الحدث- وكالات
سارعت وسائل الاعلام الأمريكية إلى تحليل اللقاء الذي أجراه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع زعيم حركة طالبان الملا أختر منصور, على اعتبار أن الحركة “العدو القديم” للروس مشيرة التحليلات إلى أن اللقاء جرى للحصول على معلومات استخبارية في ظل تزايد أعداد مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامي في دولة أفغانستان المجاورة لروسيا في الإقليم.
وتساءل موقع شبكة “سي ان ان” الأمريكية في تقرير له: ما الذي يدفع بوتن لوضع نفسه في موضع خطر من خلال التعاون مع طالبان؟ وأضاف أن بوتن يعمل بمبدأ «عدو عدوي صديقي»، في إشارة إلى تصدي طالبان لحضور تنظيم الدولة المتزايد في أفغانستان.
وأشارت الصحيفة إلى تصريحات المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا والتي قالت إن الاتصالات بين موسكو وطالبان أفغانستان تتضمن فقط تبادل المعلومات الاستخبارية المتعلقة بقتال تنظيم الدولة.
وكان قائد عسكري أميركي قد أطلع الكونجرس الأميركية الشهر الماضي على معلومات تفيد بأن تنظيم الدولة يكتسب قوة في أفغانستان في الشهور الأخيرة مع وصول عدد مسلحيه هناك إلى حوالي 3 آلاف.
وتشير الصحيفة إلى أن الرئيس الروسي أبدى قلقه لوقت طويل إزاء آلاف الجهاديين من القادمين من منطقة القوقاز وجمهوريات الاتحاد السوفيتي السابقة للقتال إلى جانب تنظيم الدولة في سوريا.
ونقل التقرير عن خبير في الشؤون الأفغانية قوله إن بوتن ربما يحاول قطع خطوط تدفق المقاتلين إلى أفغانستان المجاورة له.
تقول أولجا أوليكر من مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية إن الروابط بين تنظيم الدولة وحركات التمرد في شمال القوقاز الروسي وسفر مواطنين من تلك المنطقة للقتال في سوريا يعني أن روسيا تعتبر تنظيم الدولة وكثيرا من الحركات الإسلامية بمثابة تهديد خاص، لكنها تنظر إلى طالبان بطريقة مختلفة.
وأضافت أوليكر أن الروس ربما يظنون أن طالبان هي شر هين إذا ما قورن بتنظيم الدولة.
المحلل العسكري لسي أن أن الجنرال مارك هيرتلينج يشير إلى أن نظرة على الخريطة الجغرافية توضع الموقف الروسي، فروسيا وأفغانستان لا يفصل بينهما سوى مجموعة من دول الاتحاد السوفيتي السابقة، مضيفا أن بوتن يخشى تنقل الإرهابيين والمتمردين والإسلاميين عبر تلك الحدود.
وأوضح تقرير «سي أن أن» أن تعاون بوتن مع حركة طالبان يعرضه لبعض الخطر، في ظل توسع الرئيس الروسي في سوريا وأوكرانيا وعلاقته مع كوريا الشمالية.
من جانبها أصدرت طالبان بيانا نفت فيه أي اتصال مع الحكومة الروسية، وأنكرت حاجتها لأي مساعدة لمحاربة تنظيم الدولة، لكنها احتفظت بحقها في طلب المساعدة من أي دولة.
غير أن عددا من المحللين يرون أن خطوات بوتن ما هي إلا استعراض للقوة. ماثيو روجانسكي من مركز ويدرو ويلسون للدراسات يرى أن بوتن «يريد العودة إلى مناخ سبعينيات القرن الماضي، عندما تساوت الولايات المتحدة مع الاتحاد السوفيتي في الثقل الجيوسياسي، وكخصمين في الحرب الباردة، لكنهما رغم ذلك تفاوضا وعقدا اتفاقات».
اتفق مع هذا الرأي خبير مكافحة الإرهاب السابق في سي آي أيه فيليب مد الذي وصف خطوات بوتن بـ «بانقلاب سياسي شديد الجدية»، فهو يسعى إلى تعزيز علاقته مع الجمهوريات السوفيتية السابقة.
وأضاف مد أن ما يقوم به بوتن الآن هو إقناع الدول السوفيتية السابقة أن تنسيقه مع طالبان بهدف ضمان عدم وصول الجهاديين إلى مناطقهم عبر الحدود. وأشار إلى أن بوتن يحاول استعادة العلاقات السابقة والثقة المتبادلة مع دول وسط آسيا، ومنافسة الولايات المتحدة التي تواجه تنظيم الدولة بأفغانستان.
وأكد موقع «سي أن أن» أن ظهور تنظيم الدولة في أفغانستان يمثل مبعث قلق كبير آخر ليس فقط لروسيا ولكن للولايات المتحدة أيضا. فحركة طالبان تشترك في معظم أعمال العنف في ذلك البلد الذي تعصف به الحرب والتمرد، لكن تنظيم القاعدة، الذي يعتبر أفغانستان بمثابة قاعدة له حتى قبل أحداث سبتمبر 2011، لا يزال يمثل تهديدا للولايات المتحدة.
وفي تعليقه على سؤال من سي أن أن حول التعاون بين طالبان وروسيا، قال مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية إن روسيا ودولا إقليمية أخرى لديها مصلحة مشتركة في دعم أمن واستقرار أفغانستان، وإن الولايات المتحدة تأمل في مواصلة إيجاد طريق للعمل مع موسكو لتعزيز الأمن في ذلك البلد.
مسؤول أميركي آخر أبلغ سي أن أن بأن واشنطن لا تعتبر تعاون طالبان مع موسكو أمرا مقوضا لاستقرار أفغانستان، لكن ما قد يزعزع استقرار البلد هو أن يكون لموسكو تواصل مع طالبان بشكل يضفي شرعية على الحركة من خلال اعتراف دولي بها.