بقلم: نبيل عمرو
أي كائن سياسي، ينبغي أن يتعلم من عدوه، ورغم صراعنا المرير وطويل الأمد مع الاحتلال، إلا أننا لم نتعلم الكثير وخصوصا فيما يتصل بالمسائلة التي تعقب كل حرب.
نحن الفلسطينيين خضنا العديد من الحروب مع إسرائيل وغيرها، ولم يحدث ولو مرة واحدة أن شكلنا لجنة للتحقيق فيما حدث، بل إننا كنا نعتبر لجان التحقيق التي يشكلها الإسرائيليون بعد كل حرب على أنها إقرار بهزيمة أو تقصير.
ولأننا نعتبر أنفسنا منتصرين ما دمنا على قيد الحياة، فإننا لم نفكر في دراسة ما حدث وإلى الإشارة بصورة موضوعية للصواب والخطأ، خشية أن يقال إننا نشكك في الانتصار ونحذو حذو العدو فيما يفعل.
إن لجان التحقيق حين تكون مستقلة، ويكون أعضائها منزهين عن الهوى السياسي، وحين تتمكن هذه اللجان من الوصول إلى مصادر المعلومات والقرارات، فإننا نضمن نتائج مفيدة تساعدنا على تفادي الاخطاء وتطوير الانجاز.
ولجان التحقيق من حيث المبدأ ليست محاكمة قانونية أو سياسية أو سلوكية، حتى نخاف منها أو نعتقد بأن هنالك من يسيء تفسير تشكيلها، إن لجان التحقيق هي التي تكرس مبدأ الإفادة من التجارب، وتكرس كذلك مبدأ الثواب والعقاب، فمن أدى بصورة جيدة فله الإشادة والأوسمة على الصدر، ومن قصر ولم يقم بواجبه قبل المعركة وأثنائها فيستحق المسائلة، لأننا بصدد أحداث تسيل فيها دماء كثيرة ويتسبب التقصير في أي أمر بسلسلة مآسٍ لا تقتصر في آثارها على من أصابه الأذى المباشر وإنما تصيب الوطن كله والمجتمع كله والقضية الوطنية من أساسها.
إن الحرب التي وقعت على غزة، هي حرب على فلسطين كلها ولعلنا ندرك ذلك بصورة أعمق حين نراقب ما يفعل الإسرائيليون في الضفة بعد وقف إطلاق النار، إن كل حركة وسكنة إسرائيلية تقول لنا بصريح العبارة، إذا كان الحيز الجغرافي للحرب هو غزة، فإن الهدف الأساسي لها هو الضفة، وإذا كنا نعرف ذلك بصورة تلقائية فان دراسة ما حدث بخلفياته وسلوكياته ونتائجه الأولية هو واجب وطني ينبغي ألا تمنعنا عنه أهازيج النصر ومظاهر الاحتفاء والاحتفال.