رام الله - أحمد زكارنة
علمت الحدث من مصادر مطلعة، أن المخرجة الفلسطينية وتحمل الجنسية الإسرائيلية "سهى عراف"، تقدمت بعدة طلبات لمشاركة فيلمها "فيلا توما" في عدد من المهرجانات العربية والدولية باعتباره فيلماً فلسطينياً، إلا أنها وفي طلب المشاركة تعمل على ابقاء خانة تعريف بلد الانتاج "فارغة" ما اثار زوبعة في مجالس إدارة عدد من المهرجانات العربية تحديداً، جراء الجدل الذي أثير مؤخراً حول هوية الفيلم، وملاحقة الحكومة الإسرائيلية له في كل مكان. باعتبارها الممول الوحيد له.
ويدور منذ اسابيع خلاف حاد بين "وزارة الثقافة الإسرائيلية" والمخرجة العربية "سهى عرّاف" جدل حول هوية فيلم "فيلا توما" والذي تقدمت المخرجة "عرّاف" التي تحمل الهوية الإسرائيلية، بطلب لصندوق "السينما الإسرائيلي" لتمويل إخراجه سينمائياً بتكلفة تقدر بقيمة " 1.4 مليون شيكل" حصلت عليها المخرجة لانتاج الفيلم.
الإشكال بدأ بالظهور حينما تقدمت المخرجة للمشاركة بفلمها في مهرجان الأفلام العالمي في فينيسيا، باعتباره فيلماً عربياً فلسطينياً، ما دفع وزارة الثقافة الإسرائيلية لملاحقة "عرّاف" بتهمة النصب، معتبرة أن تعريف الفيلم كفلسطينيّ خرق لشروط الدعم المالي الممنوح للفيلم من قبلهم، مطالبين بإعادة الدعم كاملًا.
وشرع مسؤولون اسرائيليون على رأسهم وزيرة الثقافة ليمور ليفنات، في اتخاذ خطوات قضائية لإسترداد الدعم المادي الذي منحه صندوق السينما الإسرائيلية لصاحبة العمل المخرجة سهى عراف، والذي يصل قرابة )1.4 مليون شيكل(. وصرحت المستشارة القضائية لوزارة الثقافة أن "عرَاف قد خدعت صندوق الدعم بنيلها أموالا إسرائيلية ونسب هوية الفيلم لفلسطين".
كما وصرّحت "ليفنات" بأن:"قوانين التعامل مع الصندوق الإسرائيلي واضحة، هدف الأموال المخصصة للصندوق دعم الإنتاج الفني الإسرائيلي ليتم استثماره في تمثيل إسرائيل ونشر الفن الإسرائيلي، وعلى القائمين على الصندوق التأكد من أن المبالغ الممنوحة تجنّد لهذا الهدف".
وطلبت وزارة الثقافة من وزارة الاقتصاد و- "مفعال هبايس" ايضًا استرجاع تموليهما للفيلم حيث موّلت وزارة الاقتصاد الفيلم بـ 600 الف شيكل و- "مفعال هبايس" بـ 114 الف شيكل.
ورافق هذا القرار سخط جماهيري إسرائيلي بإدعاء أن عراف استغلت "أموال" الإسرائيليين بـ "سوء نية" وأنضم إلى هذا السخط عدد كبير من المخرجين الإسرائيليين.
وكانت "عرّاف" قد توقعت في حوار إعلامي معها أن يشن هذا الهجوم عليها، حيث قالت لـ صحيفة "فصل المقال" "أتوقع الهجوم في جميع الأحوال ولا أعير لذلك اهتماما، وما أشدد عليه دائمًا هو أن هوية الفيلم هي هوية المخرج، وفيلمي مدرج تحت اسم فلسطين لأني فلسطينية، وقوانين المقاطعة تنص على أن من حق فلسطينيي الداخل الحصول على تمويل من الصناديق الإسرائيلية إلا أنه من المحظور تمثيل الدولة في المحافل الدولية المختلفة، وهذا ما قمت به، وأطمح أن تؤسس خطوتي هذه لنهج يتبناه جميع السينمائيين الفلسطينيين".
