يعرف زيت السمك بفوائده الكثيرة، ولا ينحصر استخدامه في المحافظة على صحة الجسم فحسب، وإنما في حالات مرضية متعددة، مثل: السكري، أمراض القلب المختلفة نتيجة إرتفاع الكولسترول، أو ارتفاع ضغط الدم وفي الأمراض النفسية والعصبية كالإكتئاب، القلق، انفصام الشخصية “الشيزوفرانيا” schizophrenia والألزهايمر، وحتى في حالات تأثر الجهاز المناعي نتيجة الإصابة بالإيدز والسرطان، فضلا عن إلتهابات المفاصل atherosclerosis ومتلازمة القولون العصبي Irritable bowel syndrome والضمور البقعي في العين Macular degeneration، وهو يساعد في حالات ضعف الخصوبة والعناية بالبشرة السليمة، فضلا عن أمراض عدة كالصدفية وغيرها، إلا أن أحدث الدراسات من اليابان أثبتت أن زيت السمك يساهم في خسارة الوزن أيضا.
زيت السمك ومريض السكري
يمثل زيت السمك إضافة هامة لنظام مرضى السكري بشكل خاص، لاحتوائه على الأحماض الدهنية omega 3 الهامة، ومن بينها EPA ويعرف باسم eicosapentaenoic acid والحامض الدهني DHA ويعرف باسم docosahexaenoic acid ، وهذه الأحماص تتواجد بكثرة في السمك، ولدى هذه الدهون تأثيرا خافضا للدهون effects hypolipidaemic في جسم مريض السكري، ما يساهم في رفع فعالية الأدوية الخافضة للدهون والكولسترول lipid-lowering drugs، وتقليل الأعراض القلبية الطارئة cardiac events، ومنع تطور حالات تصلب الشرايين atherosclerosis.
وقد أظهرت دراسات عديدة أجريت على الحيوانات أن زيت السمك يقلل من تراكم الدهون في الجسم، من خلال آليات عديدة، بما في ذلك خفض انتشار خلايا الدهون، والتأثير على التغيرات الأيضية في الكبد، والخلايا الدهنية والأمعاء الدقيقة، وعلاوة على ذلك، فمكملات زيت السمك تمنع تراكم الدهون في الأنسجة الدهنية البيضاء (WAT).
تفاصيل الدراسة اليابانية
وجد الباحثون من “جامعة كيوتو” أن الفئران التي تغذت على الأغذية الدهنية مع إضافة زيت السمك في غذائها اكتسبت كمية أقل بكثير من الوزن من الفئران التي استهلكت الأغذية الدهنية وحدها. وأشارت نتائج الدراسة إلى أن زيت السمك قادر على تحويل الخلايا الدهنية المخزنة للدهون في الخلايا إلى خلايا تعمل على حرق الدهون، وقدر العلماء إن حدثت العملية ذاتها لدى البشر، فيمكن أن يساعد زيت السمك في تقليل زيادة الوزن، خصوصا أنه مع التقدم في العمر تصبح الخلايا القادرة على حرق الدهون.
وثمة من يعتقد أن النسيج الدهني في أجسادنا هو للتخزين فقط، إلا أن هناك نوعين من الخلايا الدهنية، فبينما تعمل الخلايا الدهنية البيضاء White fat cells على تخزين الدهون، تعمل الخلايا البنية brown fat cells على استقلاب metabolise الدهون للحفاظ على حرارة الجسم، وإذ تقل أعداد خلايا الدهون البنية مع التقدم في العمر، تصبح قدرتنا على خسارة الوزن وحرق الدهون أقل، وبالتالي تكدسها في الجسم.
وقد اكتشف العلماء نوعا ثالثا من خلايا الدهون، خلايا الدهون “باللون البيج” beige fat cells موجودة لدى البشر والفئران فقط، وهي تشبه في عملها الخلايا الدهنية البنية، فضلا عن أنها تنخفض أعدادها مع التقدم في العمر، إلا أنه في هذه الحالة فقد يلعب زيت السمك دورا فعالاً في زيادة عددها.
وقال عالم التغذية تيريو كاوادا Teruo Kawada المشرف على الدراسة: “علمنا من أبحاث سابقة أن لزيت السمك فوائد صحية عديدة ومن ضمنها منع تراكم الدهون”، وأضاف: “في هذه الدراسة حاولنا الربط بين زيت السمك وازدياد أعداد الخلايا الدهنية البيج”.
وكانت قد نشرت النتائج في الدورية العلمية “تقارير علمية” Scientific Reports، في 17 كانون الأول (ديسمبر) أواخر العام الماضي، وخلصت إلى أن زيت السمك ساهم في تقليل الوزن لدى فئران التجارب بنسبة بين 5 و10 بالمئة، فضلا عن أنه ساهم بتقليل نسبة الدهون في أنسجتها بنسبة 15 و25 عن الفئران التي لم يضف زيت السمك إلى غذائها.
زيت السمك وخسارة الوزن
أما عن كيفية خسارة الوزن، فقد بينت الدراسة أن زيت السمك ينشط مستقبلات معينة في الجهاز الهضمي، وهي التي تنشط الجهاز العصبي الودي sympathetic nervous system، وتحث خلايا تخزين الدهون على التحول إلى تأييض واستقلاب الدهون لإنتاج الطاقة. وبمعنى آخر، فزيت السمك يتسبب بتحول الخلايا البيضاء الدهنية إلى نظيرتها خلايا البيج الدهنية، ما يساهم، وبشكل فعال، في تحويل أنسجة التخزين الدهنية إلى أنسجة استقلابية للدهون، وبالتالي يحث على زيادة توليد الطاقة على حساب زيادة الوزن وتراكم الدهون.
وأكد “كاوادا” أنه “على الرغم من أنه من السابق لأوانه القول إذا كانت هذه النتائج تنطبق أيضا على البشر، ولكن قد تظهر المزيد من الدراسات أن زيت السمك يساهم في علاج فعال للسمنة”.
وعلق كوادا على النتائج “ناقش العديد من الباحثين أن الوجبات التي تعتمد نظامي البحر المتوسط واليابان، تساهم في طول العمر، وأعتقد أن هذه النتائج تظهر تفسيرا أفضل لأسباب هذا الأمر”.