الحدث- القدس
بمبادرة شبابية خالصة احاط ما يزيد عن عشرة آلاف قارئ وقارئة فلسطيني بسور القدس ظهر اليوم، في يوم يؤكد بعض المتابعين أنه يوم تاريخ بامتياز، تخللته بعض المشاهد الهامة والمفاجئة. حيث لبّى المقدسيون النداء، وحمل الآلاف منهم كتبهم يقرأون حول سور القدس.
العدد المطلوب يقول الكاتب والأديب المقدسي جميل السلحوت، كان اربعة آلاف قارئ، لكن الحضور فاق ذلك بكثير رغم الحصار، وفتحت القدس حضنها لتحنو على أبنائها البارّين، ويضيف السلحوت لقد كانت السلسلة البشرية القارئة وغير المسبوقة في التاريخ، رسالة عقائدية ثقافية حضارية الى الغزاة الذين لا يقرأون التاريخ، وإن قرأوه لا يستخلصون منه العبر، إنها رسالة الثقافة التي تتغلب على الفانتوم والأباتشي وكل أسلحة الدمار، رسالة تؤكد أن الغزاة الجدد مجرد "عابرون في كلام عابر" كما قالها الراحل العظيم محمود درويش، ولن يكون مصيرهم أفضل من سابقيهم من الغزاة.
ويؤكد الشيخ جميل أن أحدا لم يتصور كم كانت فرحة القدس عظيمة بأبنائها هذا اليوم، حيث كانت فرحتها بالزهرات والأشبال من أبنائها لا توصف، وما الحضور النسوي الطاغي إلا ردّ على من يعتبرون الإناث "ضلعا قاصرا" أو أنهن "عورات" فهل نعيد النظر بنصفنا المغيّب؟ وهل نرى قدرات بناتنا وأبنائنا الشباب على الابداع والابتكار؟
أما إبراهيم جوهر الكاتب والأديب المقدسي والذي شارك في هذه الفعالية فيقول: المفاجآت كانت بحاجة لمن يرصدها، ويتابعها، ويلتقطها. ولعل أولى المفاجآت قد تمثّلت في هذا الحشد البشري المتعطش بفرح وإقبال وعشق للكتاب والمطالعة والسور والقدس، إذ بلغ عدد المشاركين عشرة آلاف قارئ وقارئة من بين عمر سنتين حتى التسعين عاما، وقد شكّلت فئة الشباب العمرية العمود الفقري للسلسلة تنظيما وإشرافا ومتابعة .
ويضيف جوهر إن القدس اليوم كانت تبتسم مع أحرف الكتب وكلماتها وجملها المفيدة. والجملة المفيدة اليوم يمكن أن أقولها بثقة: إن الشباب أثبتوا بإرادتهم وإبداعهم قدرتهم وقوتهم، والقدس اليوم ستنام مطمئنة على وعد بروح ثقافية قادمة تعيد إليها وجهها الحضاري المشرق الذي كان يوما، وسيكون غدا.
السلسلة القارئة حول السور اليوم كانت تحمل سلسلة من الرسائل والمعاني والإيحاءات، سلسلة القدس التي تواصل إشعاعها الثقافي الأصيل بروح أبنائها وعشاقها. حيث شمس القدس الطبيعية تغيب الآن يقول جوهر: لتعود مع فجر يوم جديد وهي مطمئنة لشمس الشباب الثقافية التي ولدت اليوم.
هذه الفكرة التي قامت بها "مبادرة شباب البلد" والتي اصبحت واقعا ملموسا وفاعلا، تؤكد أن لدينا من القدرات الخلاقة والريادية لشبابنا الكثير الذي لم يستغل بعد، خاصة حين نعلم أن هذه الفكرة لم يقتصر دورها على السلسلة البشرية القارئة بل تعدتها إلى تأسيس ثلاث مكتبات في القدس، لتهزّ أبوابا مغلقة كثيرة، وتفتح أبوابا جديدة، وتحمل رسائل كثيرة لمن يجيد القراءة، وتسخر من نظرية" الكبار يموتون والصغار ينسون".