أولاً: التابع
ما اجتمعت أكثريةُ على رأي، إلا كان فيه مفسدةٌ، وفسادٌ وإفساد.
لأن الأغلبية استساغت صلة التبعية، إما لجهل وقلة علم، وإما لجُبن وقلة جرأة، وإما لمذلَّةٍ بعد عز، وإما لمصلحة واحكام ارتباط.
والأغلبية حاضرة عددا، وجاهزةٌ كمًّا. حراكها آليٌ، غير تأملي، غيرُ عفوي بمعنى العفوية في طيبة ودرء لضرر وضرار.
والأغلبية تظهرُ أنها متجانسةٌ، منظمةٌ، وأفرادها قلوبهم شتى، يعيشون في فوضى.
لغتها الشعارات التعبوية الشعبوية، صوتها جمعي عاطفي غبي يعلو على صوتها الفردي العقلي الذكي.
الأغلبية قابلة للتحريض وللعدوى به، تستأنسُ أن تكون مُحرَّضة إلى حد الغليان بأن تصير مجرمة.
سهلةٌ التجييش والتهييج والاستثارة، لأنها ساذجةٌ، ترغبُ في التأطير، وتحتاج إلى دين.
والأغلبية لها موقف وليس لها مبدأ. حالها على غير دوام، أفرادها أيقاظُ وهم نيام.
عرضةٌ للذعر المطلق، وللفزع العام، وبالمثل هي عرضةُ للتنويم المغناطيسي وللسكون التام.
الأغلبية ترى ولا ترى، تسمع ولا تسمع.
الأغلبية تتكلم فتقولُ: نعم، وحين تريدُ أن تقول لا؛ لا تعرفها فتقولُ: نعم.
الأغلبية اتفقت على انتحارها الجماعي.
الأغلبية اعتقدت أنها وحدها امتلكت الحقيقة.
والحقيقة، أن الأغلبية ليست سوى تابعٍ لمتبوع.