الإثنين  25 تشرين الثاني 2024
LOGO
اشترك في خدمة الواتساب

صلاح هنية يكتب: لماذا تراجعت مقاطعة المنتجات الإسرائيلية؟

2016-02-11 02:01:46 PM
صلاح هنية يكتب: لماذا تراجعت مقاطعة المنتجات الإسرائيلية؟
مقاطعة

 

بقلم: صلاح هنية

 

السؤال الذي يلح على المواطن/ة اليوم، ما هو الفرق بين سوبر ماركت رامي ليفي وبين بقية السوبرماركت في فلسطين الا أن الاول يقع في مستوطنة؟

 

يطرح هذا السؤال بقوة لحظة استعادة الشركات الإسرائيلية السوق الفلسطيني منذ شهر رمضان المبارك في تلك اللحظة المفصلية اغمض الجميع عيناه عن هذه المسألة ولم يقم لها وزنا، الأمر الذي جعلها ككرة الثلج تتدحرج    حتى استقرت في حجر كل من دعا إلى مقاطعة المنتجات الإسرائيلية، فبات هو المتهم وهو المقصر وهو المذنب، وكأنه هو الحكومة وهو القطاع الخاص وهو المستهلك في ذات، وكل من جهات الاختصاص نفضت يديها من الأمر.

 

نعم قصرت الحكومة الفلسطينية من خلال جهات الاختصاص المنصوص على صلاحياتها دعم وتشجيع المنتجات الفلسطينية والتنمية الصناعية وتقوية القطاع الزراعي وتمكينه، فلم تعلن ولم تنفذ خطة لدعم المنتجات الفلسطينية، لم توضع عوائق غير جمركية تعطل قليلا المنتجات غير الفلسطينية سواء اعتمادا على المواصفة الفلسطينية أو اعتمادا على الشروط الصحية او كلاهما.

 

نعم وقفت وزارات الاختصاص الفلسطينية موقف المتفرج وكأنها تتابع مباراة بين فريقين متوازيين في القوة وهما ليسا كذلك، فالشركات الإسرائيلية تلقى دعما غير محدود من الحكومة الإسرائلية وقوى الضغط والتأثير هناك، بينما فلسطينيا فأن الشركات (( مضروبة بحجر كبير )) حتى أن شارعا يؤدي لمصنع لا يتم تعبيده، وتحفيزا للمنتجات الفلسطينية لا يحدث، وغيابا للرؤية والقدرة على فتح اسواق جديدة أو حتى التمكين للحفاظ على حصة سوقية دون منافسة غير عادلة.

 

لم تستطع الحكومة من توفير اسعار عادلة لمدخلات الانتاج سواء اسعار الكهرباء والمحروقات والمياه والنقل، لم تساعد المنتجات الفلسطينية على فتح اسواق جديدة، حتى أن القطاع الخاص الفلسطيني بات يتهم الحكومة انها تفضل الشراء من السوق الإسرائيلي لتحصيل المقاصة كأكبر عائد من الضرائب لا توازيه مداخيل البيان الجمركي عبر الاستيراد، وعندما يتم الاستيراد باقل من القيمة الجمركية المرصودة من قبل ادارة الجمارك في وزارة المالية نتيجة لعوامل العرض والطلب وانخفاض الاسعار في السوق العالمي يصبح المستورد متهما بالتهرب الضريبي لأنه يخفض الاسعار للمستهلك.

 

حتى أن وزارة التربية والتعليم العالي ما قبل الوزير الحالي توجهت شفويا لجمعية حماية المستهلك في محافظة رام الله والبيرة انهم لن يسمحوا بدخول الشركات الفلسطينية إلى المدارس ليقوموا بعمل دعائي من خلال توزيع المنتجات على الطلبة تزامنا مع نشاطات الجمعية التوعوية، وهذا سبب ارباكا لدى الشركات التي باتت ترسل منتجاتها على استحياء ولا تقوم باي نشاط اخر احتجاجا على موقف الصحة المدرسية في الوزارة، ومن ثم تراجعت معظم الشركات عن نشاطاتها في المدارس.

