الحدث- ناديا القطب
كانت طرفة أن تقوم الحكومة الإسرائيلية بتقديم شكوى إلى مجلس الأمن الدولي أمس الخميس ضد حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، بادّعاء استخدامها للمدنيين في غزة كـ “دروع بشرية”، وذلك خلال عدوانها الأخير على القطاع.
ويرى مراقبون أن إسرائيل التي قتلت أكثر من ألفي فلسطيني في غزة أكثرهم من الأطفال والنساء والشيوخ، فإنها تحاول استباق محاولات السلطة الإنضمام لنظام روما، متبعة المثل المصري القائل: "ضربني وبكى، سبقني واشتكى".
ويقول د. عصام عابدين المستشار القانوني لمؤسسة الحق، فرع لجنة الحقوقيين الدوليين بجنيف، لـ "الحدث": إن "إسرائيل في هجومها العسكري الأخير على قطاع غزة، ارتكبت انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان تندرج في إطار جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، الأمر الذي يتطلب خطة تحرك واسعة وواضحة المعالم من قبل دولة فلسطين سواء من خلال حسم موضوع الانضمام الفوري إلى المحكمة الجنائية الدولية، وتسهيل مهمة لجنة التحقيق الدولية التي شكلها مجلس حقوق الإنسان بالتعاون من منظمات حقوق الإنسان التي تعمل على رصد وتوثيق تلك الانتهاكات."
وأكد د. عابدين على ضرورة: "القيام بتحرك فلسطيني واسع لعقد اجتماع الدول الأطراف المتعاقدة السامية في اتفاقية جنيف، ولا سيما مع الدولة الراعية سويسرا ومع الدول الأوروبية للتحضير لعقد هذا الاجتماع وما سيطرح على جدول أعماله، وذلك بالتوازي مع واجباتها في تصليب الجبهة الداخلية، وتوحيد عمل المؤسسات في الضفة والقطاع، وإعادة إعمار قطاع غزة المحاصر."
من جهة ثانية يقول خبراء قانون دولي إنه آن الأوان لمحاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين، وإن هناك أدلة قانونية تسمح بمحاكمة القادة السياسيين والعسكريين الإسرائيليين بل وضباطهم وجنودهم أمام المحاكم المحلية العربية أو الدولية أو الأمريكية والأوروبية، وأن هذه المحاكمة ممكنة ولكن “تهاون” الحكومات العربية وعدم توافر “الإرادة” يمنع ويعرقل هذه المحاكمة عن جرائم الحرب الصهيونية المختلفة وآخرها ما جرى في غزة.
ويقول د. عبد الله الأشعل الخبير وأستاذ القانون الدولي إن أركان جرائم الحرب –كما يوصفها نظام روما واتفاقية إبادة الجنس واتفاقيات جنيف الأربعة- متوافرة في القادة الصهاينة من قتل متعمد لأطفال ونساء وضرب منشآت مدنية في غزة عمدًا من قبل الطائرات الإسرائيلية مثل سيارات الإسعاف والطواقم الطبية والمساجد ومخازن الطعام والأدوية والوقود وكل موارد الحياة، وكل هذه محمية بالقانون الدولي الإنساني وتشكل أعمالًا بمثابة جرائم حرب.
وقال إن إسرائيل غالبًا ما تبادر بالتحرك قبل العرب، فقد قدمت أيضًا عام 2008 مذكرة شكوى للأمين العام للأمم المتحدة ضد قادة حماس تزعم تهديدهم للسكان الإسرائيليين بصواريخهم “الإرهابية”، في حين لم تتحرك الدول العربية لا محليًا أمام محاكم محلية أو محاكم دولية (الجنائية الدولي) أو حتى المحاكم الأمريكية والأوروبية العادية التي تقبل هذه القضايا وتهاونت في ذلك، نافيًا أن يكون ما تفعله حماس “جرائم حرب” وفق القانون الدولي، كما يقول الصهاينة، ومؤكدًا أنها مقاومة مشروعة لا ترقى لحد “الخربشة” للاحتلال وممارسة حق الدفاع الشرعي ورد فعل على حمامات الدم الصهيونية .
ونوه “الأشعل” بأن الحكومات العربية كثيرًا ما تعرقل هذه الدعاوى أمام محاكمها المحلية التي وصفها بأنها غير مستقلة تمامًا وخاضعة لسيطرة الحكومات، وذلك عبر الدفع بعدم الاختصاص أو بتجاهل نتائج هذه الدعاوى وحفظها وعدم التحرك للمطالبة بمثول المتهمين الإسرائيليين أمامها أو المطالبة بتسليمهم للمحاكمة أو القبض عليهم بعد الحكم عليهم .