ورد في البيان الصحفي للحكومة، الصادر عقب جلستها التي عقدت بتاريخ 5/1/2016 ما يلي: "أقر مجلس الوزراء خلال جلسته الأسبوعية التي عقدها اليوم الثلاثاء في مدينة رام الله برئاسة الدكتور رامي الحمد الله رئيس الوزراء، الموازنة العامة لدولة فلسطين للسنة المالية 2016، بعد المناقشات التي أجراها المجلس للموازنة العامة في جلستيه السابقتين، والتوافق على مشروع الموازنة العامة مع رؤساء الكتل البرلمانية في المجلس التشريعي الفلسطيني، وسيتم إحالتها لسيادة الرئيس محمود عباس للمصادقة على مشروع القانون الخاص بذلك وإصداره وفق الأصول بعد أن يتم التوافق عليها مع مجموعة العمل الخاصة بالشأن المالي والاقتصادي في المجلس التشريعي الفلسطيني. وأشاد المجلس بتحقيق هذا الإنجاز مع بدء السنة المالية لأول مرة منذ سنوات ..".
السؤال الأول: ما المقصود بعرض مشروع الموازنة العامة 2016 على المجلس التشريعي؟
الإجابة: علينا أن نفهم ماذا تعني الموازنة العامة أولاً، للإجابة على السؤال، إنها تعني وفقاً للمادة الأولى من قانون تنظيم الموازنة العامة والشؤون المالية لعام 1998 وتعديلاته (التعريفات) ما يلي "برنامج مفصّل لنفقات السلطة الوطنية وإيراداتها لسنة مالية معينة ويشمل التقديرات السنوية لإيرادات السلطة الوطنية والمنح والقروض والمتحصلات الأخرى لها والنفقات والمدفوعات المختلفة". وبالرجوع إلى البيان المنشور على الموقع الرسمي للمجلس التشريعي المؤرخ في 28/12/2015 والمعنون " بأجواء إيجابية ومسؤولة .. هيئة الكتل والقوائم البرلمانية تتسلم وتناقش مشروع الموازنة العامة للعام 2016" نجد أن السيد وزير المالية قد عرض الإطار العام والخطوط العريضة والمبادىء العامة لمشروع موازنة 2016، وهذا لا يعتبر عرضاً قانونياً للموازنة العامة بمفهومها الوادر في القانون، بما يشكل مخالفة واضحة للقانون الأساسي المعدل وقانون تنظيم الموازنة العامة والشؤون المالية.
السؤال الثاني: ما المقصود بعبارة التوافق على مشروع الموازنة العامة مع رؤساء الكتل البرلمانية؟
الإجابة: علينا أن نبحث عن المعنى القانوني لعبارة "الكتلة البرلمانية" للإجابة على السؤال، إنها تعني وفقاً للمادة (5) من النظام الداخلي للمجلس التشريعي والمادة (18) من قانون واجبات وحقوق أعضاء المجلس التشريعي رقم (10) لسنة 2004 ما يلي: تجمُّع لعدد من الأعضاء تجمعهم أهداف أو مصالح مشتركة في كتلة برلمانية شريطة ألا يقل عددهم عن نسبة 5% من مجموع عدد أعضاء المجلس. وبالرجوع إلى البيان المذكور المنشور على موقع المجلس التشريعي نجد أن الاجتماع الذي أشار إليه بيان مجلس الوزراء بشأن عرض مشروع موازنة 2016 قد جرى مع رئيس كتلة برلمانية واحدة فقط، وأربعة أعضاء من المجلس التشريعي، من أصل 132 عضواً، مع الاحترام لكافة السادة النواب، وليس مع "رؤساء الكتل البرلمانية" كما ورد في بيان الحكومة مع الاحترام. هذا مع الإشارة إلى أن عبارة "القوائم البرلمانية" الواردة في بيان المجلس التشريعي تتعلق بقانون الانتخابات العامة ومرحلة الانتخابات فقط، ولا علاقة لها بالتشريعات الناظمة لعمل المجلس التشريعي بعد بدء ولايته.
