الحدث- وكالات
صورةٌ صادمةٌ لرجل يبدو في منتصف العمر بشعرٍ رماديٍ يرتدي بدلة سوداء، ظهر على كورنيش الروشة الشهير في العاصمة اللبنانية بيروت، وهو يتمشى مع طفلة لا يتجاوز عمرها الـ 12 عاماً، ترتدي فستان زفاف ووجهها ممتلء بمكياج ثقيل لا يتناسب مع عمرها، استوقفت المارة بين مهنئ ومستهجن.
كانت أكثر ردود الأفعال سلبية بالفعل، فأحد المارة سأل الفتاة "فرحانة بأنك ستتزوجين؟”، بينما قال آخر موجهاً حديثه لمصّور تصادف وجوده وهو يلتقط الصور مستهجناً “مبسوط وأنت تصورهم؟!”، فيما قال آخر "للعريس" الذي يمكن أن يكون في سن جد الفتاة "لو تكلمت كلمة أخرى سألقي بك في البحر!”، وعقّب آخر "أهلها مجرمون".
أما أقوى ردة فعل، فأتت من سيدة بين المارة توّعدت بأخذ الطفلة، مؤكدةً أنها لن تبرح المكان دونها، لأنها "مثل ابنتي، أنا لدي بنت" على حسب تعبيرها.
ماذا كنت ستفعل لو كنت في هذا الموقف؟
وللتوضيح كان هذا المشهد تمثيلياً مصوراً عن بعد، لرصد ردود أفعال الناس على ما يمكن أن يحدث بالفعل، وهو واحد من الطرق التي سلكتها جمعية “كفى عنفاً واستغلالاً” اللبنانية غير الربحية، والتي دأبت منذ إنشائها في العام 2005 لمكافحة كل أشكال العنف والتمييز ضد المرأة والطفل وعاملات المنازل، وغيرهم من الفئات المستضعفة في المجتمع اللبناني.
موجة نزوح اللاجئين من سوريا كرست هذه الظاهرة، فمنهم من ترك الدراسة للعمل، ومنهم من قام بالفعل بتزويج بناته في سن الطفولة خوفاً من شبح الفقر، في بلد تحكمه الطائفية، ولا يوجد فيه سن قانوني يحدد سن الزواج، ويترك الأمر حسب ما تمليه التعاليم الدينية لكل طائفة، فما بالك باللاجئ؟
مشهد فيلم من بطولة قوانين الأحوال الشخصية#قانون_سنة_جِدّي_ما_في_يكون_جَدّي #كفى
Posted by KAFA (enough) Violence & Exploitation on Monday, November 30, 2015
المتحدثة الإعلامية لـ “كفى عنف واستغلال” مايا عمّار قالت لـ "هافينغتون بوست عربي”، إنه لا توجد إحصاءات أجرتها الدولة اللبنانية حول زواج القاصرات، موضحة أنه رغم وجود مثل هذا النوع من الزواج لدى كل الأديان والطوائف في لبنان، "إلاّ أنه لا يرقى إلى وصف الظاهرة" حسب تعبيرها.
لكنها أكدّت في ذات الوقت أن 500 من 1000 امرأة لجأن إلى الجمعية لعدة أسباب اجتماعية منذ بداية العام 2015 تزوجن وهن قاصرات.
وشدّدت عمّار على أن أكثر من يعاني من هذه المشكلة في لبنان هن اللاجئات السوريات، “اللاتي ثبت زواج كثيرات منهن من مواطنيهم في ذات مخيم اللجوء، حيث ترى عائلاتهن أن زواجهن يوّفر لقمتهن” على حد تعبيرها.
كما ثبت زواجهن من لبنانيين أيضاً، عملت لديهم تلك الفتيات في مهن بسيطة أ،لاً، قبل أن يتزوجوهم بموافقة أهاليهم لذات الأسباب المادية.
وأخيراً قالت عمار أن الحل لهذه المشكلة"وحتى لو لم تكن ظاهرة "، يكمن في وجود قانون أحوال شخصية مدني يسري على كافة أفراد الشعب بكل فئاته وأديانه وطوائفه، منها قانون يحدد سن الزواج، وهو مطلب أطلقته الجمعية تحت حملة سُميت "قانون سنة جدي ما في يكون جدّي" والتي يُعد الإعلان المذكور واحداً، من سلسلة تنوي الجمعية إنتاجها لإلقاء الضوء على مشاكل اجتماعية كثيرة في لبنان.