 

وقصر القطاع الخاص الفلسطيني الذي لم يلتقط تسعة عشر شهرا من مقاطعة المنتجات الإسرائيلية منذ ليلة العدوان على غزة لغاية استعادت المنتجات افسرائيلية لمكانتها في السوق الفلسطيني، اذ افترض انه سيتربع على عرش حصة سوقية واسعة وحجم مبيعات واسعة نتيجة لغياب المنافس القوي الإسرائيلي، رغم أن بعض الشركات قامت بتوسيع خطوط الانتاج وتنويعها الا انها ظلت تدور في ذات الحلقة المفرغة غياب المنافسة والشعور بالسيطرة على السوق، وعجزت عن كسب عقول وقلب وحاسة التذوق لدى المستهلك الفلسطيني.

 

ولعب التجار الفلسطينين دورا سلبيا في المبالغة في تقدير خسائرهم نتيجة غياب المنتجات الإسرائيلية فمنهم من صمد اسبوعا على المقاطعة ومنهم من صمد شهرين، وخيرهم من صمد تسعة عشر شهرا، ولكنهم جميعا في الهم شرق، وبات المنتج الإسرائيلي لدى التجار هو مفتاح النجاح والتوفيق والتفوق، ولم تعد معايير التجارة المستقيمة والامانة والدقة في المواعيد والسعر المنافس والحوافز للزبون عوامل ذات قيمة عند بعض التجار الذين باتوا يسندون الرزق على المنتجات الإسرائيلية.

 

لعب البعض على الوتر العاطفي للمستهلك ووقع المستهلك في الفخ فبات اسيرا لرغبة التاجر الذي قلل من قيمة وجودة ونكهة المنتجات الفلسطينية، وبات المستهلك استاذا في تقييم المنتجات الفلسطينية وجودتها وسعرها سلبيا، وبات يعلن انه افتقد التنوع في السوق الفلسطيني، وهنا جاء المقتل وتم اتهام المستهلك انه هو الذي طلب عودة الإسرائيلي.

 

ولم يقم احدا وزنا للمواطن المقاطع للمنتجات الإسرائيلية وبات غير مرغوبا به تجاريا، خصوصا ذلك الباحث عن المنتجات الفلسطينية والذي يعرف حق المعرفة معاني التنمية الاقتصادية والمواطنة والانتماء وهم كثر.

 

ولأن حملات مقاطعة المنتجات الإسرائيلية كانت عبارة عن تكرار ممل في بعضها، وتنظيرا وكلاما في معظمها وكان محور التنظير ان الجميع متهم وهم اصحاب الرؤية الثاقبة، وهناك من اجتهد وجد وتواصل مع التجار وحارب من أجل تعزيز المنتجات الفلسطينية ووصلوا إلى المدارس والجامعات وعقدوا تحالف مع البلديات لجعل المدن والقرى نظيفة من المنتجات الإسرائيلية، ولعبت بلدية بيتونيا دورا يفتخر به في هذا المجال،  الا أن مجمل الامر في المقاطعة كان الغياب الامر الذي ترك فجوة تمكنت من خلالها الشركات الإسرائيلية من اختراقها، وتخويف الشركات الفلسطينية من خلال حديث مباشر أو غير مباشر انكم تلعبون بالنار عندما تذهبون إلى مدرسة أو جامعة للترويج لمنتجاتكم.

 

ووقف الاعلام موقفا سلبيا من تغطية قصص نجاح المنتجات الفلسطينية وبالغ في التعرض للسلبيات من خلال تضخيم عمليات ضبط لاغذية فاسدة دون تحديد مصدرها، ومحاولة بعض المحطات الاذاعية ومواقع التواصل الاجتماعي من تضخيم حالة محدودة في منتج فلسطيني لا تشكل قاعدة ولا يقدروا عاليا منتجا جديدا او الحصول على شهادة جودة عالمية لمنتجات فلسطينية، وحتى توضيح بعض القضايا التي اثيرت وضخمت لم تؤخذ بالحسبان بل ظل الانطباع ان الخطأ غير المقصود هو الاساس.