تؤكد أن “يهودية إسرائيل” تثير مخاطر الفتن في الأردن
نعيب حرمان دول عربية للاجئين الفلسطينيين المقيمين على أراضيها لأبسط حقوقهم المدنية
من حق اللاجىء الفلسطيني العيش بكرامة في البلدان المضيفة والحقوق المدنيّة لا تشطب الحقوق السياسية
الشعب الفلسطيني قادر على حماية السلطة الوطنية حالَ قررت التمسك بالثوابت الوطنية وإسقاط مشاريع التصفية
الحدث - عمان – بثينه السراحين
«عبلة أبو علبة» سياسيّة أردنية بارزة، ذات أصول فلسطينية (مواليد قلقيلية العام 1950م)، تشغل حاليا منصب الأمين الأول لحزب الشعب الديمقراطي الأردني(حشد) ذو التوجه اليساري؛ والمنبثق عن الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، هي ممّن شاركن بتأسيسها سبعينيات القرن الماضي. كما ويسجل لها أنها ثاني إمرأة تقود حزبا أردنيا، وأوّل إمرأة ترأس حزبا سياسيا تحصد مقعدا نيابيا أردنيا، وذلك في المجلس النيابي المنصرم(السادس عشر).
وبناء على زخم التجربة وعمق المعرفة وسعة الإطلاع للناشطة السياسية «عبلة أبو علبة» كان اللقاء التالي معها للإطلاع على رؤيتها للمرحلة الراهنة وتصوّراتها المستقبلية لتداعيات الأحداث الدائرة في المنطقة:
س: حددي لنا موقف حزبكم من “إتفاقية الإطار” التي يروّج لها وزير الخارجية الأميركي جون كيري؟
موقفنا من المشروع الأميركي لحل القضية الفلسطينية واضح ولا لبس فيه، وقد أعلنا عن ذلك سابقا من خلال إئتلاف الأحزاب الستة «القومية واليسارية»، عبر رفضنا لمخطط كيري لأسباب موضوعية أهمها؛ الخطر المباشر على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وتهديد المصالح الأردنية، نظرا للتداخل الكبير بين الشعبين الأردني والفلسطيني.
كما أن بنود «إتفاقية الإطار» باتت واضحة ومكشوفة للجميع والتي تحمل في طيات بنودها أفكارا خطيرة؛ منها إنكار حق العودة للاجئين الفلسطينيين؛ و “يهودية اسرائيل”؛ وكذلك تبادل الأراضي الذي سيؤدي إلى شطب حدود عام 1967 بشكل عملي وإخراج القدس من الأراضي الفلسطينية.
س: وماذا عن المخاطر التي تحملها فكرة «يهودية اسرائيل»؟
يتعدى خطر «يهودية الدولة» الشكل العنصري المبنية عليه التسمية، إلى ما هو أبعد وأخطر؛ وذلك من خلال المساس بقضية اللاجئين الفلسطينيين «ذهابا وإيابا»، إذ أنه بموجب هذا الإقرار لن يتمكن اللاجئون الفلسطينيون من العودة لوطنهم وديارهم، إضافة إلى المخاطر التي سيتعرض لها الفلسطينيون المقيمون في وطنهم المحتل عام 1948، عدا عن تكريس العنصرية الإسرائيلية بكل معانيها الإنسانية والدينية والإحلالية.
ومن بين المخاطر الأخرى التي يثيرها إقرار «يهودية اسرائيل» إثارة الفتن الداخلية في الأردن التي تستضيف تجمعات كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين، ومخاوف بعض الأردنيين من تكريس حلول تصفوية لقضية اللاجئين على حساب الأردن عبر توطينهم، في الوقت الذي يعيش فيه الشعبان تاريخيا بصورة مشتركة دعامتها النضال لجهة تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني بتقرير المصير وإحقاق حق العودة.
س: ما مدى واقعية المخاوف المُثارة فلسطينيا وأردنيا من فرض مشروع «الوطن البديل»؟
المخاوف من «الوطن البديل» سببها السياسات العنصرية الإسرائيلية وليس أي طرف آخر، لأن اللاجئين الفلسطينيين لا يمكن أن يقبلوا بديلا عن وطنهم، بالإضافة لحرصهم على علاقات متكافئة مع الشعوب العربية التي احتضنتهم لعقود طويلة.
والسيرة الكفاحية النضالية الطويلة للشعب الفلسطيني ترد على الأوهام الصهيونية، وعلى المتخوفين من «الوطن البديل» في الأردن، ونؤكد في هذا السياق ضرورة إعادة إحياء العلاقة النضالية والكفاحية بين الحركتين الوطنيتين الأردنية والفلسطينية لمقاومة المشروع الإحلالي العنصري الصهيوني، الذي يضر بالمصالح الأردنية العليا والحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني.
س: وكيف يمكن إعادة إحياء تلك العلاقة النضالية الإثنية؟
علاقتنا لم تنقطع مع الحركة الوطنية الفلسطينية، وهناك علاقات كفاحية مشتركة، إلا أن هذا غير كاف، إذ لابد من وجود صيغ أعمق لجهة وضع برنامج موّحد لمقاومة ما يحدث من مخاطر تهدد الأردن وفلسطين، عبر التصدي لتلك المخططات المشبوهة.
