطين، وتطوير نظام المقاصة، وفتح حساب للحكومة الفلسطينية لدى سلطة النقد تمهيداً لإدارة إصدار السندات الحكومية، وغيرها من الإنجازات النوعية.
وأوضح التقرير أن محصلة هذه الإجراءات انعكست إيجاباً على المؤشرات المالية ومؤشرات الأداء للجهاز المصرفي الفلسطيني، فارتفع إجمالي موجودات المصارف في نهاية العام 2013 إلى 11,190.7 مليون دولار، وبنسبة 11.4% مقارنة مع نهاية العام 2012. كما شهدت محفظة التسهيلات الائتمانية المباشرة ارتفاعاً بحوالي 281.1 مليون دولار وبنسبة بلغت 6.7% عما كانت عليه في نهاية العام 2012، لتبلغ حوالي 4,480.1 مليون دولار. وفي ذلك إشارة إلى مزيد من التفعيل لدور الوساطة المالية بين وحدات الفائض والعجز في الاقتصاد وتوفير مزيد من فرص التمويل والمساهمة في عملية التنمية الاقتصادية. كما وصلت ودائع العملاء إلى 8,303.7 مليون دولار، متزايدة بنسبة 10.9% مقارنة بالعام 2012. هذا بالإضافة إلى ارتفاع صافي حقوق ملكية الجهاز المصرفي بنسبة 8.3%، لتصل إلى 1,359.9 مليون دولار، ما يشير إلى زيادة قدرة المصارف على التعامل مع المخاطر المحتملة.
من ناحية أخرى، دعمت سلطة النقد رأسمالها بهدف زيادة قدرتها في التغلب على المخاطر التي تواجهها أثناء ممارستها لمهامها وصلاحياتها ومسؤولياتها. فقد نمت حقوق ملكية سلطة النقد مع نهاية العام 2013 بنسبة 2.2%، لتصل إلى 94.1 مليون دولار، جراء ارتفاع رأس المال المدفوع بحوالي 3.2%، على خلفية تحويل الأرباح التي أسفرت عنها نتائج الأعمال التي قامت بها سلطة النقد إلى حساب رأس المال.