الإثنين  25 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

مصالحة... أم محاصصـة؟/ بقلم: تيسير الزّبري

صريح العبارة

2016-02-02 11:18:55 AM
مصالحة... أم محاصصـة؟/ بقلم: تيسير الزّبري

تتواتر الأنباء عن محادثات بين ممثلين عن حركة "فتح" مع ممثلين عن حركة "حماس" في الدوحة... والهدف المعلن هو إنهاء الانقسام الذي امتد وطال منذ حزيران عام 2007 وحتى اليوم.

بالرغم من أن ما تسرب حتى الآن من معلومات عن هذه الاجتماعات لا يثير الكثير من الاهتمام في الشارع الفلسطيني، وربما أن أحد الأسباب وراء ذلك هو تكرار المحاولات والاتفاقات لحل الخلاف منذ وثيقة الأسرى في العام 2006 (قبل الانقسام) وحتى اتفاق القاهرة في العام 2010، وأخيراً اتفاق الشاطئ عام 2014، جميع تلك الاتفاقات والوثائق قد فشلت في إنهاء الانقسام والذي يصفه البعض بالبغيض، وهو أقل وصف للانقسام الذي ألحق بالقضية الوطنية الفلسطينية أفدح الأضرار السياسية، كما شجع إسرائيل على تكرار اعتداءاتها منذ نهاية العام 2008 وحتى اليوم، وألحق أفدح الخسائر البشرية بمئات آلاف الغزيين من أبناء الشعب الفلسطيني، وخسائر مادية وحياتية وضعت قطاع غزة في آخر سلم الحالة الاجتماعية والإنسانية، من الفقر والبطالة والمرض وتدهور الأوضاع الصحية وتدمير أماكن السكن، وما زالت غزة تواجه الحصار البري والبحري من إسرائيل، إضافة إلى إغلاق معبر رفح شبه الدائم من قبل الأشقاء المصريين!

في غمرة الحملات الإعلامية المتبادلة بين وسائل الإعلام الرسمية والفتحاوية والإعلام الحمساوي، تأتي هذه المحادثات الجديدة، وربما كان هذا الواقع من الحروب الإعلامية هو وراء مشاعر اللامبالاة بين أوساط الشعب لمباحثات الدوحة الحالية أو القادمة، إضافة إلى المحادثات والاتفاقات السابقة، والتي أشرنا إلى عناوينها والتي انتهت إلى الفشل! والملفت للنظر أن هذه المباحثات الثنائية تأتي بعد إفشال مبادرة القوى الفلسطينية الأخرى لحل مشكلة معبر رفح التي تتفاقم يوماً بعد آخر، والموقف الرافض ضمناً لهذه المبادرة من قبل حركة "حماس"، وفي ظل إصرار حماس على ضرورة الدعوة للإطار القيادي المؤقت للمنظمة لبحث موضوع إعادة تفعيل وإحياء مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية يقابلها رفض من المستوى السياسي الرسمي الفلسطيني لهذا المطلب الحمساوي (الذي يلقى تأييداً من أغلب القوى الفلسطينية صاحبة مبادرات إنهاء الانقسام).

نقاط "مشروع الاتفاق" التي تسربت عن اجتماعات الدوحة لا توحي بالثقة بأن ما يجري النقاش حوله سوف ينهي الانقسام بقدر ما يشير إلى اتفاق على المحاصصة سواء في الحكومة العتيدة القادمة (بعد الاتفاق) أو في الإضافات على المجلس الوطني المعين مجدداً، بحيث يضاف على عضويته الفلكية أكثر من مائة عضو جديد من (حركة حماس)، وبهذه الحال فإن المجلس الجديد سوف يزيد عن ثمانمائة عضو!!

الانقسام يجب أن ينتهي، وعلى أسس الإجماع الوطني والاتفاقات الوطنية الموقعة والمعتمدة من اللجنة التنفيذية والمدعومة من أوسع القطاعات الشعبية، وليس من وراء ظهر الأطراف التي أقامت تلك الاتفاقات، والمدخل للعمل الوطني السليم هو بدعوة الإطار القيادي المؤقت للاجتماع (وهو يضم اللجنة التنفيذية للمنظمة والأمناء العامين للفصائل الفلسطينية بمن فيهم أمناء حماس والجهاد الإسلامي) وإقرار كل خطوط النهوض بالمشروع الوطني بما في ذلك البرنامج السياسي المناسب للمرحلة، وكذلك الميثاق الوطني الجديد، وإعادة انتخاب الهيئات الفلسطينية الشرعية (المجلس الوطني ولجانه والتشريعي وانتخابات الرئاسة الفلسطينية وفق آليات محددة وفي أزمان وآليات محددة وسريعة...).

من المفيد التذكير بأن الاهتمام بحل الصراع الفلسطيني مع المحتل قد تراجع إلى آخر سلم الأولويات الإقليمية والدولية لأسباب كثيرة منها الانقسام الداخلي الفلسطيني، ومنها ما يعود إلى اشتداد وتيرة الاعتداءات الإسرائيلية على الحقوق الفلسطينية المشروعة، ومنها ما يعود إلى الواقع العربي المنقسم والمتحارب وحالة الاضطراب في أكثر من بلد عربي والاهتمام الإقليمي الأبعد عن الصراع الفلسطيني– الإسرائيلي. إن المدخل الصحيح لإعادة التوازن والاهتمام بالقضية (المركزية) الفلسطينية هو بإعادة بناء بيتنا الفلسطيني الداخلي والحجر الأساس لكل ذلك هو بإنهاء الانقسام باعتباره هماً وطنياً شاملاً وليس كعكة يجري تقاسمها بين متخاصمين، لا يجب أن يخضع لمناورات وتكتيكات لا تخدم سوى أصحابها فقط!!