س: وماذا عن اتهمات ساسة أردنيين لحكومتهم بالضلوع في المساومة على القضية الفلسطينية على حساب مصلحة بلدهم؟
نحن لم نقرأ ولم يتم الإعلان عن شيء من هذا القبيل، إلا أن التخوفات من الإنصياع للضغوط الأميركية على وجه التحديد مشروعة، لذلك المطلوب من الحكومة الأردنية الإفصاح الفوري عن كل بند من بنود الوضع النهائي.
كما أنه مطلوب من القيادة المتنفذة في منظمة التحرير أن تقدم مشروعها وتصارح شعبها، وأن تعود إلى هيئاتها الشرعية «المجلسين الوطني والمركزي الفلسطينيين» لبلورة مشروعها لجهة مجابهة المشروع الصهيوأمريكي في المنطقة.
س: ما سبب الربط المجحف بين مطالب ملحة لتحسين الظروف المعيشية المزرية لأهالي المخيمات ومخططات إلغاء حق العودة؟
من حق اللاجئين الفلسطينيين أن يعيشوا حياة إنسانية كريمة في البلدان التي لجؤوا إليها، ومن المعيب حقا ما يحدث في بعض البلدان العربية التي تحرمهم أبسط الحقوق المدنية التي لا تتعارض أبدا مع حق العودة، لأن الحق الانساني لا يتعارض أبدا مع الحق الوطني.
ولا ننسى هنا أن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» التي تأسست عام 1949، قامت بالأساس على فكرة غوث وتشغيل أولئك اللاجئين الذين هجروا من ديارهم وأوطانهم بغير حق، وهذا إقرار دولي آخر بحقهم في العودة والعيش بكرامة.
س: بماذا تتسلح السلطة الوطنية الفلسطينية لجهة رفضها الضغوط الأميركية والإسرائيلية وطروحاتهما الإنهزامية؟
لدى السلطة الفلسطينية بدائل من الممكن أن تستند إليها لمواجهة هذه الضغوط؛ منها الحركة الوطنية الفلسطينية المنبثقة عن شعب مكافح يستطيع أن يحمي حقوقه وقيادته حال تمسكت هذه القيادة بالثوابت الوطنية والمشروع الوطني.
وهنا لا بد من عودة القيادة الفلسطينية إلى الشعب والمؤسسات الوطنية المشروعة «المجلسين الوطني والمركزي» والوحدة الوطنية، وإنهاء الإنقسام الفلسطيني ضمن إطار برنامج وطني يجمع عليه الجميع.
س: ما رأيك بما يسمى “الربيع العربي”؟
لا أوافق على هذه التسمية، وأعتقد أن ليس لها مضمون سياسي دقيق، إذ أن الثورات أو الاحتجاجات أو الانتفاضات التي اندلعت بعدد من الدول العربية- أيّاً كانت تسميتها- كان من الممكن لها أن تبقى سلمية ضد الأنظمة التي تحكمها، على أن تحدث عملية الانتقال والتحول بطريقة سلمية وبشكل تدريجي، دون حدوث المواجهات الدموية التي شهدناها خلال السنوات الماضية.
ولكن لابد من القول هنا أن الثورات العربية لم تكن خيارا وإنما ضرورة بسبب التناقض بين الشعوب والأنظمة التي تقوم سياساتها على القمع والقهر، فنلاحظ في تونس على سبيل المثال كيف أنّ وجود مؤسسات المجتمع المدني جنّبت المجتمع التونسي الإنزلاق نحو العنف الدموي، بينما في بلدان أخرى تعتبر الحياة المدنية فيها أقل تطورا ولا توجد فيها مؤسسات مجتمع مدني، سلكت الثورات فيها منحاً دمويا عنيفا.
وكان من الممكن تسمية ما يحدث في العالم العربي مرحلة تحولات ديمقراطية، وصحيح أنها متعثرة جدا بسبب عدم وجود مؤسسات مجتمع مدني، إلا أن هذه مراحل لا بد منها.
س: وماذا عن التطورات الدموية التي حصلت في ليبيا وسورية؟
تدخل حلف الأطلسي في ليبيا دمّر بنية الدولة «الضعيفة منذ الأساس» وما تبقى منها، والدليل هو حالة الفوضى التي سادت البلاد لحظة سقوط النظام الليبي، ولذلك من الصعب الحكم على الأمور في ليبيا إلى أين ستتجه.
أما في سوريا فالوضع مختلف تماما، فهناك بنيان دولة قوية وجيش متماسك، منع إنهيار الدولة رغم الأحداث الدامية التي تتعرض لها سورية منذ ثلاث سنوات، ولا بد من التأكيد هنا أن التدخلات العربية والدولية في سورية شوّهت المطالب الديمقراطية لشريحة شعبية واسعة، وما نشاهده اليوم في سوريا عبارة أنماط من الجماعات التي تتحكم بالصراع السياسي الدائر في البلاد؛ بعيدا عن المطالب المحقة للشعب السوري.
س: كيف أثرت تطورات الأوضاع في سورية على القضية الفلسطينية؟
ما يحدث في سورية أثر بشكل سلبي وكبير على القضية الفلسطينية، خاصة مع استنزاف الجهود العربية التي تبذل لحل الأزمة السورية، وإنهاء الصراع الداخلي فيها، على حساب القضية الفلسطينية.
كما أنه ليس من مصلحة القضية الفسطينية إنهاك الدولة السورية وجيشها القوي وكذلك حزب الله، ذلك أن هذه الأطراف تعتبر داعما حقيقيا وكبيرا للصراع مع دولة العدو الصهيوني.