الحدث - القدس
يُحكى أن أحد الإختبارات الأمنية التي يطلبها مدير الموساد الجديد يوسي كوهين من المتدربين في الجهاز الصعود الى شقة عشوائية في تل أبيب واقناع صاحبها بالخروج الى الشرفة والاشارة بإصبعه إلى شجرة في الشارع!
يهدف هذا الاختبار الى قياس مدى قدرة المتدرب على الاقناع، فهل ينجح كوهين في فرض مهاراته الشخصية في بيئة شديدة التوتر والتقلب بالنسبة لاسرائيل؟
تدل الخلفية التي يقدم منها كل رئيس لجهاز الموساد الاسرائيلي على الاهتمامات التي توليها المؤسسة الأمنية في تل أبيب في كل عهد.
في عهد الرئيس الحالي للموساد تامير باردو، التي تنتهي ولايته مطلع العام 2016، تركز عمل الموساد على العمليات "خلف خطوط العدو"؛ والعدو هنا هو كل تهديد استراتيجي تدرجه اسرائيل على قائمتها السنوية.
بعد انخراطه في الموساد في العام 1980، تخصص باردو في جمع المعلومات من أرض العدو وفي تكنولوجيا المعلومات، الى أن ترقى ووصل الى منصب رئيس شعبة "نفيعوت" التقنية الفنية، المسؤولة عن التسلل إلى أهداف مختلفه بهدف زرع أجهزة للتنصت والتصوير. كما خدم خبيرا ورئيسا لقسم العمليات الميدانية حتى العام 2002.
غير أن المسؤولين الأمنيين في اسرائيل يحملون على باردو قلة خبرته في مجال الاستخبارات البشرية (يومنيت) التي ترتبط بتجنيد وتشغيل العملاء، وهذه هي بالزبط احدى ابرز نقاط قوة الرئيس الجديد للجهاز يوسي كوهين.
يتداول المحللون الاسرائيليون ثلاثة تحديات على يوسي كوهين التعامل معها في ولايته التي تبدأ مطلع العام الفين وستة عشر:
- إيران بملفيها النووي والعسكري.
- الجبهة الشمالية (أي سوريا ولبنان).
- تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام.
الى هذه الملفات، على كوهين، الملقب بـ"عارض الأزياء" نظراً لأناقته الدائمة، أن يتعامل مع الوتيرة المتسارعة للأحداث في الشرق الأوسط، وهو ما عبّر عنه دان مرغليت في صحيفة "اسرائيل اليوم"، المقربة من بينيامين نتنياهو، بالقول إن "الشرق الأوسط الذي استقبل باردو (المدير الحالي للموساد) كان مستقراً وملتزماً بحدود سايكســ بيكو التي مضى عليها 99 سنة ولم تعد قائمة. ليست هناك سوريا، وفي الحقيقة ليس هناك العراق، ولم يتوقّع أحد صداماً كالذي حدث بين تركيا وروسيا على خلفية الحرب ضدّ داعش. التغيير في خريطة الشرق الأوسط، يفرض على إسرائيل إعادة تنظيم جديد في مؤسسة مثل الموساد".
في ما يخص ايران، من المتوقع أن يواصل الموساد مساعيه لتنفيذ عمليات اغتيال للعلماء النوويين كما للجنرالات العاملين في برامج عسكرية فضلا عن مشاركة خصوم ايران على الساحات المختلفة المعلومات حول تحركات الحرس الثوري.
أما في ما يخص الجبهة الشمالية، فالعنصر الحاكم لسياسة تل ابيب منذ بدء الحرب في سوريا هو ضمان عدم نقل اسلحة كاسرة لتوازن الردع الى حزب الله في لبنان، مع الالتزام بما كان مخفيا حتى بداية الشهر الجاري بإقرار نتنياهو رسميا بالغارات في سوريا وكل ما من شأنه "منع قيام جبهة ضد اسرائيل" انطلاقا من الأراضي السورية (وفي هذا السياق جاء اغتيال سمير القنطار).
اختراق "تنظيم الدولة الاسلامية" أحد الأهداف الرئيسية التي تنتظر جهاز الموساد في عهد رئيسه الجديد. علما ان استثمار هذا الهدف قد لا يكون محل سياسة واضحة أو ثابتة؛ ذلك ان تعقيد التحالفات في الشرق الأوسط من شأنه أن يجعل من نظرة اسرائيل الى التنظيم نظرة تكتيكية لا استراتيجية في المرحلة الراهنة على الأقل.
العناوين الواردة أعلاه تتقاطع عند المهارات التي يتمتع بها يوسي كوهين ضابط جمع المعلومات السابق ورئيس بعثة الموساد الى أوروبا في العام اربعة وثمانين.
ويولي الرجل الشديد الاعتناء بأناقته أهمية خاصة لتجنيد العملاء وهو المعروف بقدراته الواسعة على التواصل مع الآخرين ونسج العلاقات في خدمة اهدافه الأمنية والسياسية.