الحدث - القدس
تطرقت صحيفة هآرتس الإسرائيلية إلى تعزز العلاقات بين مصر وروسيا في الفترة الأخيرة، موضحةً أنه بالرغم من اعتماد مصر على المملكة العربية السعودية، إلا أن الدولتين ليس لديهما نفس أجندة السياسات الخارجية.
التراشق الصحفي
وقالت الصحيفة "أًصدرت وزارة الخارجية السعودية بيانًا رسميًا غير مسبوق - الأسبوع الماضي - قالت فيه إن كتابات ثلاثة صحفيين لا تمثل وجهات نظر الحكومة، وإنهم ليس لديهم أي صلة بالوكالات السعودية الرسمية".
والثلاثة هم "جمال خاشقجي، ونواف عبيد، وأنور عشقي"، وهم من كتاب الأعمدة الرئيسية، كما تُنشر أعمالهم أيضا في الصحافة العربية الدولية، ولكن منذ فترة، أثاروا غضب الحكومة ووسائل الإعلام الحكومية المصرية بسبب تعليقاتهم حول مصر.
وأضافت هآرتس أن هذا "الهجوم" بلغ ذروته قبل أسبوعين، عندما نشر خاشقجي مقالًا في صحيفة الحياة اللندنية بعنوان "أي شيء يمكن أن يكون أسوأ من هذا؟" مهاجمًا التدخل الروسي في سوريا.
وما أثار غضب مصر كان تأكيد الكاتب على أن "الحكومة المصرية متحمسة للهجمات الروسية، حيث لاتخفي وسائل الإعلام المصرية ذلك، ولكن المملكة العربية السعودية لن تسمح لحليفتها بتبني مثل هذا الموقف الموالي لروسيا بشكل غير مسبوق".
الصحيفة الإسرائيلية أشارت إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يتراشق فيها صحفيون من الدولتين الاتهامات، ففي مارس الماضي، بعدما تولى الملك سلمان الحكم بفترة قصيرة، كتب الصحفي "إبراهيم عيسى" تغريدة له عبر موقع تويتر، قال فيها إن "الرياض سوف تغير من سياساتها تجاه القاهرة، وستدعم بقوة جماعة الإخوان المسلمين".
فرد عليه خاشقجي بأنه "إذا كانت مصر بها صحافة حرة لم يكن عيسى ليكتب هذا الكلام، ولكن الإعلام المصري موال للحكومة"، في إشارة إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي هو من يقف وراء الهجوم على الرياض.
ومن جهة أخرى، بعد بداية التدخل السعودي في اليمن، وصف الإعلامي توفيق عكاشة الضربات السعودية بأنها "عاصفة سعودية لن تهزم الأعداء"، محذرا الجيش المصري من التدخل في الصراع اليمني.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، ففي أكتوبر الماضي كتب الصحفي السعودي "عبدالعزيز قاسم" قائلًا "لولا الأنفاس القليلة التي منحتها السعودية، لانهارت مصر، فالدول الخليجية هي من تشتري السلاح والطائرات لمصر، فضلا عن جميع الودائع والمنح التي تُقدر بمليارات الدولارت التي أودعتها هذه الدول في البنوك المصرية".
ولفتت هآرتس إلى أنه عند بدء إجراء الانتخابات البرلمانية المصرية في نوفمبر الماضي، سخرت مقدمة البرامج اللبنانية "نيكول تانوري" على شاشة قناة العربية السعودية من الإقبال الضعيف، وتهديد وزير الداخلية المصري بفرض غرامة مالية على مقاطعي الانتخابات، قائلةً "يحتاج الآن 85% من المؤهلين للتصويت أكبر عريضة ادعاء في التاريخ".
وبالرغم من أن الرد المصري على هذه الانتقادات كان موجهًا لقناة العربية، إلا أنه اتهم بلا شك أيضًا المسؤولين السعوديين بالوقوف وراء ممارسات القناة.
التحالف الإسلامي
وأضافت هآرتس "منذ أيام قليلة، وبعد إعلان المملكة العربية السعودية إنشاء "التحالف الإسلامي ضد الإرهاب"، هاجم إبراهيم عيسى الإعلان في برنامجه التلفزيوني، متسائلا "هل يمكن عقليا للمدرسة الوهابية المتشددة التي تسيطر على السعودية بقيادة أتباع مذهب أحمد ابن حنبل أن تواجه الإرهاب"، مضيفًا أن هذا المذهب هو الأقل جمهورًا في التاريخ الإسلامي، وأنه أكثر المذاهب اعتداًء على الآخرين، وابن تيمية واحد من أبناء هذا المذهب الذين تشددوا أكثر، ومنه أخذ محمد بن عبد الوهاب وأسس المذهب الوهابي وغزى العالم العربي، متابعًا "هذا التحالف سيدعم الإرهابيين ولن يحاربهم".
وأوضحت الصحيفة أن الحكومة السعودية تحاول الآن وضع حد لهذه "الصراعات"، وفي المقابل بدأت الحكومة المصرية فعل نفس الشيء.
الموقف من روسيا
ونوهت هآرتس إلى أنه بالرغم من تقدير القاهرة لدعم المملكة العربية السعودية الاقتصادي، والذي وصل إلى 15 مليار دولار منذ 2013، وتعهدها بالاستثمار في مصر بمبلغ 8 مليارات خلال الخمس سنوات المقبلة، إلا أن البلدين ليس لديهما نفس الأجندة السياسية.
فقد ساهمت مصر في حرب اليمن، ولكنها لم ترسل جنودها ليحاربوا بجانب الجيشين السعودي والإماراتي، كما تزال الرياض تصر على الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد قبل أي انتقال حكومي، ولكن السيسي يرى حتى الآن أنه لا يمكن التوصل لحل في سوريا بدون مشاركة الأسد.
من جانب آخر، يركز التشكيل السعودي للتحالف الإسلامي على منع التدخل الإيراني بشكل أكبر من محاربة داعش، وهو ما يعصف بالخطط المصرية لتشكيل تحالف إسلامي ضد الإرهاب في ليبيا وسيناء.
الصحيفة الإسرائيلية ترى أن مركز الخلاف بين القاهرة والرياض هو الموقف من التدخل الروسي في سوريا، فالقاهرة وموسكو الآن يكونان علاقات اقتصادية واستراتيجية قوية، حيث تشتري مصر طائرات حربية من روسيا، كما أن هناك حديث عن إنشاء محطة نووية بمساعدة موسكو.
وتقول هآرتس إن كل ذلك يقرب بين مصر وروسيا ويشعل غضب المملكة، فروسيا الحليف الأول لإيران في الصراع السوري، ولأن أي حل للأزمة السورية سيتطلب موافقة روسيا، تخشى الرياض أن مثل ذلك الحل سوف يأتي على نفقاتها.
ولذلك، فالمملكة تهدف من التحالف الإسلامي إلى مواجهة التحالف الروسي الإيراني، ومن المفترض أن مصر عضو قيادي في هذا التحالف، ولكن تحالف الأخيرة مع روسيا قد يعرقل الخطط السعودية.