السؤال الثالث: هل هنالك تناقض بين بيان الحكومة وبيان التشريعي حول التوافق على موازنة 2016؟
الإجابة: يبدو الأمر كذلك، ففي حين يؤكد بيان الحكومة على أن إقرار موازنة 2016 جاء بعد التوافق على مشروع الموازنة العامة مع "رؤساء الكتل البرلمانية" في المجلس التشريعي الفلسطيني وأن المصادقة على المشروع وإصداره ستتم بعد أن يجري التوافق عليه مع "مجموعة العمل الخاصة بالشأن المالي والاقتصادي في المجلس التشريعي"، نجد أن الفقرة الأخيرة من بيان المجلس التشريعي أعلاه المؤرخ في 28/12/2015 تؤكد أنه قد جرى الاتفاق مع السيد وزير المالية في الاجتماع على أن يُصار إلى عقد اجتماع آخر لاستكمال نقاش وإقرار مشروع الموازنة العامة في "اجتماع موسع مع جميع النواب والمجموعة المتخصصة" في الأسبوع الأول من شهر كانون الثاني القادم 2016. وهنا نلاحظ أن الاجتماع اللاحق الذي جرى في مقر المجلس التشريعي برام الله بتاريخ 6/1/2016 قد جاء وفقاً لما أشار إليه بيان الحكومة وخلافاً للتأكيد الوارد في البيان السابق للتشريعي بهذا الخصوص.
السؤال الرابع: من هي الجهة المختصة قانوناً بدراسة مشروع الموازنة العامة وإبداء الرأي فيه؟
الإجابة: إنها لجنة الموازنة والشؤون المالية وهي إحدى اللجان الدائمة في المجلس التشريعي وفق نظامه الداخلي. وبحسب المادة (3) من قانون تنظيم الموازنة العامة والشؤون المالية والمادة (74) من النظام الداخلي للمجلس التشريعي فإنه يتوجب على مجلس الوزراء تقديم مشروع قانون الموازنة إلى المجلس التشريعي قبل شهرين على الأقل من بداية السنة المالية الجديدة، ومن ثم يحيل المجلس التشريعي المشروع إلى لجنة الموازنة والشؤون المالية لدراسته وإبداء الرأي فيه "تفصيلاً" وترفع توصياتها إلى المجلس بالهيئة العامة لاتخاذ المقتضى اللازم بشأنه حسب الأصول الدستورية والقانونية المبينة في القانون الأساسي المعدل (مادة61) وقانون تنظيم الموازنة العامة والشؤون المالية (مادة 3) والنظام الداخلي للمجلس التشريعي (مادة 74). مع الأخذ بعين الاعتبار أن مصطلح " مجموعة العمل الخاصة بالشأن المالي والاقتصادي في المجلس التشريعي" وما يقابله في بيان المجلس التشريعي غير وارد على الإطلاق في التشريعات التي تنظم دورة الموازنة العامة بأكملها. وتلك المصطلحات، لا تعدو كونها اجتهاداً مرجعه المادة (56/1) من القانون الأساسي التي تتحدث عن حق "كل عضو" في التقدم إلى السلطة التنفيذية بكل الطلبات الضرورية والمشروعة اللازمة لتمكينه من ممارسة مهامه النيابية. وبالتالي لا علاقة للنص الدستوري المذكور بالجهة المخولة قانوناً بدراسة مشروع الموازنة العامة وإبداء الرأي فيه تفصيلاً وهي "لجنة الموازنة والشؤون المالية" وبالجهة المخولة قانوناً بإقرار الموازنة وهي المجلس التشريعي الفلسطيني بهيئته العامة.
