الحدث - بيروت
يخوض الفلسطينيون الذين قرروا البقاء في فلسطين بعد قيام إسرائيل وحملوا على مضض الجنسية الإسرائيلية نضالاً على اكثر من جبهة دفاعاً عن هويتهم الفلسطينية من جهة، وعن حقهم بالعدالة والمساواة مع سائر مواطني الدولة التي يسكنون فيها. وطوال السنوات الماضية لم تنجح جميع المحاولات التي مارستها الحكومات الإسرائيلية من أجل تدجين الفلسطينيين ودفعهم الى التخلي عن هويتهم العربية وطمس تراثهم الفلسطيني وتشويه ذاكرتهم الجماعية من خلال فرض الهوية الإسرائيلية عليهم.
واليوم يجد الفلسطينيون في "إسرائيل" أنفسهم من جديد عرضة لحملات الاتهامات والتشكيك وذلك بعد الهجوم الذي قام به شاب عربي يدعى نشأت اللحام على مقهى يقع في قلب تل أبيب، يشبه الى حد ما هجمات 13 تشرين الثاني في باريس. ومنذ ذلك الحين بدأت تتصاعد أصوات اليمين الإسرائيلي المتطرفة ضد العرب في إسرائيل وتحملهم مسؤولية الهجوم وتتهمهم بالتنكر لمواطنيتهم وتطعن بولائهم وتحرض ضدهم.
ومما فاقم في هذه الحملات اتهام نتنياهو الفلسطينيين بأنهم يشكلون دولة داخل دولة، وأن هناك مربعات أمنية في البلدات العربية لا تخضع لسلطة القانون والنظام، وتشكل أوكاراً لتجارة السلاح وللجريمة على انواعها.
ما يزيد في حدة الاتهامات تزامن الهجوم على مقهى في تل أبيب مع موجة الطعن بالسكاكين والدهس المستمرة منذ 4 اشهر في مدن الضفة الغربية والقدس الشرقية، وابطالها شبان فلسطينيون أفراد لا ينتمون الى تنظيم، وليس لديهم قيادة وسلاحهم كل كا يقع بين أيديهم من سكين او خنجر.
تأجيج العنصرية ضد العرب
في الآونة الأخيرة برز بوضوح استخدام نتنياهو لسلاح التحريض ضد العرب من اجل كسب ودّ الجمهور واستمالة قاعدته الشعبية رغم الانعكاسات السلبية لذلك على التعايش العربي-اليهودي وتأثيره السلبي في تأجيج روح العنصرية والكراهية. وسرعان ما بدأت تظهر نتائج حملات التخويف ضد العرب في إسرائيل من خلال شعور المواطنين اليهود بالخوف وعدم الاطمئنان من وجود عرب بالقرب منهم مثلما حدث في بلدة رعنانا التي قال سكانها إنهم يخافون من ارسال ابنائهم الى حديقة تقع بالقرب من مبنى يقوم بتشييده عدد من العمال العرب.
كما يبدو أنه اصبح يحق لمسافرين يهود إسرائيليين انزال ركاب عرب عن الطائرة التي يستقلونها اذا شعروا بعدم الاطمئنان الى وجودهم. يضاف هذا الى خطوات متواصلة تعبر عن رفض اليهود في إسرائيل القبول بالعرب كمواطنين متساوين معهم، ووضع الحواجز النفسية والمعنوية في وجه التقارب.
ومن بين الخطوات الاخيرة الدالة على هذا المنحى قرار وزارة التربية والتعليم في إسرائيل شطب رواية "الجدار الحي" للكاتبة دوريت رابينيان من مادة الأدب العبري في المدارس الثانوية اليهودية، لأنها تحكي قصة حب متخيّلة بين شابة يهودية وشاب فلسطيني بحجة أنها تشجع على ذوبان الهوية اليهودي.
عندما يشعر مليون ونصف مليون عربي يسكنون في إسرائيل أن عليهم أن يدفعوا الثمن الضخم لعمل ارتبكه شخص واحد، وانهم عرضة في اي لحظة للتشكيك والترهيب والتخويف كونهم عرباً وفلسطينيين فقط لا غير، واذا اضفنا ذلك الى معاناة الفلسطينيين من الاحتلال في الضفة الغربية، فإن هذا دليل قاطع آخر إلى أنّ إسرائيل بعكس ما تدعي هي دولة أبرتهايد، ودولة احتلال.
صحيفة النهار