لبنان- مصطفى أبو حرب
الحدث - من يتابع المشهد في العالم العربي يُلاحظ أن الثورة قد سرقت الثورة من الشباب، حيث استخدمت كل أنواع التآمر السياسي عليهم وغيبوا عن المشهد السياسي في كل الأقطار العربية التي كما يزعمون أنها تحررت بفعل تمردهم وثورتهم على الطغاة من الحكام، وبات تمردهم وثورتهم هما ثقيلا على كاهل كل الشعوب العربية وبت ترى اليوم الشباب الذين ثاروا طلباً للحرية يعانون من تكميم الأفواه والملاحقة والسجن في تونس، وإلى التغييب التام عن المشهد السياسي لا بل وإدخالهم في حالة انقسامية دموية في مصر، أما في اليمن فهناك الحرس القديم ذاته الذي أطبق على السلطة بعد الرئيس علي عبدالله صالح، أما في ليبيا فحدث ولا حرج عن واقع الشعب الليبي والحالة التي وصل إليها الشباب هناك من الاقتتال والفرقة والاحتراب.
ولكن الامر الأسوأ في سورية حيث تم استغلال وسرقة الثورة من أهلها وتحولت إلى حقد أعمى عيون السوريين عن حقيقة ما يحاك ضدهم. في شوارع المدن السورية، بت ترى كل أنواع الجرائم ترتكب تارة باسم الوطنية وأخرى باسم القومية وطوراً باسم الدين وهذا أسوأ أنواع الاستغلال. لقد دمرت مقدرات سوريا وأبعدت عن خارطة السياسة الإقليمية حتى بات هناك من يتكلم باسمها بعدما كانت تتكلم باسم الكثيرين وتقرر عنهم.
شباب فلسطين، وعي وتحمل للمسؤولية
أما شباب فلسطين فكانوا الأكثر وفاءً لدماء الشهداء وتضحيات الأسرى ومعاناة الجرحى، فتحرك شباب فلسطين متأثراً بالرياح العربية وبنخوة الربيع العربي الذي لم يزهر بعد رغم كثرة ما سال من دماء، ولكن ماذا قال الشباب الفلسطيني في مخيمات الشتات؟
شباب فلسطين طالبوا بضرورة إتمام المصالحة وإنهاء الانقسام ولم شمل الوطن والتمسك بحق العودة للاجئين وإطلاق الاسرى والمعتقلين.
هذا كان مطلب شباب فلسطين، ولأن مخيمات الشتات، وفي لبنان تحديداً ولأن مخيماتنا تفتقد لكل أنواع مقومات العيش الآدمي سعى شباب فلسطين إلى التعامل بواقعية مع احتياجات المخيمات وشكلوا مجموعات شبابية تحت مسميات عدة أخذت على عاتقها التخفيف من معاناة أهالي المخيمات والتعاطي مع ما هو موجود من مؤسسات فصائلية ولجان شعبية على أساس الشراكة، وليس الإلغاء وذلك رغم المحاولات العديدة والحثيثة من بعض المؤسسات الأجنبية NGOS إلغاء المؤسسات الوطنية في المخيمات تحت مسميات جديدة مثل مؤسسات المجتمع المحلي ولجان الأحياء، ولكن كل ذلك باء بالفشل نتيجة وعي الشباب الفلسطيني وعدم رغبته بأن يكون الخنجر الذي يراد نحر المشروع الوطني به.
الأستاذ حاتم مقدادي مشرف عمل الحراك الشبابي في مخيم البداوي يرى أن الشباب الفلسطيني في المخيمات، واثق بنفسه متمتع بوضوح في الرؤية وإرادة صلبة نحو التغيير رغم الظروف الصعبة التي تعيشها مخيمات الشتات.
يشير مقدادي إلى أن الشباب الفلسطيني في لبنان بدأ يشق طريقه نتيجة رفض الواقع المعيشي في المخيمات سواء كان من الحصار الخارجي، أو بسبب التقصير الخدماتي من قبل اللجان الشعبية والأونروا والفصائل في المخيمات، يليه رفض الواقع السياسي الذي بات ينتقل إلى السلمية بدل حق إستخدام القوة كسبيل وحيد للتحرير، تبعاً إلى مخاوفهم على القضايا الوطنية الأخرى وخاصة قضية اللاجئين، عدى عن منع الفلسطيني من حق العمل في الوظائف السيادية في لبنان وغلاء المعيشة في ظل هبوط دخل الفرد الفلسطيني .
وأكد مقداد بأن الصحوة الشبابية جاءت مختلفة لأنها تعلمت من أخطاء من سبقها واستفادت من التجارب التي مرّت بها القضية الفلسطينية طيلة العقود الستة المنصرمة، واللافت في الأمر هذه المرّة، أنه لم يكن هناك من حدث مفجر لهذه الطاقات الشبابية ، بل على العكس، فقد ولدت من رحم الإحباط واليأس الذي بات يعانيه الشباب الفلسطيني برمّته، وتأثير توابع الانقسام الفلسطيني- الفلسطيني على المسار الوطني بشكل عام. كما توهّج نور المبادرات الشبابية من خلال كبر الفجوة الحاصلة بين القيادة والجمهور سواء في لبنان أو في الداخل، وكان من الواضح أن الشباب اليوم يرى في تحسين الخدمات والنهوض بأوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان ضرورة ملحة في كنف إطار منظمة التحرير ممثلا شرعيا ووحيدا، واللجان الشعبية بوابة العمل داخل المخيمات، مبتعدا عن تداعيات السياسة التي قد تطيح بالمشروع الوطني.
