الحدث - وكالات
استبعد محللون سياسيون فلسطينيون، أن تشن إسرائيل حرباً جديدة على قطاع غزة، بسبب ما وصفوه بـ”الكوابح السياسية”، التي من شأنها أن تمنع أي مواجهة عسكرية على المدى المنظور.
وتزايدت أخيراً، حدة التهديدات الإسرائيلية، بإمكانية شن حرب على القطاع عقب إعلان كتائب القسام، الجناح المسلح لحركة حماس، عن مقتل سبعة من مقاتليها أثناء عملهم بترميم نفق، قرب حدود غزة مع إسرائيل.
وتوعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأحد الماضي، “حماس”، حال استخدامها الأنفاق في هجمات محتملة ضد إسرائيل، قائلاً: “إذا تم الاعتداء علينا عبر الأنفاق التي تمتد من قطاع غزة، سنرد بقوة كبيرة جداً ضد “حماس”، وبقوة أكبر بكثير مما تم استخدامه في الحرب الأخيرة”.
لكن الخبير في الشأن الإسرائيلي، أنطوان شلحت، استبعد أن تشن إسرائيل حرباً جديدة على قطاع غزة، على الأقل في المنظور القريب. وقال: إن “قرار الحرب ليس سهلاً، صحيح أن الواقع هش، وغزة عبارة عن رمال متحركة، لكن ثمة موانع سياسية، تمنع أو تؤخر أي مواجهة قريبة بين إسرائيل والمقاومة في غزة”.
وأضاف شلحت، في تصريح صحافي: حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة، وتدير مقاليد الحكم فيه، وتتصدر مشهد المقاومة من خلال جناحها المسلح، لا يبدو أنها متحمسة لحرب، خاصة في ظل الحصار، وعدم إعمار ما خلفته الحرب الأخيرة.
-وتابع، إن الجراح لم تندمل بعد، المقاومة تحتاج إلى استعداد أكبر، وهناك عوامل أخرى قد تمنع حدوث هذه المواجهة قريباً.
ومن شأن العامل الدولي -كما يرى شلحت- أن يكون “مانعاً”، أمام أي مواجهة، مستدركاً بالقول: “الوضع ليس مثالياً، أيضا بالنسبة لإسرائيل كي تشن حرباً على غزة، لا يوجد مبررات، وقد يكون خطاب المقاومة في غزة عاطفياً، أو بهدف إيصال رسالة بأنها قادرة على المواجهة”.
وكان المتحدث الرسمي باسم “كتائب القسام”، أبو عبيدة، حذّر في كلمة له أخيراً، الجيش الإسرائيلي، من الإقدام على شن حرب على قطاع غزة.
ويقول شلحت، إنه “في حال جرت مصالحة بين تركيا وإسرائيل، قد يكون دافعاً أمام الأخيرة لتحسين الوضع الإنساني في غزة؛ ما قد يمنع تدهور الأمور الأمنية”.
ويؤكد مسؤولون أتراك أن تطبيع العلاقات مع إسرائيل، مرهون برفع الحصار عن غزة.
وشنت إسرائيل في 7 تموز/ يوليو 2014، عدواناً على غزة، استمر 51 يوماً، أدى إلى استشهاد 2322 فلسطينياً، وإصابة نحو 11 ألفاً آخرين، وفق وزارة الصحة الفلسطينية، فيما أفادت بيانات رسمية إسرائيلية مقتل 68 عسكرياً، وأربعة مدنيين، إضافة إلى عامل أجنبي واحد، وإصابة 2522 شخصاً، بينهم 740 عسكرياً، خلالها.
ويرى تيسير محيسن، المحلل السياسي، ومدرس العلوم السياسية في جامعة الأزهر في غزة، أن المقاومة في غزة وإسرائيل “تتبادلان الرسائل السياسية، من خلال التهديدات المتبادلة”.
