الحدث - وكالات
"علينا أن نسمّي الأمر على حقيقته؛ فإسرائيل تعدم أشخاصاً كل يوم بدون محاكمة، وأي وصف آخر يعدُّ كذباً. وإن كانت عقوبة الموت لمرتكبي حوادث الطعن الفلسطينيين مطروحة للنقاش في إسرائيل ذات مرة، فالآن يتم إعدامهم دون محاكمة وحتى بدون مناقشة، وإن كانت قواعد الاشتباك مثار جدل ذات مرة، فاليوم الأمر واضحٌ، نحن نطلق النار لكي نقتل أيّ فلسطيني مشتبه به".
هذا ما افتتحت به صحيفة هآرتس الإسرائيلية مقالاً نشرته في 17 يناير/ كانون الثاني 2016، علّق فيه كاتبه على حوادث إطلاق النار على الفلسطينيين بزعم الاشتباه بهم، وهو ما وصفه الكاتب بـ"إعدام دون محاكمة".
وبحسب نص المقال فإن وزير الأمن العام الإسرائيلي، جلعاد أردان، أوجز الموقف عندما قال "كلُّ مرتكب لحوادث الطعن يجب أن يعلم أنه لن يعيش ليشهد الهجوم الذي كان على وشك ارتكابه".
وعلقت الصحيفة "غالباً كل السياسيين انضموا إليه في انسجام يثير الاشمئزاز، من يائير لبيج، السياسي ورئيس حزب (هناك مستقبل)، إلى من هم أعلى، وأصبح هناك العديد من تراخيص القتل التي تُوزَّع هنا".
وفي وصفها أضافت هآرتس "في عام 2016، لا يجب أن يكون المرءُ أدولف إيخمان (ضابط ألماني أعدمته إسرائيل عام 1962) لكي يُعدم، فيكفي أن يكون فتاة مراهقة فلسطينية تحمل مقصاً. ومجموعات إطلاق النار تنشط كل يوم، الجنود والشرطة والمدنيون يطلقون النار على هؤلاء الذين يطعنون الإسرائيليين، أو يحاولون طعنهم، أو يُشتبه في احتمال قيامهم بفعل عدائي".
وقالت الصحيفة إنه "في معظم الحالات، لم تكن هناك حاجة لإطلاق النار، وبالتأكيد لا حاجة للقتل. ففي كثير من الحالات كانت حياة من أطلقوا النار غير مهدّدة. هم أطلقوا النار على كلّ شخص يحمل سكّيناً أو حتى مقصّاً، أو يضع يديه في جيبه أو فقد التحكم في سيارته".
"لقد أطلقوا النار عليهم بلا تمييز، سواء كانوا نساء أو رجالاً، أو فتيات أو صبيةً في سن المراهقة. يطلقون عليهم النار بينما هم واقفون، وحتى عندما لا يمثّلون أيَّ تهديد. هم يطلقون النار للقتل، وللعقاب، وللتنفيس عن غضبهم. هناك حالة من الازدراء في إسرائيل، وتلك الحوادث بالكاد تتمُّ تغطيتها في الإعلام".
ورصدت بعض حالات القتل المتعمّد وقالت "أمس السبت؛ قام جنود بنقطة تفتيش "بيكاخوت" والتي يدعوها الفلسطينيون باسم "الحمراء، في وادي الأردن، بقتل رجل أعمال فلسطيني يُدعى سيّد أبو الوفا، يبلغ من العمر 35 عاماً، وهو أب لـ 4 أبناء، بعد أن أطلقوا عليه 11 رصاصة، وفي الوقت نفسه قتلوا علي أبو مريم، الطالب البالغ من العمر 21 عاماً، بـ 3 رصاصات".
وعلّقت على الواقعتين بقولها "لم يقدّم أحدٌ تفسيراً حول مقتل الرجلين، باستثناء الإشارة إلى الاشتباه بأنهما كانا يحملان سكيناً. ورغم أنه توجد كاميرات مراقبة للأمن في ذلك الموقع؛ ولكن القوات الإسرائيلية لم تقم ببث لقطات فيديو للحادث".
هآرتس عرضت لوقائع قتل عمد أخرى لفلسطينيين وقالت "قبل شهر، قام جنود آخرون تابعون للقوات الإسرائيلية بقتل نشأت عصفور، الأب لـ 3 أبناء، والذي يعمل في مذبح دجاج إسرائيلي. أطلقوا عليه الرصاص في قريته سنجل (إحدى قرى رام الله)، من مسافة تبعد 150 متراً، بينما كان عائداً إلى بيته من حفل زفاف".
"وفي مطلع يناير/ كانون الثاني كانت الفلسطينية مهدية حماد، البالغة من العمر 40 عاماً والأم لـ 4 أطفال تقود سيارة متجهة إلى المنزل عبر قريتها سلواد بالقدس، فأمطرت شرطة الحدود سيارتها بعشرات الرصاصات، بعدما شكوا في أنها تنوي الاصطدام بهم".
"ولم يشتبه الجنود في الطالبة الفلسطينية بمجال مستحضرات التجميل، سماح بعد الله، وعمرها 18 عاماً، مع ذلك قاموا بإطلاق النار على سيّارة والدها "بالخطأ" وقتلوها".
وكذلك الشاب علاء الحشاش، البالغ من العمر 16 عاماً، الذي اشتبهوا في محاولة طعنه لمستوطنٍ، فأعدموه.
"قتلوا كذلك الشابّة أشرقت قطناني، وعمرها 16 عاماً، وكانت تمسك بسكّين وتجري في اتجاه امرأة إسرائيلية، فصدمتها المستوطنة بسيارتها، وعندما سقطت على الأرض جريحة، قام الجنود والمستوطنون بإطلاق النار عليها 4 مرات على الأقل. إعدام.. وماذا غير ذلك؟"
وتابعت الصحيفة "عندما أطلق الجنود النيران على لافي عواد، وعمره 20 عاماً، وأصابوه بظهره بينما كان يجري بعد إلقائه للحجارة، أليس هذا إعداماً؟".
ويقول الكاتب إن هذه فقط حفنةٌ من الحالات التي تمَّ توثيقها خلال الأسابيع القليلة الماضية من قبل صحيفة هآرتس. كما أن موقع مجموعة B’Tselem لحقوق الإنسان وثّق قائمة تضم 12 حالة إعدام إضافية.
وقالت الصحيفة إنَّ وزيرة الخارجية السويدية مارغو والستروم، هي واحدة من عدد قليل من الوزراء في العالم طالبوا أن يتمَّ التحقيق في حوادث القتل تلك، فلا مطلب أكثر أخلاقية من ذلك، خاصة وإن كان آتياً من وزير للعدل.