وبين العام 2012 والعام 2013، بدأ الشباب الفلسطيني في لبنان بلورة أفكاره ووضع استراتيجيات واضحة لمسار العمل الشبابي خاصة والشعبي عامةً، تكون كفيلة بإيجاد شباب لديه أفكار بنّاءة يسعى إلى التنمية بدل النمو، ويسلط الضوء على مواضيع الفساد والتقصير، متمسكا بثلاثة عناوين أساسية تعتمد على الثقة العالية بالنفس ووضوح في الرؤية وإرادة صلبة لتحقيق الأهداف المرجوة.
ونوه مقدادي إلى الأعمال المنجزة للمبادرات الشبابية في المخيمات الفلسطينية في لبنان والتي تعتبر دليلاً على أنهم ما زالوا متمسكين بثوابتهم الوطنية، وأسس العيش الكريم، وبتمتعهم بالوعي الذي يرعى مقومات النهوض.
وختم بأن المطلوب من كافة الأطر الفلسطينية اليوم، هو الاستفادة من قدرات هذا الشباب وعدم محاربتها، بل إعطائها الفرصة للمشاركة لتكون في مركز صنع القرار، وحثّها على المضي قدما في تقليص الفساد وتحسين واقع الإنسان الفلسطيني، كي لا تدخل قضيتنا وقضية وجودنا في منعطفات وانتكاسات جديدة.
السيد خالد يماني مسؤول منظمة الشبيبة الفلسطينية في لبنان، يقول: “إن ربيع شباب فلسطين كان نضاله ضد المشاريع التصفوية والاستيطانية والصهيو-أمريكية وضد التفاوض مع العدو الصهيوني”.
ورأى السيد خالد اليماني بأن الثورات العربية فيما يسمى دول الربيع ابتداءً من تونس مروراً باليمن وليبيا ومصر والبحرين وليس انتهاء بسوريا، وبالرغم من ان بدايات هذه التحركات كانت ضد الانظمة الظالمة في بعض الدول طلباً للحرية والديمقراطية ولتحقيق العدالة الاجتماعية، فقد كان للشباب الدور الأساسي في البحث عن دور لهم في مجتمعات لم تعتد منذ أمد طويل على افساح المجال للطاقات الشابة في وطننا العربي، لكن العديد ان تقل ،معظم هذه التحركات انحرفت عن مقاصدها الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية.
واشار بان ربيع الشباب الفلسطيني كان مغايراً و متجهاً بالاساس الى اعادة تثبيت مفاهيم وطنية كانت تبدو للجميع بانها انمحت او استبدلت،فان ربيع الشباب الفلسطيني كان نضالاً ضد المشاريع التصفوية والاستيطانية الصهيوامريكية والتفاوض مع العدو الصهيوني بمباركة وبدعم من العديد من الانظمة العربية التي كانت على خط واحد ضد ارادة شعوبها وضد القضية الفلسطينية.
وقد تمحور نضال الشباب الفلسطيني حول التمسك بمفهوم حق العودة للاجئين الفلسطينيين الى اراضيهم التي هجروا منها عام 1948 والى رفض التهجير للاجئين من مخيمات الشتات في الدول العربية والى رص الصفوف واعادة الوحدة الفلسطينية ورفض الانقسام الذي كان له تأثيراً سلبياً على القضية الوطنية.
وأكد اليماني بأن الربيع الفلسطيني لم يبدأ مع ربيعات العرب ،إن ربيعنا أصلاً لم ينقطع منذ ما يزيد عن قرن من النضال ضد الانتداب البريطاني وضد الحركة الصهيونية، ربيعنا الفلسطيني ثورات متتالية وأفواج من الشهداء عمدوا ثرى الوطن بالدم الزكي ثورات البراق وثورة الـ36 والثورة الفلسطينية المعاصرة وانتفاضات شعبنا الاولى والثانية والتي علمت الدنيا كيف يكون النضال والقتال ومكافحة الاحتلال الظالم، ولو بالحجر و السكين الارادة التي لا تلين .
ربيعنا الفلسطيني شادية أبو غزالة ودلال المغربي، ربيعنا صمود غزة والضفة والقدس على جبروت العدو، ربيعنا الفلسطيني أحمد سعدات والبرغوثي وآلاف الشهداء والأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال.
رغم المعاناة التي عاشها ويعيشها شعبنا في مخيمات اللجوء ومخيم اليرموك خير دليل على ذلك إلا أن شباب وشعب فلسطين لم يفقدوا البوصلة التي كانت دائماً تشير الى فلسطين كل فلسطين فربيع شعبنا هو جذوة دائمة الاشتعال حتى تحقيق التحرير و العودة.