الحدث- محاسن أصرف
مع وصول وفدي حركتي "فتح" و "حماس" لبدء مباحثات استكمال تنفيذ اتفاقيات المصالحة الوطنية بينهما أمس في العاصمة القطرية الدوحة، انقسم الشارع الفلسطيني بين متفائل ومتشائم.
قلة هم من تسلحوا بالأمل لإمكانية لم شمل جسد الوطن المبتور منذ عام 2006، والعمل على تطبيق اتفاق المصالحة والبدء بتنفيذه عبر خطوات عاجلة تبدأ بتشكيل حكومة وحدة وطنية تُمارس أعمالها على أرض الواقع في قطاع غزة والضفة المحتلة، مرورًا بالدعوة إلى انتخابات تشريعية ورئاسية من شأنها تجديد الدم السياسي، فيما عبّر الغالبية عن تشاؤمهم مؤكدين بالقول "لن تتم المصالحة" واتخذوا من المحاولات الفاشلة على مدار السنوات العشر الماضية وسيلة لإثراء تشاؤمهم.
"الحدث" تابعت آراء الفريقين ونقلتها إليكم:-
فقدنا الثقة
"لا أثق بنوايا القيادة السياسية الفلسطينية المجتمعة اليوم في الدوحة"، هكذا عبّر المواطن هاني حرزالله (25 عامًا) عن موقفه من مباحثات استكمال تنفيذ اتفاقات المصالحة، وأضاف لـ "الحدث" :"ذات القيادة تجتمع في كل مرة وتتفق على التنفيذ لكنها بمجرد العودة إلى الوطن تتنكر لكل ما اتفق عليه تحت ذرائع مختلفة، لقد فقدنا الثقة بهم جميعًا".
وعقب مبتسمًا :" المثل الشعبي يقول "لو فيها زيت لضوت"، وهكذا المصالحة نُحاول تطبيقها من عشر سنوات دون جدوى".
وتوافقه الرأي الطالبة أسماء النجار (19 عامًا)، وتُضيف لـ"الحدث" منذ التاسعة من عمري أعيش الحصار والانقسام السياسي، وتابعت :"تعرضنا لثلاث حروب وفي كل مرة يخرجون بنظرية ضرورة تطبيق المصالحة وتوحيد الوطن، لكن لا يتم ذلك"، واستكملت بالقول :"فشل المحاولات خلال السنوات العشر الماضية عززت لدىّ وغالبية جيلي فكرة الشك بنوايا القيادات المجتمعة للمصالحة، بتنا لا نثق بما يقولون".
فشلٌ جديد
وخلال متابعة "الحدث" لما كُتب عن مباحثات تنفيذ اتفاقيات المصالحة، وجدنا أن التشاؤم تسلل لبعض الساسة وقادة الرأي في المجتمع الفلسطيني، فعبروا من خلال مواقع التواصل الاجتماعي عن خشيتهم من تكرار مسلسل الفشل لجهود تطبيق المصالحة، وقال د. رامي عبده عبر صفحته على فيس بوك أن :" الحديث عن محادثات فتحاوية حمساوية في قطر لن يكتب له النجاح"، علل أسباب ذلك بعدم صدق نوايا الفريقين، بالإضافة إلى أن المحادثات تتجاوز عنصر مهم على الأرض في غزة، هو فريق محمد دحلان- كما قال-.
ولم يختلف عنه الكاتب عبد الله السعافين، الذي بدا متشائمًا جدًا من إمكانية نجاح المباحثات وإفضائها إلى خطوات عملية على الأرض وقال عبر صفحته على فيس بوك :" المصالحة مرهونة برضا عباس، والأخير يرهنها برضا السيسي"، وتابع ساخرًا :"مصالحة لن تتم لا برضا الله ولا برضا الوالدين".
تفاؤل حذر
وعلى الرغم من الأغلبية المتشائمة إلا أن فريقًا من الفلسطينيين لازال يُعلق آمالًا على المباحثات بالخروج باتفاق عملي تبدأ خطواته سريعًا بتشكيل حكومة وحدة وتمكينها من تسيير أمور قطاع غزة والتعامل مع القضايا الوطنية حزمة واحدة بعيدًا عن أي تنافر سياسي.
ونقلت "الحدث" عن هاني البسوس الكاتب والمحلل السياسي، تفاؤله بأن تُثمر المباحثات التي تدور في الدوحة عن فتح صفحة وطنية جديدة من المصالحة والثقة والبناء والتنمية، وقال في إحدى منشوراته على فيس بوك :"إن شاء الله تتم المصالحة وتدوم هذه المرة"، وتابع أن عنصر الأمل الجديد في هذه المباحثات يتمثل في الدور التركي كإضافة نوعية للجهود القطرية، مؤكدًا أن آلية التطبيق مرهونة بمدى الثقة بين الفصيلين الأكبر على الساحة الفلسطينية (فتح وحماس)، لافتًا إلى أن الأمور قد تكون أكثر جدية هذه المرة، خاصة في ظل تصريحات إيجابية من كلا الفصيلين.
من جانبه أكد سامي أبو زهري الناطق الإعلامي لحركة حماس في غزة ، أن الجهود المبذولة في الدوحة تأتي في إطار التوافق على تطبيق اتفاقيات المُصالحة السابقة، بالإضافة إلى التفاهم على ملفي دعم انتفاضة القدس وتشكيل حكومة وحدة وطنية تؤدي مهامها في شقي الوطن بصورة موحدة.
ورغم توصل حركتا فتح وحماس خلال أبريل 2014، إلى اتفاق ينهي الانقسام الداخلي، ووضع آليات لتنفيذ اتفاق المصالحة، إلا أنه لم يتم واقعًا وبقيَّ معلقًا في مهب الريح.