إلا أن المخرجة عرّاف، ردت على الادعاءات الاسرئيلية من خلال مركز "عدالة"، مؤكدة على حقها بتعريف الفيلم كفيلم فلسطيني، وان ذلك لا يتناقض مع التزاماتها تجاه الجهات الممولة، حيث إن التزامها الوحيد معهم كان بأن يتم انتاج الفيلم من قبل جهة اسرائيلية وبصفتها تحمل الهوية الاسرائيلية، وهي التزمت بما تعهدت به امام الممولين.
واشار مركز عدالة في ردّه، انه لا يوجد في العقد ما يُلزم عرّاف بتعريف الفيلم بالاسرائيلي، وان تعريف الفيلم بـ "الفلسطيني" لا يعني انه ممول من السلطة الفلسطينية او دولة فلسطين، وان تعريف الفيلم كفيلم فلسطيني لا يتناقض مع كون عرّاف مواطنة اسرائيلية.
واختتم مركز عدالة في رده، ان عرّاف هي مخرجة عربية فلسطينية، وهي في ذات الوقت تحمل المواطنة الإسرائيلية، ومن حقها ان تختار إظهار انتمائها الوطني عبر تعريف الفيلم كفيلم فلسطيني.
ويعيدنا الجدل حول فيلم "فيلا توما" إلى حالة الاشتباك التي تكررت في أكثر من مناسبة حول موضوع التمويل الإسرائيلي، والذي كان كثيراً ما يثير زوبعة تحديداً مع انطلاق مهرجان "العود الموسيقى الإسرائيلي" والذي كان يشارك فيه بعض العرب الفلسطيني من اراضي الـ 48 تحت حجة أن ما يقدمونه يحمل الهوية العربية الكاملة، وكان الرفض العربي دائما ينطلق من نقطتين اساسيتين، هما التمويل الإسرائيلي واشتراطاته، والمشاركة الإسرائيلية بحد ذاتها. الأمر الذي يرجعنا لمعايير المقاطعة في الداخل الفلسطيني، فيما يخص التمويل والمشاركات في المحافل والمهرجانات الدولية، خصوصًا بعد تجارب هامة وضعت اسم فلسطين دون شوائب إسرائيلية على خارطة السينما العالمية، تحديدًا فيلمي "الجنة الآن" و "عمر" للمخرج الفلسطيني هاني أبو أسعد، والذي نجح في تمثيل فلسطين عالميًا لعدم ارتباطه بتمويلات اسرائيلية.
بعض المتابعين لهذه القضية يعتقدون أن "عرّاف" التي أخذت تمويلا إسرائيلياً وهي تدرك ابعاد طلبها، اضطرت لتعريف الفيلم باعتباره " فيلماً فلسطينياً" بسبب تشوه صورة المحتل الإسرائيلي لدى الجماهير الغربية، وحملة المقاطعة التي اطلقها الشارع الغربي قبل العربي، رداً على عدوانه على قطاع غزة، مشيرين إلى أن محاولة "عرّاف" اعتمدت على أن الطلبات المقدمة عادة للمهرجانات السينمائية تبقى طلبات سرية سواء شارك أو لم يشارك الفيلم المطلوب مشاركته.
يذكر أن سهى عراف، التي تنتمي للهوية العربية داخل إسرائيل، وتعيش في الاساس داخل مدينة حيفا، عرفت في مجال الفن السابع، بعد عملها المشترك مع المخرج الإسرائيلي "عيران ريكلس" في فيلمي "العروس السورية" و "شجرة الليمون".
الانباء التي تردنا من عدة جهات حول هذا الفيلم، توحي بمجملها إلى أن هناك حالة تخبط واضحة في طريقة واسلوب التعامل مع هذا الفيلم، سواء من جهة بعض وسائل الإعلام العربية، أو من جهة بعض العاملين في الشأن السينمائي، خاصة بعد حالة الجدل التي اثارت زوبعة بين مؤيد ومعارض لجدلية تعريف المعرّف الذي يقول: إن التمويل الإسرائيلي وإن أتى بخدعة أو تحايل، يبقى تمويلا إسرائيلياً له معانيه ودلالاته على مستوى تعريف التطبيع مع هذا المحتل الغاصب للحق الفلسطيني.