ويضيف محيسن، في تصريح صحافي، “في الوقت الراهن، وأمام هذه المعطيات، لا يوجد أي مؤشرات تقول، إن هناك حرباً في الأفق”.
وأكمل “ما يتم تبادله بين حماس وإسرائيل عبارة عن رسائل سياسية، قد يكون الهدف منها، هو التذكير من قبل الطرفين، أن هناك استحقاقات لم يتم إكمالها فيما يتعلق بشروط التهدئة”.
وفي 26 آب/ أغسطس 2014، توصلت إسرائيل وحماس، برعاية مصرية، إلى هدنة بعد حرب امتدت 51 يوماً، وتضمنت بنود الهدنة رفع الحصار عن غزة.
وتوافق الجانبان الفلسطيني والإسرائيلي، في 23 أيلول/ سبتمبر 2015، على عقد مفاوضات غير مباشرة، بوساطة مصرية، بهدف تثبيت التهدئة، ولم يتم تحديد موعد جديد لاستئناف تلك المفاوضات حتى اليوم.
ركام الحرب
ومن بين العوامل التي قد تؤخر الحرب بحسب محيسن، أن حركة حماس، تدرك جيداً معاناة قطاع غزة، مستدركاً بالقول: “ركام الحرب الأخيرة، لا يزال يذكّر الجميع بأن آثار العدوان المدمر لم يندمل”.
وأضاف: إن حركة حماس تدرك جيداً، أنها في مرحلة الإعداد والتجهيز، وسكان القطاع يعانون نفسياً واقتصادياً… باعتقادي أن المقاومة في غزة، معنية بالتخفيف من هذه المعاناة، ومن مصلحتها أن تحافظ على الهدوء لأطول وقت ممكن.
ويتفق مخيمر أبو سعدة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، مع سابقيه في أن الوقائع على الأرض، لا تستدعي شن حرب جديدة على القطاع.
ويقول أبو سعدة: إنه من غير المقبول أن تقوم إسرائيل بشن حرب، مقابل ما تقوله حركة حماس، إنها معركة إعداد.
وتتهم إسرائيل كتائب القسام، بحفر أنفاق في المناطق الحدودية من قطاع غزة، بهدف “تنفيذ عمليات مسلحة ضد الجيش الإٍسرائيلي”. كما تقول، إن حماس تُجري تجارب صاروخية لاختبار دقتها ومداها.
ويتابع أبو سعدة، “إسرائيل تعلم أن حماس ترمم قوتها بعد الحرب، وتقوم بتجهيز الأنفاق تحت الأرض، والقيام بتجارب صاروخية، لكن أيضاً هي تدرك أن الحركة المسيطرة على القطاع، تريد التخفيف من معاناة مليوني فلسطيني يقبعون في ظل حصار خانق يستمر للعام العاشر على التوالي”.
ويرى المحلل السياسي، أن الحكومة الإسرائيلية، لن تغامر بشن حرب قد لا تؤدى إلى النتائج المطلوبة والمتمثلة بالقضاء على بنية “حماس” العسكرية.
وكان وزير الدفاع الإسرائيلي، موشيه يعالون، قال: إن على الجيش الإسرائيلي التعامل بروية ومسؤولية مع أنفاق المقاومة الفلسطينية على طول الحدود مع قطاع غزة.
وبثت القناة العبرية العاشرة، الجمعة الماضي، تقريراً مطولاً عن مخاوف مستوطني “غلاف غزة”، من وصول الأنفاق القادمة من غزة إلى أسفل منازلهم.
وأوضح التقرير أن بعض سكان المستوطنات المحيطة بقطاع غزة، هجروا مساكنهم بعد سماعهم أصوات حفر أسفلها، فيما أظهر لجوء أحد مستوطني الغلاف للنوم وبيده سكين؛ خشية مباغتته من مجموعة مقاومة قادمة من القطاع عبر نفق.