النّقاش مع المتأسرلين والمتأسلوين والمتأمركين والطّائفيّين محسوم.
لكن ثمّة وطنيّين يخوّنون وطنيّين آخرين ببذاءةٍ وسلطويّة، لأنّ الفريق الثّاني تساءل وتوجّس واحتار إزاء احتمال أن يكون نشأت ملحم قد جنّدته المخابرات الإسرائيليّة وانقلب على مشغّله وقتله، أو احتمال أن تكون العمليّة ذات دوافع جنائيّة، أو لأنّهم يؤمنون بخيار المقاومة الشّعبيّة غير المسلّحة، أو لأنّهم لم يشكّلوا بعد جوابًا يتماشى مع ما يؤمنون به من معاني الفداء والشّهادة، لما في الحدث من غموضٍ وتخبّطات.
أي أنّ وطنيًّا يخوّن ويؤسرل وطنيًّا لأنّه فكّر بوطنيّةٍ إزاء احتمالاتٍ لا تتماشى مع مفاهيمه الوطنيّة، وليجنّب نفسه إمكانيّة التّورّط في مآرب إسرائيل وروايتها، للمفارقة!
لا تهمّ الرّواية الإسرائيليّة ولا قيمة لها، والمهمّ هو روايتنا الفلسطينيّة الوطنيّة الّتي عرقل هذا الجدل صياغتها بسبب موجة الانفعال والمحاكمات التّعميميّة النّاتجة عن سوء الفهم والتّقدير وغياب المسؤوليّة في الطّرح.
نعم، يجب الحذر من التّرويج لمقولات وادّعاءات إسرائيل (بعض ما جاء أعلاه تسرّب ولا تعليق إسرائيليّ عليه)؛ لكن الخطير، والخطير جدًّا، هو سلوك وخطابات جماعات التّكفير الوطنيّ الفيسبوكيّة، الّتي تثرثر شعاراتٍ لا تطبّقها.
لا بل إنّ من حاول شرح وتفسير هذه الحالة الإشكاليّة وإن كان يتوافق رأيه مع رأي فريق أهل التّخوين، خوّنوه أيضًا.
على أمثال هؤلاء لا يمكن أن نعوّل أبدًا، ويبدو أنّ الجدل الّذي شهدناه منذ عام ٢٠١١ حول الثّورات العربيّة ومآلاتها، والّذي قسّم النّاس إلى أشرار وأخيار، قد انغرس غرسًا في نفوسنا المعتمة.
رحم الله شهداءنا الّذين قضوا وبوصلتهم فلسطين وحرّيّة الأمّة.