السؤال الخامس: ماذا تعني عبارة المصادقة على مشروع الموازنة العامة وإصداره وفق الأصول؟
الإجابة: هنالك خلط واضح بين المصادقة والإصدار من جهة، وإقرار الموازنة العامة من جهة أخرى، في العبارة محور السؤال الواردة في البيان الصادر عن مجلس الوزراء، وذلك لأن مشروع الموازنة العامة لا يخضع، من الناحية الدستورية والقانونية، لإجراءات المصادقة أو الإصدار، وإنما يخضع للإقرار فقط، ومن المجلس التشريعي الفلسطيني حصراً؛ وفقاً لما أكدت عليه المادة (61) من القانون الأساسي المعدل والمادة (3) من قانون تنظيم الموازنة العامة والشؤون المالية والمادة (74) من النظام الداخلي للمجلس التشريعي، وبعد إقراره، من المجلس التشريعي، يُنشر قانون الموازنة العامة وفقاً لما هو مبين في نص المادة (38) من قانون تنظيم الموازنة العامة والشؤون المالية.
السؤال السادس: هل تُحل "المشكلة الدستورية" بإصدار مشروع الموازنة العامة بقرار بقانون؟
الإجابة: إن إجراءات عرض ومناقشة وإقرار الموازنة العامة والرقابة عليها هي إجراءات دستورية في المقام الأول، واردة على نحو واضح في القانون الأساسي المعدل، وبالتالي فإنه لا يمكن تغيير أو تعديل أو تبديل تلك الإجراءات الدستورية من خلال قرارات بقانون، لأن الأخيرة لها قوة القانون العادي الصادر عن البرلمان ليس إلاّ، ولا تستطيع أن تتجاوز إجراءات دستورية مؤكد عليها في القانون الأساسي بشأن الموازنة العامة، إعمالاً لمبدأ سمو الدستور، وتلك الإجراءات الدستورية تتناول عرض الموازنة العامة على المجلس التشريعي في موعد أقصاه شهرين على الأقل من بدء السنة المالية الجديدة، ووجوب عقد جلس خاصة للمجلس التشريعي لمناقشة وإقرار مشروع الموازنة بالتعديلات قبل بدء السنة المالية الجديدة أو إعادته للحكومة في مدة أقصاها شهر من تاريخ استلام المجلس لمشروع الموازنة مصحوباً بملاحظات المجلس التشريعي عليه لاستكمال المقتضيات المطلوبة وإعادته مرة أخرى للمجلس للمناقشة والإقرار، وكذلك وجوب التصويت على الموازنة باباً باباً، وعدم جواز إجراء المناقلة بين أبواب الموازنة إلاّ باتفاق بين المجلس التشريعي والحكومة، وما يتعلق أيضاً بعملية الاستمرار بالانفاق باعتمادات شهرية بنسبة 12/1 (واحد من اثنى عشر) لكل شهر من موازنة السنة المالية المنصرمة في حال تعذر إقرار مشروع الموازنة العامة من قبل المجلس التشريعي قبل بدء السنة المالية الجديدة. وبالتالي، فإن تلك المشكلة الدستورية، ستبقى مستمرة، إلى أن ينعقد المجلس التشريعي بهيئته العامة لمناقشة وإقرار مشروع الموازنة العامة حسب الأصول.
السؤال السابع: هل يمكن اعتبار إقرار موازنة 2016 إنجازاً على صعيد الالتزام بالمواعيد القانونية؟
الإجابة: يتوجب على الحكومة عرض مشروع الموازنة العامة (بالمفهوم القانوني) للسنة المالية 2016على المجلس التشريعي في موعده الدستوري والقانوني، وهو قبل "شهرين على الأقل" من بداية السنة المالية الجديدة، أي في موعد زمني أقصاه 1/11/2015 فيما يخص تقديم مشروع موازنة 2016، وإلاّ فهنالك خرق دستوري مؤكد للمادة (61) من القانون الأساسي المعدل وخرق قانوني مؤكد للمادة (3) من قانون تنظيم الموازنة العامة والشؤون المالية لجهة الموعد الزمني لتقديم مشروع الموازنة. وفي حال لم يجر احترام والالتزام بالمواعيد الدستورية والقانونية في تقديم مشروع الموازنة العامة فإن الإنفاق من حساب الخزينة العامة يكون غير قانوني في جميع أوجهه اعتباراً من تاريخ 1/1/2016.