الحدث- وكالات
بقرارها تقليص الدعم الحكومي لأسعار الوقود والكهرباء والمياه تكون السعودية في طريقها لحسم نقاش كبير في الأوساط الاقتصادية والاجتماعية في المملكة والخليج غذته تقارير دولية تتابعت منذ بداية انهيار أسعار النفط لتنبهها إلى أن استمرار سياسة الدعم كما هي سيخل في الأفق المنظور بتوازناتها المالية الكبرى وكانت الإمارات أولى دول الخليج التي رفعت أسعار الوقود وتبعها بعض جيرانها بنسب متفاوتة.
وبالرغم من أن الزيادات الجديدة من شأنها أن ترفع بأكثر من النصف أسعار الوقود في السعودية إلا إنها ستبقيها دائما ضمن أقل الأسعار في العالم، وهي في الغالب أقل عدة مرات من نظيرتها في أغلب دول أوروبا وأمريكا وأيضا تركيا والصين.
وتنفق دول الخليج مجتمعة أكثر من 160 مليار دولار سنويا على دعم الوقود والكهرباء فقط، ويتوقع الخبراء ان يرتفع حجم استهلاك الكهرباء مثلا إلى الضعف خلال 15 سنة لو بقي عند مستوى الزيادة، ويتطلب مواجهة الضغط الإنفاق بشكل مكثف على بناء محطات انتاج جديدة، كما تستهلك مشتقات النفط المدعومة حكوميا في السعودية وحدها ما يساوي 3 ملايين برميل يوميا وتقترب بسرعة لتوازي نصف صادرات المملكة من النفط، ما يوضح أن تكلفة الدعم تتجاوز بكثير المبالغ المالية المخصصة سنويا في موازنة الدولة الاجتماعية الموجهة للدعم المباشر.
كما تدعم السعودية ودول خليجية أخرى مواد غذائية واسعة الاستهلاك مثل الأرز والحليب، وتحددها الرياض بقرارات وزارية وتساهم موازنة الدولة بما يقرب من 20 بالمائة من سعرها الحقيقي لتبقيها عند تلك الأسعار.
وتستورد السعودية 80% من احتياجاتها الغذائية أما بقية الدول فأكثر من 90 بالمائة كما أن سياسة دعم إنتاج بعض المنتجات الزراعية محليا مكلفة جدا وتستنزف الموارد المائية الشحيحة أصلا.
وتنوي السعودية إنهاء تعميم الاستفادة من الدعم على كل شرائح المجتمع لتفرض نسب زيادة أقل على العائلات الأقل دخلا، لكن خطوة كهذه يمكن تطبيقها فوريا وبشكل نسبي في المواد المفوترة في العدادات المنزلية مثل الماء والكهرباء وربما الغاز، أما الوقود والدواء ومواد غذائية أخرى عديدة فيتطلب ذلك نظام فرز اجتماعي أكثر تعقيدا لا توجد حتى الآن مؤشرات على ان السعودية تتجه إليه، كما لم يشر أي من المسؤولين السعوديين إلى أنهم سيسيرون على خطى الإمارات التي وضعت نظامين مختلفين للمواطن وللمقيم الأجنبي لتسعير بعض المواد المدعومة.
وحث صندوق النقد الدولي مرارا الدول الخليجية على إعادة النظر في نظام الدعم الذي يثقل كاهل الانفاق الحكومي ضمن اجراءات أخرى واسعة تشمل تنويع مصادر الدخل ، منذ نزل سعر النفط عن 50 دولاراً للبرميل قبل أشهر و هو أقل من سعر التعادل بين الإيرادات والنفقات لمعظم دول مجلس التعاون الخليجي.
وتتفق حكومات المنطقة على أن دعم الطاقة يهدف بشكل أساسي إلى توزيع عادل للثروة الوطنية على الفئات الأقل دخلا ودعم النمو الصناعي ليصبح تنافسيا، لكنها تقر أيضا إن ذلك يؤدي إلى رفع استهلاك الطاقة غير المتجددة واستنزاف احتياطات وإيرادات النفط ، كما يلحق الاستهلاك المفرط للطاقة أضرارا بالغة بالبيئة.
وتحوم شكوك حول فعالية التاثيرات المتوقعة لرفع الدعم عن الوقود، ويقول الخبراء إن ذلك قد لا يكون حاسما ما لم توفر بدائل لتقليص استهلاك البنزين و يطرحون منها ضبط عملية البيع بالتقسيط أو التأجير للأجانب وتوفير وسائل النقل الجماعي الكبيرة مثل المترو داخل المدن والقطارات ما بينها.