قال سون تزو في كتابه المشهور 'فن الحرب' " ان جميع الأمور المتعلقة بالحرب تعتمد على الخداع"، كذلك قال الفيلسوف السياسي البير كامو "المخادع ذئب يبكي تحت أقدام الراعي". السؤال المطروح على اروقة سخونة الاجواء السورية، لماذا اغتيل سمير القنطار في هذا الوقت الحرج؟
بالتأكيد أن عملية الاغتيال تصب في دائرة الخداع وفقاً للمثل العربي المشهور "إياك أعني واسمعي يا جارة"، فليس القنطار هو المقصود، بل الحلول السلمية التصالحية، التي جعلت المعارضة السورية تتقبل فكرة الجلوس على طاولة التفاوض "السلمي" مع النظام السوري.
اسرائيل كعادتها تحاول جرّ "من تصفهم بالأعداء" لأعمال انتقامية تعطي الكيان فرصة لإضعافهم ونسف أي مفاوضات تبتغي الحلول السلمية والتصالحية، وبعثرة الاوراق الاقليمية، تماماً كالتدخلات الخارجية التي تحدث في الشأن الفلسطيني وعملية التصالح بين فتح وحماس.
عناصر "السرعة والتصارع" في "تجيير" الحادث، اقليمياً ودوليا،ً بالتأكيد ستؤول الى اتهام جهات معارضة للنظام السوري تسريبها معلومات لاسرائيل عن مكان وجود القنطار، او اتهامها بالاغتيال، لضرب عصفورين بحجر واحد، الاول، استفزاز غضب حزب الله، والثاني، اتهام المعارضة بالتبعية لإسرائيل.
النتيجة واضحة، ادخال سورية في دوامة جديدة مجهولة المعالم، لبعثرة مزيد من الاوراق والملفات والحقائب المغلقة، ناهيك عن امور تلتحف الأضواء خلف الستار.
دولة الكيان الاسرائيلي بأذرعها المختلفة، تسعى الى سريالية المشهد، والدوران في مربع ادارة الحلول، لإنهاك الخصم واظهار اسرائيل كدولة متماسكة وراعية للديمقراطية أمام الغرب، فضلاً عن كونها "نقطة وثوب" يصعب تهميشها.
اذن، المطلوب من حزب الله الابتعاد عن لغة الخطاب التصعيدي خلال تلك الفترة، ومراعاة ظروف المسألة السورية، وعلى المعارضة السورية المسارعة الى طاولة المفاوضات، فالموقف أصعب من ذلك، لان من يدفع فاتورة استمرار الصراع هو الشعب السوري.
خلاصة القول، قال الفيلسوف النمساوي لودفيغ فيتغنشتاين: "لا شيء أصعب من تجنب خداع المرء لنفسه"، وقال الفيلسوف الايطالي نيكولو مكيافيلي: "لا يخدع من يعلم أنه خدع"، اما المفكر برنارد شو، فقد اختزل الرأي موضحاً: "إذا حاولت التوقف عن التفكير ستحاصَر بالأفكار من جميع الجهات".