الثلاثاء  26 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

بين الفعل وأبعاده والقول ودلالاته/ بقلم: أحمد زكارنة

2016-02-02 11:25:32 AM
بين الفعل وأبعاده والقول ودلالاته/ بقلم: أحمد زكارنة

في حوار مقتضب مع أحد الأصدقاء أتينا على قضية الدال والمدلول تحديدا في الرواية الفلسطينية لما تحمل من خصوصية ذات علاقة أصيلة بجوهر صراعنا مع المحتل.

كان الحديث يدور حول ذلك الآخر الشريك ومساحة محاكاة أفعاله أو تناول أفكاره وشعاراته وسياساته، بما يخدم في نهاية الأمر القضية الوطنية، إلى أن بات واضحاً من الحوار أن صديقي ينتمي لمدرسة المواجهة لا المحاكاة، تلك التي تشير بقوة إلى المواقف المعلنة لا المواربة، وقراءتها قراءة معمقة دون إغفال للمواقف أو الرسائل المباشرة أو غير المباشرة.

على هذه القاعدة وحيث أن موضوع هذا المقال ليس عن شخص صديقي وميوله الفكرية، علينا جميعا حينما نعالج تطورات قضيتنا بالنظر عميقا إلى قضية العلاقة الراسخة بين القول ودلالاته، ألا ننسى ماهية القائل أو الفاعل وخلفياته الفكرية.

من هنا يمكننا التوقف كثيرا أمام بعض الترهات السياسية التي يمارسها وما زال  بعض المحللين، لا لطرح الأفكار وإنما لتسجيل المواقف، فلو أخذنا على سبيل المثال لا الحصر تلك التصريحات التي أدلى بها أحد الأكاديميين وأثارت حفيظة العديد من المتابعين، وبعيدا عن التقييم المسبق للقائل، فسنجد أنه وبغض النظر عن النتائج السلبية التي سببتها مثل هذه التصريحات ومدى دقتها من عدمه، تعد ممارسة الفعل هنا، ممارسة لا تمت للفعل الوطني بأي صلة تذكر لا على الجهة السياسية ولا على الجهة الفكرية، حيث أنها لم تقدم ولم تأخر، فقط خلقت حالة من البلبلة غير المبررة.

في الجهة المقابلة جاء رد الفعل مبالغا فيه إلى حد ما، إذ كان بالإمكان الرد على مثل هكذا تصريحات، بفعل يعكس مدى ضحالة هذه الإدعاءات السخيفة، فلو دقق أي مراقب محايد في المحاولات التي ما زالت قائمة للم الشمل الفلسطيني الفلسطيني، تحت علم واحد وشعارات واحدة موحدة في كافة الأراضي الفلسطينية، في سعي دؤوب إلى خلق حالة من وحدة المفهوم لا السلوك، لفسَّر حتما أن مثل هذه الترهات لا تخدم إلا أجندة المحتل وأهدافه المعلنة للحفاظ على حالة الانقسام وتعميقها.

وما كل محاولات المحتل إلا ضرب يستهدف وحدة الوطن ووحدة المصير، ما يعني أن مثل هذه الخلافات واستمرارها إنما تجرنا بشكل واضح وصريح إلى اختزال تناقضنا الأساس مع الاحتلال، في قضايا ثانوية بعيدة كل البعد عن جوهر وأهداف حركة التحرر الوطني التي نادى بها الشعب الفلسطيني منذ اللحظات الأولى لاحتلال أرضه ومقدراته.

إن بعض القوى الإقليمية والدولية، وفي مثل هذا الوقت من الفوضى العارمة التي تضرب المنطقة بأسرها، إنما تبحث أولا وأخيرا عن مصالحها الخاصة قبل أي قضية أخرى، ونحن ومن منطلق فهمنا العميق لما يدور من حولنا جدير بنا البحث عن كل فعل وقول وحدوي لا يصب إلا في صالح جوهر القضية لا قشورها، بشكل يعكس أننا من أنصار الفعل وأبعاده لا القول ودلالاته.